رحل في صمت، عاش متواضعا محبوبا ومات متواضعا محبوبا المايسترو سيد الرباب دون منازع.. الرايس لحسن بلمودن تشيع  جنازته في موكب مهيب يليق بمكانته

 

هكذا ترحل عنا طيورنا المهاجرة والنادرة تباعا إلى الآخرة، فمنذ رحيل المايسترو أستاذ آلة الرباب محمد بونصير الذي أجرينا معه استجوابا ظرفذاك في مستشفى ابن طفيل بمراكش ونشرناه في هذا المنبر قبل وفاته بثلاثة أيام، لم يستطع أحد أن يملأ الفراغ الذي تركه إلا رفيقه المياسترو الرايس لحسن الأنصاري المعروف فنيا ب لحسن بلمودن الذي ودع جمهوره مودعا فن تيرويسا تاركا فراغا لم يترك من يشغله رغم كثرة من يحملون آلة الرباب…
فقيدنا وفقيد آلة الرباب معشوقة جماهير غفيرة، مايسترو وسيد آلة الرباب دون منازع لحسن بلمودن، عاش متواضعا محبوبا ومات متواضعا محبوبا، أخلصت له آلة الرباب وأخلص لها منذ أن بلغ السن الثالثة عشرة إلى آخر سهرة بجماعة سيدي مومن بالدارالبيضاء. وتجدر الإشارة إلى أن المرحوم شارك في العديد من السهرات الخاصة بالسنة الأمازيغية بأكادير والمدن المجاورة بعد مشاركاته في سهرات خاصة بالتسجيلات في هذا الاستوديو وذاك قبل المجيء إلى السهرة الأخيرة بالدارالبيضاء بتاريخ 20/01/2025 في قاعة جد ضيقة بسيدي مومن لا تستوعب الجماهير الغفيرة الوافدة لمشاهدة الفرق المشاركة ضمنها المايسترو المرحوم بلمودن لحسن، فوجوده ضروري لإنجاح هذه السهرة وتلك وهذا التسجيل وذاك ولو شعر بالتعب لا يستطيع رفض هذا الطلب وغيره.
كانت بدايته المبكرة مع فطاحل تيرويسا أمثال الحاج عمرو اهروش ومولاي علي والرايس امكرود وآخرين. الجماهير تتهافت عليه حين يتواجد في جامع الفنا بمراكش وفي السهرات العامة والخاصة لمشاهدة طفل يفعل بآلة الرباب ما يشاء ومشاهير تيرويسا كل واحد يريد أن يكون مع مجموعته ويشارك في تسجيلات هذا وذاك وتلك مع الحاج البنسير، الحاج احمد امنتاك، فاطمة تيحيحيت مقورن دون نسيان أن المرحوم لحسن بلمودن كان له مجموعته تخرج منها العديد من الروايس خاصة فيما يتعلق بإتقانهم للضرب على آلة الرباب وقد صرح بهذا في حياته أثناء تكريمه من طرف الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية تحت إشراف ومحاورة الإعلامي والمدير الحالي للإذاعة والتلفزة الأمازيغيتين صيف 2018 الحاج عبد الله طالب علي وبمساعدة الإعلامية نجمة بوبل، تمت إعادة تذييعه بمناسبة وفاته، تطرق فيه المرحوم لحسن بلمودن إلى مسار حياته وأطلق المايسترو العنان لمعزوفات من ربابته .
يعتبر هذا التكريم تكريما مستحقا مصداقا لقول أحد الباحثين حين قال تكريم الأحياء تكريم، وتكريم الأموات اعتراف بالخطأ.
طبعا هناك العشرات من الروايس يجهلون آلة الرباب وأتقنوا استنطاقها ،لكن وبشهادة الجميع لا أحد يستطيع استنطاقها وترويضها وجلب انتباه عقول الجمهور إليها مثل هذا الذي عانقها وعانقته منذ طفولته المبكرة وفجأة تخلى عنها إلى الأبد بعد وقت قصير من آخر سهرة له ولها بقاعة سيدي مومن بالدارالبيضاء بتاريخ 20/01/2025 كما تمت الإشارة إلى ذلك.
المرحوم لحسن بلمودن افتقدته جماهيره العريضة وسهراته داخل الوطن وخارجه ورفاقه في فن تيرويسا أمثال الشاعر الرايس احمد اوطالب المزوضي الذي شاركه سهرات منها سهرة سيدي مومن الأخيرة وعمل على نقله من سطات إلى مصحة بحي المعاريف بالدارالبيضاء هو وبعض محبيه وقاموا بواجب نقل جثمانه الطاهر من الدارالبيضاء إلى مقبرة تيليلا بأكادير حيث تم تشييع جنازته من طرف موكب جنائزي مهيب يليق بمكانته لدى محبيه حيا وميتا.
تكريم هذا الهرم الذي فقده الفن المغربي عامة والأمازيغي خاصة والذي أعطى ما لم يعطه أي فنان في صمت ونكران الذات، يقتضي العمل على تنويط ما تركه من معزوفات مسجلة هنا وهناك، والعمل على تخليد اسمه بتسمية مؤسسة فنية أو قاعة ثقافية ويستحق إطلاق اسمه على شارع لدى من يقدرون مكانته الفنية والوطنية والأخلاقية.
مثل رحمه الله الفن المغربي داخل الوطن وخارجه أحسن تمثيل كما يقتضي العمل على إقامة الذكرى الأربعينية لوفاته في مدينة أكادير وفي غيرها تكريما له ولأسرته ولما قدمه طول حياته، والعمل على حصول أسرته على رخصة ما أو على مدخول شهري إسوة بمن حصلوا ويحصلون عليها من الفنانين لتستعين بها أسرة من منح حياته لحياتنا إلى آخر رمق من حياته.
رحم الله الفقيد وإنا لله وإنا إليه راجعون.


الكاتب : محمد مستاوي

  

بتاريخ : 30/01/2025