رسالة إلى هيرفي رونار

 

صباح الخير السيد رونار
نعتذر إن كنا لم نعلّق على مباراة الفريق الوطني بالكامرون لأننا اعتبرناها مباراة لا تستحق ذلك، ولأننا كنا أمام ما يشبه فريق كرة قدم، وما يشبه محترفين، بعبارة أخرى، كنا أمام مهزلة حقيقية لفريق نجد أنفسنا مطالبين بالدعاء له في هذا الشهر الفضيل وبالكثير من الركعات الإضافية لكي يضمن تأهله إلى كأس افريقيا وكذلك كأس العالم إن بقي على نفس المستوى.
السيد رونار
انتظارنا إلى اليوم، ليس للعودة لهذا اللقاء، ولكن لأشياء أخرى ما كنا نظن أن مدربا، كيفما كان مستواه وقيمته وحجم إنجازاته، ستكون له الجرأة على اتهام الجمهور بتهم لو حدثت في بلد يحترم مسؤولوه الرياضيون مشجعي فريقهم الوطني، ويحترمون أنفسهم، لما مرّ تصريحك وكأنه لم يحدث، ولما تم نشره في الصحافة وكأن الأمر يتعلق بخبر عادي، ولا نتصور حجم الغضب الذي كان سينتاب الصامتين اليوم لو كان ما قلته موجها إليك.
اعتبرنا في أول وهلة وعند قراءتنا للخبر، أن هناك سوء فهم، وأنك ليست بالسذاجة للتصريح بما قلته،
«نعتذر عن الكلمة لأننا لم نجد سواها مناسبا»، وحتى عندما تأكدنا من صحته، حاولنا أن نبرر ذلك بصدمة الهزيمة والمردود الضعيف لمحترفي الدرجة الثانية، ورغم ذلك ظل بعض المبهم والغامض الذي لم نفهمه في تصريحك.
السيد رونار
دعنا نسألك عن تأكدك من أن الجمهور المغربي مدفوع من قبل بعض الأشخاص لمهاجمتك، إلى درجة أنهم أفقدوك أعصابك وكنت قريبا من تصفية الحسابات بينك وبينهم وجها لوجه، كما قلت أو كما نشر ولم تكذبه. ماذا كنت ستفعل؟ هل كنت ستقتحم المدرجات وتعنّفهم كما عنّفتهم بلسانك وكما فعل لاعبيك بلهندة ودرار؟ وكيف وقفت على أنهم مدفوعو الأجر ومسخّرين لمهاجمتك؟ ولماذا سيهاجمونك أصلا؟
ربما أفتى لك بها بعض المتفنّين في خلق المقالب والفتن، وما أكثرهم، لأن ما سمعناه في مباراة أكادير لم يكن سوى ترديد الجمهور لاسم لاعب أجاكس زياش، ولا شيء غير ذلك، اللهم إن كان المشكل بينك وبينه لا علاقة له بالمهنية.
فأنت الذي استغنى عن زياش بدعوى عدم جاهزيته لحمل القميص الوطني، وربما ليس في مستوى الآخرين من المفضلين عندك، وهذا لا يناقشك فيه أحد، بحكم أنك المدرب والمسؤول عن اختياراتك، وبأننا نؤمن باحترام الاختصاصات، حيث لا يمكن للصحفي أن يكون مدربا، كما لا يمكن للمدرب أن يملي على الصحفي ما يكتب وما لا يكتب، فأنت تعلم أننا نلوم الجمهور على تصرفاته العنيفة وشغبه، ونلومه على شعاراته الخادشة للحياء وغير الرياضية، لكننا لن نستطيع أن نمنعه من ترديد اسم لاعب يحبه، لاعب قد لا يعجبك أو لا يتماشى مع تصوراتك المختلفة. ولا نفهم كيف حوّلت ذلك إلى شعارات مقصودة ضدك. معذرة، ما كنا نتصورك بهذا الفهم الضيق للأشياء.
السيد رونار
نعلم أنك خبرت إفريقيا وعشت بها زمنا، وربطت علاقات مع وجوه رياضية وغيرها، وأطلعك بعض من الشبيهين عندنا، أن الفساد مستشر في كل مكان، أولئك الذين يفرحون لمجرد أخذ صورة بجانب من هم وراء البحر، وهو ما جعلك تصرح، وسننقله كما قرأناه، وصحّح إن كان ذلك غير صحيح.. « في إفريقيا من السهل شراء الناس .. أنتم تعلمون هذا الأمر أكثر مني، ففي إفريقيا من السهل شراء الناس.»
ليس في إفريقيا وحدها السيد رونار، ولكن حتى عندكم، هناك، حيث مازال البعض ينظر إلى الأفارقة وكـأنهم مجرد أشياء تافهة، هناك، حيث ما زال البعض يحن لزمن مضى وحتما لن يعود.
ليس في إفريقيا وحدها السيد رونار، يفعل المال فعلته، فحين يتم اتهام، مثلا، منافس لرئاسيات فرنسا بالفساد، ماذا سنقول عن من هم دون ذلك، من بني جلدتك بالطبع.. لا نريد أن نذكرك بحالات أخرى حصلت في الميدان الرياضي بفرنسا بالضبط، حتى لا نعكر عليك صفو صباحك وحتى لا تتهمنا نحن كذلك بأننا مدفوعون لمهاجمتك.
السيد رونار
أنت محظوظ لأنك في بلد شعبه متسامح إلى أبعد الحدود، ومحظوظ لأنك تتعامل مع مسؤولين رياضيين لا يهم أن يهان جمهورهم، ما يهمهم منه، أن يحضر بكثافة إلى الملعب ليشجع فريقه الوطني وينسحب في هدوء مهما كانت النتيجة والأداء، وإلا لما كانوا قد صمّوا أذانهم عن تصريحك المسيء للجمهور المغربي ولكل إفريقيا، وهو ما يجعل إهانتك للمغاربة والأفارقة غير ذات أهمية أمام صمت أهل الدار ممن يمنحونك آلاف الدولارات شهريا من أموال من نعتهم بـ «المرتشين» إلى جانب امتيازات أخرى عديدة وكأنك ستجلب لهم القمر.
السيد رونار
نعتذر إن أزعجناك هذا الصباح، أو لم نسايرك في ما تريد من الجميع ترديده، وأملنا أن تركز في عملك وهذا هو الأهم.


الكاتب : عبدالكريم الوازي

  

بتاريخ : 15/06/2017