تفقد أكثر من ستة آلاف امرأة حامل مولودها حين الوضع في السنة، ويبقى هذا الرقم تقريبي باحتساب مجموع الولادات التي تسجل في بلادنا والتي تقدّر بحوالي 600 ألف حالة ولادة، وهو ما يعني بأن ستة آلاف أسرة تكون تمنّي النفس باستقبال مولود بعد أشهر الحمل لكي يدخل البهجة إلى قلوب أفرادها لكن بسبب عوامل مختلفة، تتحول لحظة الفرح المنتظرة إلى لحظة للحزن والألم.
أرقام تؤكد أن الجهود المبذولة لتحسين ظروف التكفل بصحة الأم والطفل رغم تطورها والتقدم المحرز في هذا الإطار، إلا أن هناك اختلالات في أماكن معينة تتسبب في استمرار هذا الوضع المؤسف، الذي لا يشمل حديثي الولادة فقط بل يمتد ليطال الأطفال أقل من سنة واحدة، والأطفال دون سن الخامسة، إذ سبق لمنظمة اليونسيف أن كشفت من خلال تقرير لها أن نسبة الوفيات في صفوف الرضع أقل من سنة قد انخفضت من 64 حالة وفاة لكل ألف رضيع في 1990 إلى 15 حالة في سنة 2022.
وبيّنت أرقام اليونسيف كذلك أنه تم تسجيل تراجع في صفوف وفيات الأطفال دون سن الخامسة من 81 حالة وفاة لكل ألف مولود حي سنة 1990 إلى 17 حالة في 2022، لكن هذا لم يمنع من تسجيل أكثر من 11 ألف حالة وفاة في صفوف هذه الفئة خلال نفس السنة، وبالتالي فإنه في حال احتساب هذه الأرقام في شموليتها والتي تهمّ كل الفئات العمرية سيتأكد بأن الحصيلة هي أكبر من الرقم المذكور المتمثل في 6 آلاف، مما يؤكد استمرار الأعطاب المتعلقة بصحة الرضع والأطفال، المرتبطة سواء بشروط تتبع الحمل السليم أو ظروف الولادة أو الإشكالات المرتبطة بالتكفل بالمواليد الخدج الذين يكونون في حاجة لحاضنات خاصة، شأنهم في ذلك شأن الولادات التي تكون متعسرة وإن تمّت في توقيتها الزمني الصحيح.
وينضاف إلى الإشكالات التي تؤدي إلى استمرار هذا الوضع المؤلم التخلّف عن تلقيح الرضع والأطفال لحمايتهم من الأمراض الفيروسية المعدية التي تكون لها تبعات صحية وخيمة في حال عدم أخذها، كما هو الحال بالنسبة للحصبة على سبيل المثال لا الحصر، في الوقت الذي يوفر البرنامج الوطني للتمنيع لقاحات جد مهمة تتطور في كل مرة بإدراج لقاحات جديدة، حسب تأكيد الخبراء والمختصين، آخرها اللقاح ضد سرطان عنق الرحم بالنسبة للطفلات في سنّ 11 عاما، مما يجعل الأطباء يشددون على ضرورة الحرص على تمكين فلذات أكباد الآباء والأمهات منها لحمايتهم.
وتشير التقارير إلى أن استمرار وفيات الرضع يحضر بقوة أكبر في العالم القروي مقارنة بالحواضر، فقد كشف تقرير للبنك الدولي أن معدلات وفيات الأمهات في المناطق القروية ترتفع مرتين ونصف عن معدلاتها في المناطق الحضرية، حيث تم تسجيل خلال سنة 2018 مامجموعه 111 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة في القرى مقابل 45 حالة في الحواضر، في حين بلغ معدل وفيات الرضع 26 حالة وفاة لكل ألف مولود في المناطق القروية مقابل 19 في المدن، وذلك على الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه في المجال، وفقا لذات التقرير.