رغم انطلاق الموسم الدراسي فعليا يوم الاثنين الفارط، وبعد مرور أسبوع على هاته العملية، توجد فئة مهمة من فلذات أكباد المغاربة، من الذين يعانون من احتياجات خاصة، في حيرة والذين لا يزالون يمكثون في منازلهم رفقة أمهاتهم، في الوقت الذي لا تعرف أسرهم الهشّة مصيرهم ولا كيف سيتم التعامل معهم، بالنظر إلى أن المؤسسات المحدثة من طرف عدد مهم من الجمعيات الفاعلة في المجال والتي ظلت لسنوات تواكب وتعمل لاحتضان وتأطير ومواكبة هؤلاء الأطفال، من أجل تمكينهم من الإدماج الجزئي لاحقا في التعليم العمومي، لم تفتح أبوابها بسبب التوقيف النهائي لصندوق التماسك الاجتماعي لبرنامج تمدرس للأطفال في وضعية إعاقة، الذي كان يموّل هذا العمل، مما طرح العديد من علامات الاستفهام حول سبب اتخاذ هذا القرار، وعن البدائل، وعن مصير هؤلاء الأطفال والعاملين في المجال؟
وتعليقا على هذا الموضوع، أكدت ليلى بوهو، وهي فاعلة حقوقية واجتماعية، في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي، أن قرار التوقيف النهائي للصندوق الذي تشرف عليه مديرية التعاون الوطني شكّل صدمة، خاصة وأنه تم توقيفه خلال الموسم الفارط لكن احتجاجات الأسر وأبنائها والعاملين في المجال دفعت إلى التراجع عن هذا الأمر، مع التأكيد على أن هذا الاستئناف سيكون ظرفيا فقط ولن يشمل الموسم الدراسي الحالي، مع التعهد بفتح حوار يواكب المرحلة من أجل إيجاد حلول تأخذ بعين الاعتبار حق هاته الفئة في التمدرس وفي الرعاية والاحتضان وفي الإدماج، ونفس الأمر بالنسبة لكل من يشتغل في هذا الحقل، وهو الأمر الذي لم يتم تفعيله! وأبرزت بوهو في تصريحها للجريدة بأن قرار التوقيف الفعلي يعتبر تجاهلا صارخا لكل العمل الذي تم القيام به، بعد سنوات من الجهد وصرف ميزانيات مهمة على تجهيز المقرات، وإحداث أقسام مخصصة لاحتضان الأطفال في وضعية إعاقة، مما يجعل الدولة تتحمل المسؤولية الكاملة حيال فئات هشة تعيش أوضاع قاسية.
وأوضحت الفاعلة الحقوقية بأن التذرع بالحماية الاجتماعية وتخصيص مبلغ 500 درهم للطفل أو بالإدماج في التعليم العمومي وغير ذلك، يعتبر أمرا مجانبا للصواب ولواقع الأشياء الفعلي، مشيرة إلى أن هؤلاء الأطفال تتطلب وضعيتهم مواكبة تربوية وطبية ورياضية، إذ تتعدد احتياجاتهم الأساسية والتي هي ليست بالكمالية، مضيفة بأن الكثير منهم لا تتأكد إعاقتهم إلا في سنوات متقدمة نسبيا، ويتطلب تأهيلهم الجزئي مدة ليست بالهينة تتمثل في خمس سنوات على الأقل، وبالتالي لا يتم دمجهم بدعوى أن «مسار» لا يقبل الأطفال ما فوق سن التاسعة أو العاشرة من أعمارهم، مضيفة بأن هناك معطى آخر يتمثل في أن عملية الدمج تشمل الإعاقات الخفيفة، وهو ما يجعل باقي الأطفال المعنيين في وضعية تيه هم وأسرهم، أخذا بعين الاعتبار أن فئة مهمة من هاته الأسر تعيش التفكك لأن عددا من الآباء قاموا بتطليق زوجاتهم لمجرد أن الطفل معاق، وبالتالي تكون الأم مطالبة أيضا بالبحث عن عمل لإعالة نفسها وابنها ومن هم تحت كنفها؟
وإلى جانب ما سبق، أشارت المتحدثة إلى أن هناك إشكالا آخر يفرزه هذا الوضع، مؤكدة أن هذه المراكز لم تكن مجرد فضاءات للتأهيل والتأطير فقط، بل شكلت جسورا حقيقية لإدماج الأطفال في وضعية إعاقة في محيطهم، وساهمت في إدماج أسرهم في المجتمع، كما خلقت فرص شغل لعدد مهم من المؤطرات والمؤطرين التربويين، بالإضافة إلى الأطر شبه الطبية، وسائقي النقل المدرسي، وفئات مهنية أخرى مرتبطة بالبرنامج، التي أصبحت اليوم في وضعية «عطالة» وهو ما يهدد الجميع اجتماعيا واقتصاديا كذلك. وشددت بوهو على أن حكومة ترفع شعار «حكومة اجتماعية» يجب أن تحرص على تنزيله فعليا على أرض الواقع لا أن تعتمده ككلام في كل خطابتها بينما يغيب كل أثر له على أرض الواقع، متسائلة عن مصير هؤلاء الأطفال الذين تغلق اليوم في وجوههم أبواب المساواة والعدالة في الوقت الذي يوجد فيه أقرانهم في المؤسسات التعليمية؟
رغم انطلاق الموسم الدراسي الحالي .. مصير «تعليمي» مجهول للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بعد توقيف صندوق التماسك الاجتماعي

الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 15/09/2025