رامز جلال في رمضان والكاميرا الخفية المغربية .. مقلب في الضيوف أم في المشاهد؟

 

مع انطلاق أول أيام رمضان 2025، عاد رامز جلال ببرنامجه الجديد وسط ضجة إعلامية، كعادته في كل موسم.
النقاد والمتتبعون في مصر وفي العالم العربي، يرون أن البرنامج لا علاقة له بالكاميرا الخفية، والمقلب الوحيد الذي يحدث هنا هو في حق المشاهد نفسه.
هذه المرة، وكما تؤكد كل المؤشرات، الضيوف على علم مسبق بما سيحدث، ويتم التنسيق معهم قبل التصوير. لكنهم رغم ذلك يصرخون، يسقطون، ويبدون وكأنهم يعيشون لحظات رعب حقيقية. أما المشاهد، فيجلس أمام الشاشة مصدقا كل شيء، يتفاعل مع دراما الموقف، ويعيش الوهم بكل تفاصيله، ليكتشف لاحقا أنه كان الضحية الوحيدة التي لم تكن على علم بالمقلب.
هذا السؤال يراود الكثيرين، إذا كان الجميع يعرف أن كل شيء متفق عليه، فلماذا لا يزال الملايين يشاهدون البرنامج؟ الجواب كما يرى البعض، هو أن الناس تحب الفرجة حتى لو كانت مصطنعة. هناك متعة غريبة في مشاهدة الفنانين يتظاهرون بالخوف، ثم يتحولون فجأة إلى أصدقاء رامز بعد نهاية الحلقة وكأنهم لم يكونوا قبل لحظات في حالة انهيار عصبي.
البرنامج يعتمد على تسويق قوي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر المقاطع الساخرة والتعليقات المضحكة، مما يجعله حديث الناس طوال الشهر. فسواء أحببته أو انتقدته، ستجد نفسك تتحدث عنه في النهاية، وبهذا يضمن رامز استمرار نجاحه عاما بعد عام.
أما عن أجور الفنانين، فهي من الأسرار التي لا يكشف عنها بسهولة، لكن التقارير تشير إلى أن بعض الضيوف يحصلون على مبالغ ضخمة مقابل ظهورهم في الحلقة،وهذا ما يفسر لماذا نجد النجم يصرخ وكأنه رأى الموت، ثم يخرج بعد لحظات وهو يضحك ويتبادل النكات مع رامز، المال يغير الكثير كما يرى المنتقدون
للتذكير، ففكرة برامج المقالب ليست جديدة، وهناك العديد من البرامج العالمية التي تعتمد على الخدع والمقالب، مثل برنامج بَنكْد الذي كان يقدمه الممثل الأمريكي أشتون كوتشر، حيث يتم تنفيذ مقالب مدبرة على المشاهير بطريقة تبدو واقعية، وبرنامج جست فور لافس جاغز الكندي، الذي يعتمد على مقالب صامتة في الشارع ،لكنه بعيد عن أسلوب رامز الذي يعتمد على الصدمة والإثارة، وبرنامج سكير تاكتيكس الذي كان يضع المشاهير في مواقف مرعبة ،لكن بفكرة أقرب إلى أفلام الرعب وليس المواقف الساخرة كما يفعل رامز.
لكن يبقى الفارق الكبير أن هذه البرامج لا تعتمد على خداع المشاهد، فإما أن تكون كاميرا خفية حقيقية، أو يكون الضيف على علم بالمقلب لكن الجمهور مدرك لذلك أيضا. أما في حالة رامز، فالمعادلة مختلفة، الضيف يعلم، رامز يعلم، والقناة تعلم، فقط المشاهد المسكين هو من يبقى في الظلام.
سواء كنت من محبي البرنامج أو من منتقديه، الحقيقة الوحيدة الثابتة هي أن رامز جلال استطاع أن يصنع ظاهرة رمضانية لا يمكن تجاهلها. وبغض النظر عن مدى مصداقية ما يحدث، يبقى السؤال الأهم، هل المشاهد هو من يشاهد البرنامج، أم أن البرنامج هو من يشاهد المشاهد ويضحك عليه كل عام؟.
وقبل ذلك، حاولت أن أضع مقارنة بين منتوج رامز جلال ومنتوجنا المغربي،لكن هناك فرق كبير ولامجال للمقارنة، ومع ذلك يجب التذكير، بأنه في السنوات الأخيرة، برزت ظاهرة الأعمال التلفزيونية المغربية، وخاصة برامج الكاميرا الخفية، التي تحولت إلى تمثيليات مكشوفة تفتقر إلى الإتقان، رغم الضجة الإعلامية المصاحبة لها. وقد حاول بعض الفنانين تبرير مشاركتهم فيها بحجج واهية، مثل عدم القدرة على رفض العروض المادية («5000 درهم، شكون يعطيها لك») أو الخضوع لطلب المخرج، متناسين أن احترام ذوق المشاهد وقيمته لا يباع ولا يُشترى، تماما كما تباع الأدوار المصطنعة.
هذه الظاهرة لا تختلف كثيرا عن برامج رامز جلال، التي تعتمد على الإنتاج الضخم والخدع البصرية المحكمة، لكنها تشاركها في الجوهر، استغلال التبريرات ذاتها ، وتعاملها مع المشاهد وكأن ضحكه غاية تبرر الوسيلة، بغض النظر عن مدى استخفافها بذكائه.
الفارق الوحيد أن العشوائية في التنفيذ محليا تجعل «المقلب» متوقعا حتى قبل وقوعه، بينما تخفي برامج رامز تفاصيلها وراء إبهار تقني،لكن يبقى السؤال الأهم مشتركا، هل الجمهور يضحك حقا، أم أن هذه البرامج أصبحت مجرد مرآة تعكس ازدراء متبادلا بين صناع المحتوى ومتلقيه؟


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 29/03/2025