دور الترجمة في تشكيل التفكير الإنساني عبد السلام بنعبد العالي: ماذا لو كانت اللغة هي التي تترجم؟

احتضن المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، نهاية الأسبوع الماضي الجمعة ، لقاء دراسيا نظمته الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة التابعة لأكاديمية المملكة المغربية حول موضوع «لماذا نترجم؟».
وتمثل الهدف من هذا اللقاء، الذي ترأسه مدير مكتب تنسيق التعريب بالرباط، عبد الفتاح الحجمري، في مقاربة الممارسة الترجمية في أبعادها الفلسفية عبر طرح يتخطى المستوى المعجمي والتقني.
وقال الحجمري، وهو أيضا منسق الأكاديمية العليا للترجمة، إن «هذا اللقاء الثقافي الذي تفتتح به الأكاديمية برنامجها الأكاديمي السنوي، يأتي أيضا بمناسبة اليوم العالمي للترجمة الذي يصادف 30 شتنبر من كل سنة».
وأضاف مدير مكتب تنسيق التعريب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الندوة تشكل دعوة للاعتراف بأهمية هذا الفعل الفكري الإبداعي في عملية تشكيل الفكر الإنساني.
من جانبه، أبرز عضو أكاديمية المملكة المغربية عبد السلام بنعبد العالي العلاقة العضوية التي تربط الترجمة بالفلسفة، مؤكدا أن «فعل الترجمة من صلب عملية التفكير وهو نصف الممارسة الفلسفية».
وأكد بنعبد العالي في مداخلة بعنوان «وماذا لو كانت اللغة هي التي تترجم؟»، أن «الترجمة، بصفتها آلية لإعمال الفكر، تعتبر لحظة سابقة لكل تفلسف، وهي المنطلق الفكري لسبر أغوار النص الفلسفي الذي ينطوي على كثافة سيميولوجية كبيرة لا سبيل للإحاطة التامة بها حتى من قبل مؤلفه».
وأوضح، في هذا الصدد، أن «كل المفاهيم الفلسفية المؤسسة كانت لتبقى دون أية جدوى بالنسبة لعملية التفكير لو بقيت حبيسة المفهوم المعجمي في النص الأصلي»، مشيرا إلى أن «هذه المفاهيم تكتسب طاقات تأويلية متجددة في حضن لغات أخرى، بل إن الترجمة قد ترقى في بعض الأحيان بالنص الأصلي على مستوى التفكير الفلسفي».
من جانبه، أبرز عبد المجيد جحفة أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في مداخلة بعنوان «ضرورة الترجمة»، أهمية الترجمة بالنسبة لعملية التفكير عبر الانطلاق من طرح عكسي يفترض «عدم وجود الترجمة» بهدف محاولة التوصل إلى إجابة عن الإشكالية الأصلية؛ «لماذا نترجم؟»
وأكد جحفة، في هذا السياق، أن «غياب الترجمة كان ليجعل من التفكير عملية صلبة وجافة، ومن العالم مكانا تشكل فيه اللغة حدودا لا يمكن للأفكار أن تتجاوزها».
وأضاف أن الترجمة أولا «حاجة ملحة سرعان ما تفرض نفسها في مسار البحث عن المعرفة باعتباره غريزة متأصلة في الإنسان»، كما أنها أيضا «حاجة فكرية لا محيد عنها بالنسبة لعملية التفلسف لما تشكله من تجديد للمفاهيم الموجودة وتوليد لمفاهيم جديدة، محققة بذلك الديمومة الفكرية اللازمة لاستمرار العيش المشترك».
يذكر أن الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة التابعة للأكاديمية المملكة المغربية، تضطلع بمهمة تشجيع أعمال الترجمة بالمغرب وخارجه بين اللغة العربية أو اللغة الأمازيغية واللغات العالمية الأخرى.
كما تضطلع هذه الهيئة على الخصوص بالقيام بأعمال ترجمة المؤلفات والدراسات والأبحاث العلمية المرجعية الأصيلة في مختلف مجالات العلوم والفكر والثقافة والتراث والحضارة، وتشجيع البحث العلمي في قضايا علم الترجمة وتطبيقاته، والعمل على تطويره بتنسيق مع الهيئات والمؤسسات العلمية المختصة سواء الوطنية أو الدولية.


بتاريخ : 01/10/2024