رئيس مجلس النواب خلال استضافته في برنامج من المغرب على قناة فلسطين

الحبيب المالكي: نفكر في إحداث جبهة برلمانية للتنديد بالممارسات

المتبعة حاليا من طرف الحكومة الإسرائيلية

 

o أهلا وسهلا بكم السادة المشاهدين في هذه الحلقة الخاصة من برنامج ‘من المغرب’ ضيفنا اليوم هو مناضل وسياسي مغربي عتيد ورجل دولة بامتياز، كما أنه أحد الأسماء المعروفة بمناصرتها ومساندتها للقضية الفلسطينية على امتداد سنين نشاطه وعمله السياسي.
ضيفنا اليوم هو السيد الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب المغربي، فأهلا وسهلا بك السيد الحبيب ضيفا عزيزا على شاشة تلفزيون فلسطين.
n شكرا، شكرا جزيلا الأخ الكريم على استضافتي.

o أهلا وسهلا بك، سيد الحبيب وقبل الخوض في التفاصيل نود أن نسألك عن مركزية ومحورية القضية الفلسطينية في روح أعمال مجلس النواب المغربي. يعني مجلس النواب المغربي هو مجلس تعددي من كتل برلمانية ذات مرجعيات سياسية وايديولوجية مختلفة تختلف وتتنافس على كل شيء يتعلق بالمملكة المغربية، البرامج التنموية، المواقف السياسية، البرامج الاجتماعية بحكم ما يمتاز به البرلمان من حياة ديموقراطية إلا في القضية الفلسطينية هناك اتفاق دائم على كل ما يتعلق بالمواقف السياسية والنضالية المرتبطة بالقضية الفلسطينية . يعني كيف أو ما هي العوامل التي كرست القضية الفلسطينية كقضية إجماع دائم في البرلمان المغربي.
n في الواقع كما ذكرت فالقضية الفلسطينية دائما كانت قضية إجماع، كيفما كانت المنطلقات السياسية وكيفما كانت المرجعيات الأيديولوجية وذلك لأسباب مختلفة: أولا لا يمكن فصل موقف مجلس النواب وعموما البرلمان المغربي عن المواقف المهمة التي تكتسي ودائما كانت تكتسي بعدا قوميا يتميز بأبعاد متعددة، ما هو سياسي ما هو تضامني وما هو ميداني بكيفية ملموسة، وهنا لا بد من التذكير بدور المؤسسة الملكية حيث أن الموقف الذي نعتبره الموقف المؤسس من طرف بطل التحرير جلالة الملك المغفور له محمد الخامس سنة 1948 والذي اتخذ موقفا صارما إزاء كل ما له علاقة بالأراضي الفلسطينية خاصة أنه في تلك الفترة كانت هناك تحولات جيوسياسية متعددة أدت الى ما نعيشه اليوم ، إلى جانب ذلك دور المرحوم الحسن الثاني كان أساسيا من خلال اتخاذه عدة مبادرات: المبادرة الأولى تتعلق بالقمة الأولى لمؤتمر القمة الإسلامي سنة 1969، بعد ما تم من طرف أيادي خبيثة في ما يخص إحراق بيت القدس ومسجد القدس ، كان لذلك وقع مهم جدا وكبير وأدى إلى إحداث لجنة القدس التي ترأسها المرحوم الحسن الثاني إلى وفاته. كذلك مبادرة جلالة الملك الحسن الثاني رحمة لله عليه سنة 1974 إذا تذكرت جيدا مؤتمر القمة العربي، والذي أدى إلى قرار سياسي مهم جدا، وهو اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية المخاطب الوحيد والشرعي بالنسبة للشعب الفلسطيني، بمؤتمر الرباط في 74. بطبيعة الحال جلالة الملك محمد السادس الذي يترأس لجنة القدس اتخذ دائما مواقف مساندة للقضية الفلسطينية ولا يزال يواصل مساندته من خلال اتصالاته المتواصلة مع فخامة الرئيس أبو مازن وكذلك من خلال عدة مبادرات أخرى، ومن أهمها الرسالة التي بعث بها إلى الرئيس الأمريكي الحالي مستفسرا الأسباب المتعلقة بجعل القدس عاصمة للكيان الصهيوني.
كل ذلك يجعلنا نعتبر بأن تاريخ العلاقات مع القضية الفلسطينية هو تاريخ متجذر، تاريخ عريق ولا يمكن إلا أن نساند القضية الفلسطينية من خلال إجماع وطني أساسي وكبير، وتضامننا مع كفاح الشعب الفلسطيني هو جزء من كفاحنا لمواجهة كل التحديات الحالية، ونعتبر، نعتبر بأن مستقبل العالم العربي ومستقبل العالم الإسلامي مرتبط بمستقبل القضية الفلسطينية، لا يمكن الفصل بينهما، مسألة هوية، مسألة تاريخ، مسألة ثقافة ليست فقط مسألة جغرافية، كيفما كان البعد الجغرافي لكن نعتبر أننا جزء من الشعب الفلسطيني ونعتبر بأننا إحدى الركائز الداعمة والمتضامنة مع الشعب الفلسطيني

o يحظى البرلمان المغربي بمكانة وفاعلية على المستوى الإقليمي والدولي لاعتبارات مختلفة من ضمنها مكانة وجوار المملكة المغربية إلى جانب انفتاح البرلمان المغربي على الساحة الإفريقية والعالمين العربي والإسلامي بالإضافة إلى العلاقات المباشرة والمفتوحة مع الساحة الأوروبية والبرلمانات الأوروبية، كيف استثمرتم ذلك في دعم ومساندة القضية الفلسطينية واستثمار هذه العلاقات لتعزيز حالة المساندة المتعلقة بالقضية الفلسطينية؟ وخاصة أن لكم مبادرات في ذلك.
n صحيح، فنحن نعتبر بأن القضية الفلسطينية هي مصيرية وهي جزء من مستقبلنا كما أشرت، بل أكثر من ذلك فهي إحدى ركائز مستقبل العالم العربي والإسلامي، لذلك في كل المناسبات بارتباط مع لقاءاتنا إقليميا ، جهويا وحتى على مستوى البرلمان الدولي، دائما بتنسيق مع إخواننا الفلسطينيين، دائما نسعى إلى أن ندافع عن كل المكتسبات منذ الستينيات إلى اليوم، لكننا لمسنا في الفترة الأخيرة أن هناك تحولا في مواقف بعض الدول، وأعتقد شخصيا أن ذلك راجع إلى الوضع في العالم العربي، العالم العربي الآن، الصف العربي أصبح ليس موحدا، الصف العربي أصبح مشتتا، ذلك له انعكاس بطبيعة الحال على قضية مصيرية ألا وهي القضية الفلسطينية. لكن رغم ذلك كل البرلمانات العربية من باب الموضوعية والإنصاف، كلها مساندة مساندة مطلقة للقضية الفلسطينية كيفما كانت الأوضاع على مستوى العالم العربي.

o هل تشعرون بالتجاوب من أطراف إفريقية وأوروبية في ما يتعلق بالحديث عن القضية الفلسطينية؟ أو عندما يكون هناك حوارات تتعلق بالقضية الفلسطينية أو مواقف هل تشعرون بالتجاوب؟ تحديدا أتحدث عن الساحتين الأوروبية والإفريقية.
n الديبلوماسية الإسرائيلية في عدد من القارات وخاصة على المستوى الإفريقي تقوم بدور ملتبس تحت غطاء المساعدة والمساعدة بمفاهيمها المختلفة، لكن نلاحظ بأن الإقناع والاستمرار في التواصل وإشعارهم بأن القضية الفلسطينية ليست بقضية عابرة بل هي مرتبطة بمستقبل العالم العربي وبمستقبل كل مكونات بلدان العالم العربي، في هذا السياق نشعر بأنهم يستوعبون أكثر الأوضاع ويحاولون موضوعيا بالمطالبة بالمزيد من المعلومات، هذا ما نقوم به في كل المناسبات على المستوى الإفريقي داخل برلمان عموم إفريقيا، على سبيل المثال، الذي هو امتداد للاتحاد الإفريقي، وكذلك على مستوى كل البرلمانات الجهوية داخل القارة الإفريقية، شرقا، وسطا غربا وكذلك جنوبا، نقوم بذلك ونعتبر بأن الديبلوماسية البرلمانية في كل ما له علاقة بنصرة القضية الفلسطينية، مسألة أساسية رغم كل ما تقوم به الديبلوماسية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة.

o أريد أن أتحدث عن جزئية لها علاقة بأن هناك لجنة بالبرلمان المغربي هي لجنة الصداقة البرلمانية المغربية الفلسطينية، وهذه اللجنة تعنى تحديدا بالعلاقات الثنائية الفلسطينية المغربية وبين البرلمان المغربي والمجلس التشريعي الفلسطيني ومتابعة كل المواقف المتعلقة بالقضية الفلسطينية. سؤالي تحديدا كيف أثر تعطل المجلس التشريعي الفلسطيني لسنوات على النشاط المشترك ما بين البرلمان المغربي والجانب الفلسطيني، عن النشاط البرلماني المتعلق بالطرفين؟
n أعتقد بأن مجموعة الصداقة التي تربطنا بعدد من الدول نشاطها متفاوت لكن كما أشرتم، مع الأسف الشديد، ما يعيشه الآن المجلس التشريعي الفلسطيني لم يساعد على اتخاذ مجموعة من المبادرات، فقد قمنا بعدة مبادرات لكن الأوضاع المتأزمة حالت دون القيام بذلك، فبالإضافة إلى مجموعة الصداقة المغربية الفلسطينية قمنا بإحداث مجموعة عمل موضوعاتية خاصة بالقضية الفلسطينية سنة 2018. فمن خلال هذه المبادرة نحاول أن نواكب الواقع الفلسطيني وكل المستجدات التي تواكب الواقع الفلسطيني، وقد تم إحداث هذه المجموعة إلى جانب مجموعة خاصة بالقضية الوطنية، قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية، لذلك فإننا نعتبر أن قضيتنا الثانية بعد القضية الوطنية المتعلقة بالوحدة الترابية هي القضية الفلسطينية.
نأمل أن يسترجع المجلس التشريعي الفلسطيني تماسكه ووحدته لنتخذ كل المبادرات الهادفة إلى دعم والتضامن مع الإخوة الفلسطينيين الصامدين.

o نعم ونوجه التحية إلى كافة أعضاء مجلس النواب المغربي ولمجموعة الصداقة ولرئيستها السيدة فاطمة الزهراء اليحياوي.
هذا في ما يتعلق بالمجلس التشريعي السيد الحبيب، بالمقابل هناك علاقات تاريخية ومتجددة بالمجلس الوطني الفلسطيني بصفته الهيئة الوطنية العليا المكونة للشعب الفلسطيني، أود لو تطلعنا أو تعطينا لمحة عن طبيعة العلاقات والنشاط المشترك في الفترة الراهنة مع المجلس الوطني الفلسطيني، تحديدا في ما يتعلق بالتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية إلى جانب الشراكات في برامج ومواقف مختلفة ذات اهتمام مشترك.
n نحن دائما نسعى إلى توطيد كافة العلاقات مع المؤسسات التي تمثل الشعب الفلسطيني كيفما كانت الصعوبات، لكن أقول لك بكل صراحة في الفترة الأخيرة، مع الأسف الشديد، ولأسباب متعددة لست في حاجة إلى ذكرها، طموحنا لم يكن في مستوى ما تم إنجازه، لكن بهذه المناسبة أود أن أؤكد لك المواقف الثابتة للبرلمان المغربي بمجلسيه ومن خلال ذلك المواقف الثابتة والواضحة والداعمة للمملكة المغربية: أولا: الحفاظ على الأراضي الفلسطينية بكيفية تامة برغم كل المحاولات المبذولة من طرف الحكومة الإسرائيلية الحالية، وذلك طبقا للشرعية الدولية، النقطة الثانية تتعلق، بطبيعة الحال، بإطلاق سراح المعتقلين في السجون الإسرائيلية، النقطة الثالثة: عودة اللاجئين، والنقطة الرابعة المتعلقة بقدسية القدس وجعل هذه المدينة كما كانت دائما حضاريا تاريخيا دينيا منفتحة على الجميع، وهذا ما نؤكد عليه في جميع المناسبات. واتخذنا من المبادرات عندما كنت رئيسا للاتحاد البرلماني العربي سنة 2018، وكذلك عندما كنت رئيسا لبرلمانات الدول المنضوية في إطار منظمة التعاون الإسلامي، اتخذنا مجموعة من المبادرات في هذا الاتجاه وقمنا بكل ما يجب القيام به .
الديبلوماسية البرلمانية، أؤكد لكم، بأنها مهمة جدا وناجعة، لأنها صوت الشعوب،كيفية عامة، وبطبيعة الحال نسعى، كيفما كانت محدودية الوسائل، أن نقنع ممثلي الشعوب في مختلف المجالات، وهذه المبادرات الأخيرة أعطت مجموعة من الثمار ، بأن هناك وعيا عربيا إسلاميا تمكن من جعل القضية الفلسطينية، رغما عن كل السيناريوهات التي كانت تهدف إلى ما تهدف إليه، جعلت من هذا الوعي سلاحا وأداة للحفاظ على مكتسبات الشعب الفلسطيني.

o هل تترجمون ذلك باتصال أو لقاءات مع المجلس الوطني؟
n دائما نحاول، لكن كما أشرت الأوضاع داخل المؤسسات التمثيلية للشعب الفلسطيني، بكل صراحة، أحيانا لا تساعد.
أنا شخصيا أتأسف لأنه كان لنا طموح كبير في جعل العلاقات نموذجية من خلال تبادل الزيارات وتنظيم مجموعة من التظاهرات هنا و هناك، لأننا نومن إيمانا قويا وكبيرا بالقضية الفلسطينية لأننا نعتبرها قضية إجماع وأيضا قضية مصيرية بالنسبة لمستقبل العالم العربي فهي جزء منا وأؤكد لك أنها جزء منا.

o وهذا ما نلمسه بالمواقف التي تعبرون عنها في محكات صعبة ومختلفة، وهذا يفتح على السؤال المتعلق بمواقفكم في الفترة الأخيرة تحديدا في الأعوام الثلاثة الأخيرة، كانت توضيحات منكم وباسم مجلس النواب في ما يتعلق بإعلان ترامب إزاء اعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال، عبرتم عن رفضكم الواضح وكنتم جزءا من حراك مغربي واسع وشامل في مواجهة هذا الإعلان. الآن عبرتم كذلك عن رفضكم لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس ووصولا إلى إعلان دعمكم المطلق واللامشروط للشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية في مواجهة كل المخططات التصفوية بما فيها ما يندرج تحت ما يدعى بصفقة القرن، ومواجهة ذلك ودعمكم المطلق.
الآن سيد الحبيب وبصفتكم رئيسا لمجلس النواب المغربي، وفي ظل نوايا الاحتلال بضم الضفة الغربية، ما يعني تقويض حل الدولتين بالكامل، تصفية الحقوق الفلسطينية بالكامل. أمام هذا المخطط وهذه النوايا، ماهو موقفكم و ما هي الإجراءات التي نتوقع أن تتخذوها في البرلمان المغربي ؟ وفي المملكة المغربية؟
n نعتقد بأن سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية خارج الشرعية الدولية ولا تحترم بتاتا كل القرارات التي تم اتخاذها من طرف مجلس الأمن، لكن الحكومة الإسرائيلية الحالية مساندة من طرف بعض القوى، والصوت المتميز في هذا السياق هو صوت البرلمانات العربية ومن بينها صوت البرلمان المغربي، نحن نندد بكل المحاولات وكل المبادرات التي تهدف إلى ضم أراضي بكيفية لا علاقة لها باحترام القانون الدولي، ونعتبر بأن مطلب الأرض من طرف الإخوة الفلسطينيين وصمود الإخوة الفلسطينيين البقاء فوق الأرض وعلى الأرض هو المفتاح لحل القضية الفلسطينية، لا يجب أن نتوارى وراء تبريرات متعددة، البقاء على الأرض وفوق الأرض هو الحسم النهائي بالنسبة لمستقبل القضية الفلسطينية لذلك نحن نندد بكل المبادرات الهادفة إلى تقليص ملك الشعب الفلسطيني، وكما أشرتم هذا يهدف في نهاية المطاف إلى تقويض حل الدولتين، وهذا هو المخطط الصهيوني الجديد الذي تسعى إلى تحقيقه الحكومة الإسرائيلية الحالية.

o الحكومة الإسرائيلية الحالية مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، سياسة إدارة ترامب تعطي الضوء الأخضر بالكامل لكل المخطط الصهيوني، يعني هل سيستمر هذا الوضع؟ هل هناك آفاق لحدوث اختلاف في الموازين التي تحاول الولايات المتحدة فرضها على العالم؟
n أنا أومن بعبقرية الشعب الفلسطيني، وأومن بتاريخ الشعب الفلسطيني، وأومن بالعقل الفلسطيني، وبأن الصمود والمقاومة منذ عقود لا بد أن ينصفها التاريخ، أنا متأكد بأن التاريخ سينصف الشعب الفلسطيني، لذلك بقدر ما أثق في عبقرية الشعب الفلسطيني من خلال المحن التي عاشها بقدر ما أنا متأكد من أن التاريخ سينصفه.

o بمعزل عن أي سياسات عنصرية تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة حتى لو كانت تقف ضدها دول عظمى.
n طبعا طبعا.

o السيد الحبيب أريد أن أتحدث قليلا على مستوى مواقف البرلمانات دوليا و عربيا و إسلاميا، ففي ما يتعلق بالساحة الأوروبية حديثا شاهدنا مواقف جديدة ونوعية بما في ذلك موقف البرلمان البلجيكي وكذلك الهولندي، هذه البرلمانات التي طالبت دولها بفرض عقوبات على دولة الاحتلال في حال ذهبت نحو ضم الضفة الغربية، ألا تجدون بذلك فرصة لتشكيل جبهة رفض دولية لرفض الاحتلال والعمل على انهائه بالاستناد إلى القوة البرلمانية؟ ألم يحن الأوان إلى تفعيل حراك البرلمانات الصديقة تحديدا العربية والإسلامية نحو تعزيز هذا التوجه في الساحات المختلفة؟ وطرح مطالب جدية كالمطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية كرد على السياسات الإسرائيلية، كالمطالبة بمقاطعة البضائع الإسرائيلية والمنتجات والعلاقات التجارية معها في حال استمرت في نشاطها؟ ألا يوجد فرص في ذلك، ألا تعد الآن فترة ذهبية لإمكانية تفعيل الإرادة الدولية؟
n نحن نفكر في إحداث جبهة برلمانية للتنديد بالممارسات المتبعة حاليا من طرف الحكومة الإسرائيلية، وهي ممارسات خارج الشرعية الدولية، خارج القانون الإنساني، خارج منظومة الأمم المتحدة بجميع مكوناتها ونأمل في الاجتماع المقبل بمناسبة انعقاد المؤتمر البرلماني الدولي، الذي سينعقد في بداية السنة المقبلة، أن نؤسس لهذه الجبهة. لكن تحضيرا لهذا الأفق سنراسل كل البرلمانات التي تجمعنا معها اتفاقيات تعاون واتفاقيات تفاهم من أجل التحضير لهذه المبادرة حتى نوفر كل الشروط الممكنة، ونعتبر مرة أخرى، كما أشرت، بأن الديبلوماسية البرلمانية قادرة على الانفتاح وعلى الإقناع وعلى أن السلم في المنطقة مهدد وأن الأمن أصبح كونيا، ما يجري على الأراضي الفلسطينية إذا كان هنالك استقرار باقي الدول الأوروبية على سبيل المثال ستعيش استقرارا، وكذلك إذا لم يكن هناك استقرار على الأراضي الفلسطينية لا أعتقد أن العالم سيعيش استقرارا كاملا، فهذا الجانب الذي نسعى إليه ونعتبره مهما جدا سيساعد على التأسيس لهذه الجبهة، ونحن بصدد التحضير لها بمناسبة الدخول البرلماني المقبل إن شاء لله.

o السيد الحبيب، عربيا احتضنت الرباط سنة 2017 الدورة الاستثنائية لرؤساء البرلمانات العربية وبعدها بعام أي سنة 2018 احتضنت العاصمة المغربية أعمال مؤتمر اتحاد البرلمانات العربي، أكدتم في هذه المؤتمرات، وكان لكم تصريحات شخصية في هذه المؤتمرات تتعلق بشكل واضح بدعم القضية الفلسطينية، لقد أكدتم كبرلمانات عربية أن القضية الفلسطينية هي الأولى في محور الاهتمام العربي، والقضية الأولى في جدول اهتمامات البرلمانات العربية. أيضا تدارستم سبل مواجهة قرار ضم القدس وتهويدها وحمايتها من التهويد والاستيلاء.
هل ترى سيد الحبيب أن موقف البرلمانات العربية قد تجاوز مربع المواقف المعلنة نحو الفعلية على الأرض؟ بمعنى الآن كخطوة فعلية ممكن اتخاذها، هناك حصار مالي مفروض على الشعب الفلسطيني وعلى منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية من أجل تطويعه وإجباره على الاستسلام في ما تعلق بضم الضفة و بنود صفقة القرن.
أي يمكن الآن تفعيل قرار شبكة الأمان العربية التي أقرتها جامعة الدول العربية ؟ ألا يمكن للبرلمانات العربية أن تحقق ضغطا لتفعيل شبكة الأمان من أجل تعزيز صمود الشعب الفلسطيني ؟ هذا مثال على ما يمكن فعله الآن كخطوة فعلية.
n مع الأسف الشديد، وسأكون صريحا معك، البرلمانات العربية بصفة عامة تتخد مواقف مبدئية مساندة، لكن على مستوى التطبيق والمستوى الملموس ليست هناك مبادرات تترجم على أرض الواقع ما اتفقنا عليه سابقا، ماهي الأسباب؟ أقول لك لست أدري رغم أنني أدري، فأوضاعنا ليست بخير ، أوضاع العالم العربي ليست بخير.
وحتى الجامعة العربية في حاجة إلى إصلاحات عميقة لتستجيب لمتطلبات المرحلة، وكذلك نلاحظ بأن البناء الديموقراطي في العالم العربي مع احترام خصوصيات كل بلد من البلدان التي ننتمي إليها كعالم عربي، البناء الديموقراطي في حاجة إلى نفس جديد، في حاجة إلى دفعة جديدة.
لا أعطي الدروس لأحد لأنني أحترم خصوصيات كل بلد من البلدان الشقيقة لكن ربط القول بالفعل من أسباب وأسس المصداقية فمن دون ذلك ليست هناك مصداقية. وجلالة الملك محمد السادس يسعى دائما،دائما،دائما إلى ربط القول بالفعل، ويتخذ مبادرات ميدانية ملموسة، لجعل الالتزامات ليست فقط التزامات هوائية ومبدئية ولكن القدرة على ترجمتها لكي تصبح يعني مكسبا، هذا هو ما ينقصنا في أغلب الأحيان.

o كنتم قد وجهتم في شهر مارس من العام المنصرم وأثناء اجتماع لجنة فلسطين الدائمة التي عقدت في إطار أشغال الدورة 41 للجنة التنفيذية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ، كنتم قد وجهتم نداء ملحا إلى القيادات الفلسطينية في أعمال هذه الدورة المنضوية تحت منظمة التعاون الإسلامي، من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة التحديات المحدقة بالقضية. الآن هناك بوادر وخطوات فعلية اتخذت من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية، عبر عنها لقاء أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل رجوب والقيادي في حركة حماس العروري وأعلنوا عن أن المصالحة في طريقها إلى التحقيق . كيف نظرتم إلى هذه الخطوة وما هي نصائحكم في هذا الصدد؟
n أنا أعتبر أن وحدة الصف الفلسطيني أصبحت ضرورة حيوية بالنسبة لمستقبل النضال الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، فبدون وحدة الصف من الصعب جدا أن يتم إخضاع الحكومة الإسرائيلية لالتزاماتها، وكذلك إخضاعها لكل قرارات مجلس الأمن والمنظومة الدولية بصفة عامة. وأعتبر شخصيا كذلك بأن وحدة الصف الفلسطيني ستساعد على وحدة الصف العربي، لأن هناك تداخلا بينهما، وبقدر ما أن القضية الفلسطينية تتعثر بقدر ما أن الصف العربي يتعثر كذلك ويتمزق، وأنا متأكد أنه عندما يصبح الصف الفلسطيني موحدا فإن ذلك سيساعد على خلق وضع جديد ومنطلق جديد وآفاق جديدة للمستقبل، فهذا الترابط بينهما، بين وحدة الصف الفلسطيني ووحدة الصف العربي من شأنهما أن يسترجعا ما فقدناه في السنوات الأخيرة وأتمنى ذلك، لا يمكن إلا أن نساند كل المبادرات التي تهدف إلى استرجاع وحدة الصف الفلسطيني لأن في ذلك الأمل وبدون ذلك ليس هناك أمل. حتى على مستوى العالم العربي والإسلامي. بكل صراحة، نأمل أن يتم ترجمة ذلك من خلال مبادرات ملموسة في أقرب وقت ممكن لأن هذا التداخل وهذا التجاذب بين وحدة الصف الفلسطيني ووحدة الصف العربي من شأنهما أن يشكلا انطلاقة جديدة وأوكسيجينا جديدا بالنسبة لمستقبل القضية الفلسطينية التي نعتبرها قضيتنا جميعا، قضية مصيرية تهم مستقبل العالم العربي، فبدون نصرة القضية الفلسطينية من الصعب جدا أن نحلم باستقرار، بأمن، بازدهار على مستوى شعوب المنطقة.

o من واقع تجربتكم في المملكة المغربية، وهي تجربة تمتاز بالتعددية السياسية والشراكة في صناعة القرار، ومن أبرز تعبيراته هو طبيعة تكوين البرلمان المغربي المتعدد سياسيا وأيديولوجيا أيضا، وهي تجربة ليست سهلة بل جاءت نتيجة نضال طويل خاضته مختلف مكونات المملكة المغربية على مدار سنوات طويلة مضت وصولا إلى هذا المشهد التعددي والوحدوي.
من واقع تجربتكم سيد الحبيب، هذا التنوع في المرجعيات السياسية والأيديولوجية وبما في ذلك الاختلاف على البرامج حتى، هل يمكن أن يقف سدا منيعا أمام إمكانيات العمل المشترك في إطار مؤسسات الدولة الواحدة؟ وهنا أتحدث عن الواقع الفلسطيني وكيف يمكن للمغرب أن يشكل نموذجا للحالة الفلسطينية؟
n السياسة تسامح، السياسة إنصات، السياسة احترام للآخر، إذا لم نوفر كل هذه الشروط من الصعب جدا أن نمارس السياسة على هذا الأساس بكل صراحة.
الحركة الفلسطينية دائما كانت متعددة، متعددة المشارب الأيديولوجية، متعددة المشارب السياسية والثقافية كذلك في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، فتاريخ الحركة الفلسطينية المقاومة للاحتلال تعددية، أصلا كانت تعددية. أعتقد أن هذه التعددية والتي أعتبرها من أهم المكاسب التي يجب استثمارها والعمل على أساسها بالنسبة للمستقبل.
لا يجب أن نجعل من حساسية معينة أو مكون من مكونات الحركة الفلسطينية هو السائد، فالمقاومة تحتاج إلى التوافق، فبدون توافق من الصعب جدا أن نغير ميزان القوى في المنطقة والتوافق هو الذي من شأنه أن يغير ميزان القوى في المنطقة، بعد ذلك عندما يتم تحرير الأراضي الفلسطينية وعندما نوفر كل الشروط لإعطاء الكلمة للشعب الفلسطيني، حين ذاك سيعيش الشعب الفلسطيني مرحلة أخرى مرحلة جديدة.
لذلك لا يجب أن نسرع في تطبيق أجندة معينة، الأجندة الحالية والرئيسية الأولى والأخيرة هي تحرير فلسطين والعمل حول قيام دولتين.
هذا هو اعتقادي الشخصي، فالتعددية دائما كانت حاضرة داخل منظمة التحرير الفلسطينية، في الستينيات و السبعينيات وحتى في الثمانينيات، إذا تذكرت جيدا وإلى يومنا هذا، وهو ما يمكن اعتباره إحدى المصادر لجعل غد للصراع السياسي، إذا كان هناك صراع سياسي يوم الغد على أساس مواقف متباينة، وحلمنا جميعا أن تصبح غدا الدولة الفلسطينية دولة نموذجية في البناء الديموقراطي.

o إذن بالإمكان العمل رغم التعددية أو التباين في الأفكار والبرامج و الأيديولوجيات.
n طبعا طبعا، هذا يساعد ويغذي التنوع، ودائما فيه مصلحة للجميع.

o بصراحة في المغرب التيار الإسلامي حضر بقوة وشارك في مختلف الهيئات والانتخابات وتجربته حديثة بالمقارنة مع أحزاب الحركة الوطنية المغربية، ولكنه شارك واندمج في إطار الكل المغربي وضمن الهيئات الفاعلة المنتخبة التي يختارها الناس عبر هيئات الدولة.
n تماما فالقوة الديموقراطية للأنظمة السياسية تكمن في قدرتها على الادماج من أجل الاندماج.

o مقدم البرنامج: السيد الحبيب رسالتكم إلى الشعب الفلسطيني وهو يواجه كل هذه المخططات التصفوية، وكل هذه المؤامرات من أجل الإتيان على كل حقوقه الوطنية الفلسطينية، ماهي رسالتكم إلى الشعب الفلسطيني.
n أولا العمل على أن تصبح وحدة الصف الفلسطيني واقعا كيفما كانت الصعوبات، رسالتي الثانية التشبث بالأرض لأنني أعتبر بأن التشبث بالأرض هو مفتاح الغد.
الحكومة الإسرائيلية الحالية تساعد بوسائل متعددة خارج الشرعية الدولية ،كما أشرنا، وتسعى إلى إضعاف مقاومة الشعب الفلسطيني لأن ميزان القوى، إقليميا وجهويا، مع الأسف الشديد، يساعد على ذلك.
إذن الوحدة ثم الوحدة وأخيرا الوحدة ثم التشبث بالأرض.

o السيد الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب المغربي، شكرا لك على هذا اللقاء، وعلى هذا الوقت الذي منحته لنا ونتمنى أن تكون المملكة المغربية وتكونوا دائما بخير، وأن بكتب لنا أن نتعامل كدولتين مستقلتين حرتين يوما ما.
شكرا جزيلا لك ضيفا عزيزا.
n إن شاء لله، شكرا لك.


بتاريخ : 13/08/2020

أخبار مرتبطة

نظمت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أول أمس الاثنين، بمركب محمد السادس لكرة القدم بسلا، حفل استقبال على شرف الطاقم

أوضح أحد المنخرطين في فريق شباب المحمدية في تصريح للجريدة، أن عدد من المنخرطين ومن جمهور الفريق الفضالي، هم بصدد

غدا، إن لم تعد تحكمنا دول ديمقراطية تضمن مبدأ كونية الحقوق، فثمة احتمال كبير لأن تحل القدرة الشرائية، التي هي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *