رسائل الإمارات 17- الامتناع عن عرض المشاعر العاطفية في العلن

تتضمن هذه اللوحة الإعلانية 10 تحذيرات وتعليمات قد تصل حد الزجر . هذه اللوحة تؤثث مختلف الفضاءات الترفيهية من حدائق وبحيرات ومماشي دبي، لا سيما تلك التي لها طبيعة سياحية مهدئة ومجددة. وهنا أشير إلى التحذير الذي يحمل رقم 10 وقد كتب باللغتية العربية والإنجليزية: الامتناع عن عرض المشاعر في العلن. وفي ذلك إشارة إلى اللباس المحتشم عدم الالتصاق جسديا عدم تبادل القبلات أمام الناس. والسؤال هل يحترم عموم الزوار هذه التعليمات .؟ لا دليل لدي حتى الآن.
من المؤكد أن المشاعر العاطفية جزء أساسي من التجربة الإنسانية، والتعبير عنها يختلف من مجتمع لمجتمع. كما يختلف أيضا من فرد لآخر. وإذا كان بعض الأشخاص لا يجدون مشكلة في إظهار مشاعرهم العاطفية مثل العناق وتبادل القبلات في الشارع العام. فإن هناك من يفضل كبت مشاعره أو التعبير عنها بطرق غير مباشرة. وهذا النوع من السلوك له جذور نفسية، ثقافية، واجتماعية تربوية وتحتاج إلى تحليل وتشخيص لفهم أبعاده بشكل أعمق.
في بعض الثقافات، وخاصة في مجتمعاتنا العربية الإسلامية يعتبر التعبير العاطفي في العلن غير لائق بالمرة. وهناك من يعتبره ضعفا أو حتى نوعا من الكبت الجنسي، لاسيما في المجتمعات التي يمكن توصيفها بالمحافظة تجاوزا. وحتما تلعب التربية الأسرية دورا مهما. حين تربي الأسرة أطفالها على عدم إظهار علامات الحزن كالبكاء أو الغضب فهي تربيهم في الوقت نفسه عن كبت المشاعر وعدم إظهارها باعتبارها قيمة أخلاقية غير مرغوب فيها. نحن هنا لا نتحدث عن بروتوكولات تهم الوقائع والأحداث ذات الطبيعة الرسمية مثل الاستقبالات للشخصيات السامية حيث يتطلب الموقف الحفاظ على ضبط النفس والاتزان في إظهار العواطف بشكل لائق.لكن الذي يتعين فهمه هو مدى التأثير السلبي للامتناع عن التعبير العاطفي في العلن لا سيما في المجتمعات الغربية حيث يتولد ضغط نفسي متزايد لأن كبت المشاعر بين زوجين سويديين أو نرويجيين قد يؤدي إلى تراكم القلق والتوتر لديهما. قد يؤدي إلى سوء الفهم بين الأزواج الأصدقاء أو أفراد العائلة وبالتالي قرارهم إلغاء الرحلة السياحية للبلد نفسه. وهو ما يكلف البلد المضيف خسارة لا تحمد عقباها…. ويبدو أن اللوحة الإعلانية بقدر ماهي هي دعوة موجهة للعموم بقدر ما هي غير ملزمة. في بعض الفضاءات العمومية، وترى في ذلك حماية للشخص الشخص من مواقف قد تؤثر على سمعته أو علاقاته. فالمشاعر العاطفية شأن خاص يجب الاحتفاظ به للنفس بدل إعلانه للعموم.
لابد من الإشارة إن جميع السياح القادمين من مناطق مختلفة من العالم يجدون الفضاءات الترفيهية مفتوحة بالكامل بجميع متطلبات الحياة الفنادق والمقاهي والفضاءات الترفيهية مترعة في وجه الجميع. جميع السياح يتناولون فناجين القهوة ويتناولون وجباتهم اليومية في العلن يوميا في معظم الأرجاء دون أدنى حرج. رغم معرفتهم المسبقة بتقاليد الدولة الإسلامية التي يقضون فيها إجازتهم . فالأمر في نهاية المطاف يعتمد على التوازن أي تعلم كيفية التعبير عن المشاعر بطريقة مناسبة وفقا للسياق والمكان.
والحقيقة أن الامتناع عن عرض المشاعر العاطفية في العلن هو سلوك ناتج عن تفاعل معقد بين الثقافة التربية الشخصية والخبرة الحياتية في مجتمع ما، من المهم جدا أن يجد الإنسان طرقا صحية للتعبير عن مشاعره. التوازن بين التعبير العاطفي وضبط النفس هو المفتاح للحفاظ على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية المتوازنة في الحل والترحال.


الكاتب : عزبز باكوش

  

بتاريخ : 24/03/2025