تعتبر المساجد في دولة الإمارات العربية المتحدة قديمها وحديثها منارات ثقافية وحضارية تعكس صورة مشرقة عن التعايش والإخاء السائد في المجتمع. وتسهم بشكل ملحوظ في تعزيز رسالة التسامح ومد جسور التقارب بين مختلف الثقافات والشعوب حول العالم. وتجسد المساجد التاريخية القديمة مثل مسجد الشيخ زايد في الفجيرة، ومسجد الجامع في دبي، ومسجد الفتح في رأس الخيمة، ومسجد البدية في الفجيرة، نماذج حضارية متفردة. فهي إلى جانب تميزها بالتصاميم البسيطة التي تعتمد على المواد المحلية مثل الحجر والطين، فقد كان لها دور كبير في الحياة الدينية والاجتماعية في الإمارات قبل النهضة العمرانية الحديثة. إن تميز تصاميمها المعمارية التقليدية الأصيلة تعكس بالتأكيد الطابع الإسلامي القديم. وهو تميز يجعل منها جزءا مهما من تاريخ وثقافة هذه المنطقة العربية الأصيلة.
ويعد مسجد الشيخ زايد في إمارة الفجيرة من أقدم المساجد في الإمارات، حيث يعود تاريخه إلى ما قبل قيام الاتحاد. ويتميز بتصميمه البسيط والطراز التقليدي. أما مسجد الجامع فيقع في منطقة الفهيدي القديمة (البر دبي)، وهو من المساجد التي تمثل العمارة الإسلامية التقليدية، وقد تم ترميمه ليظل يحافظ على طابعه التاريخي. ويعد مسجد الفتح الذي تم بناؤه في أواخر القرن التاسع عشر من أقدم المساجد في إمارة رأس الخيمة وهي نفس الحقبة التي بني فيها مسجد البدية في الفجيرة. وهما من أقدم المساجد في دولة الإمارات، وقد تم بناؤهما في القرن 15 ميلادي. ويتميزان بتصميمهما البسيط، وهما من أهم المعالم التاريخية في الإمارات. أما مسجد الرفاعة فُيعتبر من أقدم المساجد في أبو ظبي وكان مركزاً دينياً مهماً في المنطقة قبل تطور المدينة الحديثة.
وتولي الإمارات عناية كبيرة لبناء المساجد وضمان تطويرها وتحديثها المستمر، حيث يشير تقرير صادر عن الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء إلى ارتفاع عدد المساجد من 6747 في عام 2017 إلى 9083 مسجدا في عام 2019 وبنسبة 34،6 بالمئة. وأوضحت الهيئة أن 41% من المساجد في الدولة أنشأها الأهالي، فيما أنشأت «الأوقاف» 26،8 بالمئة من هذه المساجد، والبقية أنشأتها جهات أخرى.
ولفت التقرير ذاته إلى أن أكبر عدد من المساجد في الدولة يوجد في إمارة الشارقة بـ 2723 مسجداً، تليها إمارة أبو ظبي بـ 2331 مسجدا، ثم إمارة دبي بـ 2166 مسجدا، ثم إمارة رأس الخيمة بـ 1042، تليها إمارة الفجيرة بـ 318 مسجدا، ثم إمارة عجمان بـ 316 مسجدا، ثم أم القيوين بـ 187 مسجدا. وإلى جانب دورها الديني.. تؤدي المساجد في دولة الإمارات رسالة حضارية تدعو للتعايش والتسامح والانفتاح على الآخرين خاصة مع تحول عدد كبير منها إلى معالم سياحية مصنفة كأبرز الأيقونات الجمالية في العصر الحديث، الأمر الذي جعلها مقصدا للزوار القادمين من جميع دول العالم ومن مختلف الديانات والأعراق. ويعد جامع الشيخ زايد الكبير في أبو ظبي أكثر المساجد المعاصرة روعة وسحراً في العالم، وقد تم بناؤه بتوجيهات من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه ليكون معلما يحتفي بالحضارة الإسلامية ومركزا بارزا لعلوم الدين الإسلامي.
ويتميز المسجد بمجموعة من الصفات المعمارية التي تجعله من أروع التحف المعمارية على مستوى العالم، إذ تبلغ مساحته الإجمالية 22,412 متراً مربعاً ليكون بذلك من أكبر مساجد العالم، كما يضم المسجد 82 قبة، وتعدّ القبة الرئيسية أكبر قبة مسجد في العالم ويبلغ ارتفاعها 85 متراً وقطرها 32,8 متر.ويحتوي الجامع على 1,096 عموداً في المنطقة الخارجية و96 عمودافي القاعة الرئيسية للصلاة التي تتضمن أكثر من 2,000 لوح رخام مصنوعة يدوياً، وغطيت بأحجار شبه كريمة تضم «لابيس لازولي» وعقيقاً أحمر وحجر أميثيست، فيما استخدم في منطقة المحراب ذهب من عيار 24 قيراطاً وأوراقاً ذهبية وزجاجاً وفسيفساء.
بدوره يعتبر جامع إمارة الشارقة الكبير الذي افتتح عام 2019 أيقونة معمارية تمتد على مساحة إجمالية تصل إلى 2 مليون قدم مربعة مع الحدائق الخارجية، ويحتل موقعاً استراتيجياً حيوياً، على شارع الإمارات.ويتسع المسجد في الداخل والخارج لنحو 25.5 ألف مصل، موزعين على أكثر من مساحة وفضاء، كما يعتبر المسجد نموذجاً فريداً للفن الإسلامي الحديث من حيث ما اشتمله من فنون النحت والأعمال الخشبية واستخدام الرسم بالخط العربي في تكوين لوحات تشكيلية إبداعية، إضافة إلى التصميم الإبداعي الأساسي للمسجد والذي يحتوي على عدد 81 قبة ما بين متوسطة، ومنارتان بارتفاع 75 مترا، فيما بلغ ارتفاع القبة الرئيسية 45 متراً بقطر بلغ 27 متراً، ما جعله تحفة معمارية فريدة من نوعها وجعله كذلك مقصداً مهماً للسياحة الثقافية بالدولة.
ويضم المسجد مكتبة ضخمة تحتوي على أمهات الكتب في فروع العلوم الإسلامية المختلفة، والسُنة النبوية الشريفة، وقد تم تجهيزه ليستقبل الزوار من غير المسلمين ومحبي المعرفة من مختلف أنحاء العالم.
وفي إمارة الفجيرة يؤكد مسجد الشيخ زايد بحجمه الكبير وتصميمه الرائع، حضوره كواحد من أهم المعالم الإسلامية اليوم، ويلوح في الأفق للداخل إلى الفجيرة والمتجول فيها، بالتشكيل الفني الجميل للقباب فيه والتي يبلغ عددها 65 قبة، وتتدرج بارتفاعاتها بتناسق وانسجام، تتخللها أشكال وعناصر أخرى كالشبابيك والقناطر، ويبرز من وسطها 6 مآذن تمتد برشاقة نحو السماء.
وإلى جانب الجوامع الحديثة الطراز تزخر دولة الإمارات بسلسلة من المساجد والجوامع الأثرية التي بقيت شامخة على مدى قرون من الزمن مثل مسجد «النطلة»، في مدينة العين الذي تشير بعض الوثائق التاريخية إلى أنه أنشئ قبل ما يقارب 1200 عام، ومسجد البدية الذي يقع على الطريق الساحلي بين مدينتي دبا وخورفكان ويعود تاريخ بناؤه إلى عام 1446 وفق دراسة أجرتها إدارة التراث والآثار بالفجيرة، إلى جانب مسجد العقروبي في الشارقة الذي تم بناؤه في عام 1904 والجامع الكبير في راس الخيمة الذي شيد بين العامين 1777 و1803.» وفق المصدر ذاته .
وبحكم قربه من منطقة سكاي كورت في منطقة وادي الصفا 5 في إمارة دبي لاند حيث نقيم.نقصد جامع الإخاء المهيب بفضائه الصافي الهادي والمسجد يخدم منطقة دبي لاند والمناطق المجاورة لها. وهو مصمم على الطراز المعماري الحديث. تم افتتاحه في العام 2022. ويتسع ل 2000 مصلي ومصلية 1900 من الرجال 300 من النساء. وتزين المسجد قبة خرسانية كبيرة فضلا عن زخارف إسلامية وتصاميم معاصرة حديثة. المصدر ذاته.وارتباطا بمبدأ التعايش والتسامح يمكن الإشارة إلى أن المسيحيين في دولة الإمارات العربية المتحدة يتمتعون بحرية ممارسة شعائرهم الدينية في إطار القوانين المحلية التي تحترم التعددية الدينية مع الحفاظ على القيم الإسلامية للدولة المضيفة. كما توجد في الإمارات العديد من الكنائس من مختلف الطوائف المسيحية، مثل الكاثوليكية، الأرثوذكسية، والبروتستانتية. من أشهر الكنائس: كاتدرائية القديس يوسف في أبو ظبي، كنيسة القديسة ماري الكاثوليكية في دبي، وكاتدرائية القديس جورج الأرثوذكسية في الشارقة.وتقام الصلوات اليومية والأسبوعية خاصة يوم الأحد، حيث يحتفل المسيحيون بالقداس في الكنائس بلغات متعددة، مثل الإنجليزية، العربية، الفلبينية، والهندية، لخدمة الجاليات المتنوعة. ويحتفل المسيحيون في الإمارات بعيد الميلاد (الكريسماس) وعيد القيامة، وتسمح الدولة بإقامة الاحتفالات داخل الكنائس والمجتمعات المسيحية.
في بعض المراكز التجارية والمناطق العامة، يتم تزيين الأماكن خلال أعياد الميلاد، ما يعكس التسامح الديني في الدولة. كما أن هناك مجموعات دينية تقدم أنشطة مثل دروس الكتاب المقدس، لقاءات الصلاة، والبرامج الخيرية. يُسمح بالممارسات الدينية داخل الكنائس والمراكز المخصصة، لكن يمنع التبشير العلني أو أي نشاط قد يُعتبر مسيئًا للعقيدة الإسلامية.وبذلك تعد الإمارات نموذجًا في التعايش الديني، حيث يمكن للمسيحيين ممارسة شعائرهم بحرية واحترام، في بيئة تحتضن التنوع الثقافي والديني. لتشكل دولة الإمارات نموذجا للتعايش لساكنة الأرض مع احترام وتقديس ثوابث الدين الإسلامي الحنيف – مواقع-