ردا على ذاكرة العسكر الجزائري المشروخة : عندما عاقبت الفيفا المغرب بسبب مساندته للمنتخب الجزائري

ستتذكر سجلات التاريخ أن أول مباراة جمعت المنتخبين المغربي والجزائري تعود لسنة 1958، أي قبل 65 سنة من الآن.
كما ستحتفظ الذاكرة الرياضية في البلدين معا أنه بسبب تلك المباراة، تعرض المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم لعقوبة التوقيف لسنتين من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا».
وستخلد، بخصوص ذلك الحدث، المقولة الشهيرة التي رد بها الراحل محمد الخامس سلطان المغرب على من همس له أن المنتخب الوطني سيتعرض لعقوبة تصل لسنتين من التوقيف في حالة خوضه لمباراة أمام الجزائر غير المعترف بمنتخبها في تلك الفترة،حين قال: «حتى لو كانت العقوبة أربع سنوات،سيخوض منتخبنا هذه المباراة من أجل الجزائر».
ولن ينسى الجزائريون قبل المغاربة كيف ساهم الراحل الحسن الثاني في تكوين منتخب بدأ تحت اسم: « فريق جبهة التحرير الوطني الجزائري لكرة القدم».
تاريخيا، لعب المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم أول لقاء رسمي له في 19 أكتوبر 1957 ضد منتخب العراق، في مبارة انتهت بالتعادل بثلاث أهداف لكل فريق.
كان المغرب حينها قد دخل مرحلة جديدة عبر بوابة عهد الاستقلال في الوقت الذي كانت فيه الجارة الجزائر لاتزال تئن تحت سوط الاحتلال الفرنسي.
في تلك الحقبة من تاريخ البلدين، لعب المغرب في عهد محمد الخامس دورا كان حاسماً بحكم موقعه الجغرافي من جهة، وعراقة العلاقة الأخوية التي تربطه بشقيقه الشعب الجزائري، وقدم ما كان المجاهدون بحاجة إليه، وبالتالي ساهم في دحر المستعمر الفرنسي، وإخراجه من التراب الجزائري .
فحسب تقارير إعلامية وكتب أرخت لذلك العهد، لم تنقطع إمدادات المغرب للثورة الجزائرية منذ اندلاعها سنة 1954 إلى تتويجها بالانتصار والاستقلال سنة 1962، حيث التزم المغرب بمساعدة الثورة الجزائرية بطريقة غير محدودة ولا مشروطة وتنوعت طرق دعم الثورة الجزائرية من الدعم المادي وتوفير السلاح،إلى حماية ظهر الجزائر على طول الحدود المغربية التي أصبحت مفتوحة في وجه الثوار الجزائريين، وممرا للعتاد والذخيرة إلى أرض المعركة.
رياضيا، قدم المغرب دعما كبيرا في تأسيس الحركة الرياضية داخل الجزائر،خاصة على مستوى رياضة كرة القدم، حيث أن الراحل الحسن الثاني وكان حينها وليا للعهد، ساهم بشكل قوي في تأسيس المنتخب الجزائري من خلال تشجيع المرحوم عبد لله السطاتي وكان حينها لاعبا محترفا في فرنسا، على تنفيذ عملية هروب اللاعبين الجزائريين المحترفين من فرنسا في 1958 والتحاقهم بصفوف جيش التحرير وبالفعل، انشق تسعة لاعبين جزائريين يلعبون في أكبر الأندية الفرنسية، بمن فيهم بعض المختارين لمنتخب فرنسا، وانضموا إلى تونس حيث شكلوا فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم، وكان من أبرزهم رشيد مخلوفي ومصطفى زيتوني، الذين كان من أبرز نجوم المنتخب الفرنسي المقبل على المشاركة في كأس العالم 1958 بالسويد.
مباشرة بعد ذلك، تدخلت الفيفا معلنة أن أي فريق يواجه الجزائر «غير المعترف بها» سيتعرض للعقوبات ولتجميد أنشطته.
لم يعر المغرب أي اهتمام لتهديدات الفيفا، وقرر خوض مباراة مع الفريق الجزائري في قرر خوض مباراة مع الفريق الجزائري ا، وكان حينا لاعبا محترفا في فرنسا،يس وى رياضة كرة القدم، لاتزال تئن تحت سوط الاحتلال الفرنسبطولة مغاربية تقرر تنظيمها في 1958 بتونس وتحمل اسم الناشطة الجزائرية جميلة بوحيرد.و تم استدعاء المغرب والجمهورية العربية المتحدة (سوريا ومصر) للمشاركة إلى جانب تونس وفريق جبهة التحرير الوطني الجزائرية.
البطولة عرفت انسحاب المنتخب الوطني للجمهورية العربية المتحدة، خوفا من تهديدات «الفيفا»، بعد أن قرر عدم الذهاب إلى تونس وعدم لعب أي مباراة ضد جبهة التحرير الوطني الجزائري.
وهكذا، في 7 ماي 1958، عشية البطولة المغاربية التي كان من المقرر أن تجمع تونس والبلد المنظم والمغرب وفريق جبهة التحرير الوطني، أدانت «الفيفا»، بعد ذلك بقيادة رئيسها الإنجليزي آرثر دريوري، البلدان المذكورة تحت ضغط من الجامعة الفرنسية لكرة القدم.
قامت الفيفا إذن بمعاقبة المنتخب المغربي، وأوقفته لمدة سنة كاملة، عقابا له على خوضه مباراة مع منتخب جبهة التحرير الجزائري، وهو ما حرم المغاربة من المشاركة لأول مرة في كأس إفريقيا للأمم.
وبعد المباراة الافتتاحية التي جمعت منتخب جبهة التحرير بالمنتخب التونسي، والتي انتهت بتفوق الجزائريين بخمسة أهداف لواحد، كان المنتخب المغربي ثاني منتخب يواجه الفريق الجزائري في تاريخه يوم 9 ماي 1958، وانتهت المباراة بتفوق الجزائريين بهدفين مقابل هدف واحد،الهدف المغربي كان سجله اللاعب عبد لله الرايس الذي كان يلعب في صفوف فريق سطاد المغربي.
قبل إجراء المباراة بين المغرب والجزائر في تلك البطولة،همس أحدهم للمرحوم محمد الخامس سلطان المغرب أن المنتخب الوطني سيتعرض لعقوبة تصل لسنتين من التوقيف في حالة خوضه لمباراة أمام الجزائر غير المعترف بمنتخبها في تلك الفترة،فكان رده: «حتى لو كانت العقوبة أربع سنوات،سيخوض منتخبنا هذه المباراة من أجل الجزائر».
وتم فعلا تجميد عضوية المنتخب الوطني المغربي وتوقيفه رسميا لسنتين، حيث لم يتمكن بالتالي من المشاركة للمرة الأولى في تاريخه في كأس إفريقيا لكرة القدم في مصر سنة 1959، وكان المغاربة يملكون حظوظا كبيرة للتويج باللقب على اعتبار مشاركة ثلاثة منتخبات فقط هي مصر وإثيوبيا والسودان.
ولم يتراجع المغرب،حسب تقارير صحفية، عن دعم المنتخب الجزائري، رغم عقوبات الفيفا، ووجه له الدعوة للحضور إلى البلاد، وإجراء مباريات مع منتخبات العصب، ويوم 13 نونبر 1958 وصل منتخب الثورة الجزائرية إلى الرباط وحظي باستقبال شعبي ورسمي كبير.
وتقابل منتخب الثورة يوم 18 نونبر من سنة 1958 مع منتخب عصبة الدار البيضاء، وحضر المباراة  السلطان محمد الخامس وجمهور واسع وكبير، وفي 21 نونبر تقابل مع منتخب عصبة الرباط وحضر المقابلة الأمير مولاي عبد لله والمطربة الجزائرية وردة. ثم أجرى مباريات أخرى مع منتخبات العصب. وخلال هذه الجولة، تم استغلال المباريات لجمع الأموال لدعم الثورة الجزائرية ومنتخبها.
وبعد سنتين من تأسيس هذا المنتخب، انضم إليه اللاعب عبد لله السطاتي الذي سبق له أن لعب لفريق الراك والوداد وبوردو الفرنسي في الخمسينيات. وهو من مواليد مدينة سطات من أب جزائري وأم مغربية.
وبذلك لعب المغرب دورا مهما في انطلاقة هذا الفريق، الذي لعب مباريات أيضا في أوروبا الشرقية، كان الهدف من ورائها هو التعريف الثورة الجزائرية وحشد الدعم لها.


الكاتب : إعداد: عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 19/05/2023