فقدت الساحة الفنية الأمازيغية، صباح يوم الثلاثاء،11فبراير 2025 أحد أبرز أعمدتها.برحيل مصطفى الشاطر، المعروف بلقب «الكاوري»، بعد صراع طويل مع المرض.
ويعد الراحل من الأسماء التي صنعت مجد مجموعة «إزنزارن»، مساهما في تشكيل هويتها الموسيقية الملتزمة، التي حفرت اسمها في الذاكرة الجماعية لمحبي الفن الأمازيغي.
التحق مصطفى الشاطر بمجموعة «إزنزارن» سنة 1978، قادما من مجموعة «الأقدام»، بعد أن قرر التخلي عن وظيفته في وزارة الإسكان ليتفرغ للفن، في خطوة تعكس مدى شغفه العميق بالموسيقى.
عرف بشخصيته الهادئة والمتزنة، مما منحه مكانة خاصة داخل المجموعة، وارتبط اسمه بعزفه المتقن على آلة «الكنبري»، حيث لعب دورا محوريا في تحول المجموعة من أداء الأغاني العاطفية إلى تقديم أغنيات ملتزمة تحمل رسائل اجتماعية وسياسية عميقة.
ساهم الراحل إلى جانب الفنان عبد الهادي أكوت، الذي كان يعزف على آلة البانجو، في إبداع ألحان خالدة طبعت مسيرة «إزنزارن»، فكانا بمثابة ثنائي متناغم صنع موسيقى جمعت بين الأصالة والحداثة. كما تميز الشاطر بمستواه الثقافي الرفيع، مما جعله المتحدث الرسمي باسم المجموعة في مختلف المحافل الوطنية والدولية، حيث كان يلقب بـ»مثقف المجموعة».
عانى مصطفى الشاطر في سنواته الأخيرة من مشاكل في القلب، ما استدعى خضوعه لعملية جراحية دقيقة بإحدى المصحات الخاصة في مراكش سنة 2020. استمرت فترة علاجه لأكثر من خمسين يوما. وتكفلت شخصية سوسية معروفة بمصاريف العلاج كاملة، إلا أن الراحل رفض الإفصاح عن اسمها، في موقف يعكس تواضعه وامتنانه العميق لمن دعمه في محنته الصحية.
تأسست مجموعة «إزنزارن» سنة 1974، واستطاعت أن تحفر اسمها في وجدان الجمهور، حيث قدمت أعمالا خالدة ألهمت أجيالا متعاقبة. وكانت أولى أغنياتها الشهيرة مقطوعة «إمي حنا»، التي تعد واحدة من روائع الشعر الغنائي الأمازيغي، إذ جسدت في كلماتها حب الأم والارتباط العاطفي العميق بها، بأسلوب شعري سلس يمزج بين البعد الإنساني والوجداني.
بوفاته، تفقد الساحة الفنية أحد رواد الأغنية الأمازيغية الملتزمة، لكن صوته وروحه سيبقيان حاضرين في ذاكرة عشاق الموسيقى، الذين سيواصلون الاستماع إلى ألحانه وأغنياته التي تعكس قضايا الإنسان الأمازيغي وتطلعاته.