دوّي التفجيرات تواصل إلى غاية الساعات الأولى من صباح السبت
فارقت الحياة طفلة لا يتجاوز عمرها خمس سنوات، منتصف ليلة الخميس 27 يوليوز، بعد أن رمى شخص بقنينة غاز البوطان من الحجم الصغير وسط كومة من العجلات المشتعلة بحي سيدي موسى بسلا، أثناء تجمع عدد من الأطفال والمراهقين، مما تسبب في إصابة الصغيرة بشظايا انفجارها، الأمر الذي ترتّب عنه وفاتها بعد وصولها إلى المستشفى متأثرة بتداعيات الإصابة. وفي حادث مماثل لقي قاصر يبلغ من العمر 17 سنة بإقليم سطات مصرعه متأثرا بالإصابة الناجمة عن رمي قنينة غاز بوطان من الحجم الصغير دائما، التي تم الرمي بها وسط نيران مشتعلة في إطارات مطاطية بأحد الشوارع المتواجدة بديور اتصالات طريق ابن احمد، في حين يوجد قاصر آخر في وضعية صحية حرجة بالمستشفى الإقليمي الحسن الثاني بسطات، جراء الجروح البليغة التي تعرض لها بدوره خلال نفس الحادث.
ووفقا لمصادر «الاتحاد الاشتراكي» فقد استقبلت مصالح المستعجلات بالعديد من المستشفيات مجموعة من المصابين بحروق متفاوتة الخطورة جراء الطقوس النارية لـ «احتفالات» عاشوراء، كما هو الحال بالنسبة بمستشفيات في مدينة الدارالبيضاء، في حين جرى تحويل الحالات التي تم وصفها بـ «الحرجة» صوب مستعجلات مستشفى ابن رشد، كما تم خلال نفس الليلة تسجيل حوادث سير متعددة، والوقوف على انفجارات بسبب الاستعمال غير المسؤول لقنينات غاز البوطان من طرف متهورين، بحثا منهم عن المزيد من «الإثارة» العنيفة، ذات البعد «’الدموي»؟
ولم يتمكن سكان العديد من الأحياء في مختلف مدن المملكة من الإحساس بلذة النوم أو الخلود إلى الراحة مساء أول أمس الخميس، بسبب دوي المفرقعات الذي استمر طيلة الليل وإلى غاية الساعات الأولى من صباح الجمعة، إذ ولحدّ الساعة الرابعة والنصف كان صوت التفجيرات يصل إلى الآذان، متسببا في أذى متواصل لم يتوقف ولو لوهلة؟ وعاشت مدن باختلاف أحيائها وأزقتها «حروبا» باستعمال المفرقعات، كما هو الحال بالنسبة للدارالبيضاء، وتحديدا على مستوى عمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان بالدارالبيضاء، نموذجا، حيث استمرت التفجيرات بهذه المنطقة لساعات طويلة، بمساهمة أطفال ويافعين وشباب، وحتى بعض المتقدمين في السنّ الذين من المفروض أن يكونوا من «العقلاء».
و»تسلّح» المشاركون في هذه «المعارك» بمفرقعات وشهب اصطناعية وألعاب نارية مختلفة الحجم والقوة، التي تباين دوّيها بشكل حضر فيه التنافس بين المتراشقين، غير عابئين بالضرر الذي قد ينجم عن الأمر، أكان ضررا معنويا، من خلال إزعاج راحة وسكينة المواطنين، خاصة الرضع والحوامل والمسنين، أو ماديا، كما وقع على مستوى حي درب الشرفاء والطلبة، بعد أن تسببت هاته «الطقوس» البعيدة كل البعد عن المناسبة في أبعادها المختلفة، في إضرام النيران في محلّ للأفرشة، وهو ما أدى إلى احتراقه بشكل كلّي، فيما امتدت ألسنة النيران إلى باقي طوابق المنزل، وكادت الأمور تخرج عن السيطرة وأن تستعر ألسنة اللهب في مرافق مجاورة أخرى لولا الألطاف الإلهية والتدخلات التي تم القيام بها.
حريق كان من المتوقع أن يتم تسجيل حادث مماثل له، بالنظر لحجم وعدد المفرقعات التي تم تداولها على مستوى أحياء درب السلطان، وهو ما كنا قد أشرنا إليه في مقال سابق، ووقفنا عند حريق سبق وأن اندلع في شقة بحي الأمل في مناسبة سابقة، مما يؤكد على أن عملية التعاطي مع «الظاهرة» والعمل على احتوائها وتطويقها من أجل الحدّ من حجم الأضرار لم يتم بالشكل المطلوب، إذ ظلت الألعاب النارية المختلفة في متناول الجميع طيلة الأسابيع الفارطة وارتفع حضورها بشكل لافت خلال الأيام الأخيرة، مما جعل عمليات «التفجير» تتم كل ليلة إلى ما بعد منتصف الليل.
ويؤكد عدد من المتتبعين على أن الحرب ضد المفرقعات هي أكبر من إمكانيات السلطة المحلية وأعوانها، وحتى من المصالح الأمنية في بعض الحالات، لأن كل تدخل للحدّ من انتشارها يجب أن يتم على مستوى النقاط الحدودية لا أن تتم «مطاردتها» بعد ذلك، لأنه متى ولجت إلى داخل التراب الوطني وانتشرت في المدن يكون تعقّبها ووضع اليد عليها مستعصيا، إذ في الوقت الذي يتم فيه حجز عدد معيّن، تكون كميات أكبر قد تم تداولها على نطاق واسع، وهو ما تؤكده المشاهد المتداولة والأحداث التي يتابعها الجميع في الشارع العام أو من داخل المنازل، عبر السمع الذي يصل إليه دوّي التفجيرات والأعين التي تتابع الشهب التي ترمى في السماء عاليا؟
ووجدت مصالح الوقاية المدنية نفسها مجنّدة بمناسبة عاشوراء من أجل التدخل في مختلف الأحياء لإخماد النيران، سواء تلك التي قد تطال الممتلكات بسبب رمي المفرقعات والشهب، كما وقع في درب السلطان، أو تلك التي تشبّ في إطارات مطاطية وأخشاب وغيرها، التي يتم إشعالها من أجل اللهو والقفز فوقها ورمي المفرقعات وسطها وحتى قنينات غاز البوطان، كما وقع في كل من سلا وسطات، والتي تتسبب أدخنتها كذلك في تبعات صحية، خاصة بالنسبة لمن يعانون من أمراض تنفسية ومن صعوبات في التنفس؟ وأكدت مصادر طبية لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أن الوضع يكون حرجا في أيام عاشوراء، نظرا لأن تلك الممارسات تتم قبل «الحدث» وبعده لأيام كذلك، مخافة وقوع إصابات مختلفة، ناجمة عن هذا الاستعمال الكبير والعشوائي للمفرقعات، مبرزة أنه قد تترتب عن هذا الأمر وفيات وإصابات بعاهات مستديمة، خاصة على مستوى العين، وبحروق من مستويات مختلفة، وهو ما يتطلب التعامل مع ما يقع بكثير من الحذر والمسؤولية.