رواية «طرقات منصف الليل» للكاتب أحمد بنميمون .. حين تتحرر الكتابة من سمة التوثيقية والسير ذاتية

في رواية (طرقات منتصف الليل ) الصادرة سنة 2019 عن «إديسيون بلوس ـ مكتبة السلام الجديدة ـ الدار البيضاء»،
يعتمد السارد لعبة السرد بكل تقنياته للتغلب على صرامة الأحداث التاريخية المتصلة بالذات، فردية وجماعية ، حتى يحرر كتابته من أي سمة توثيقية، أو أن توصم بالطابع السير ذاتي، الذي طالما أزرت سيطرته على النص الروائي بمتخيلنا السردي، ففي «طرقات منتصف الليل» وصف غالب لقسوة واقع تاريخي رزحت تحته شرائح واسعة من أهلنا، لكن مع غلبة الفن على التوثيق، وإن كانت صور الواقع لا تغادر قلم الروائي وهو يتحدث عن وقائع زمن فات ، بكثير من حيل السرد الفني، فحياة أحمد الغريب لم تكن حياته وحده ، ولا معاناته فردية أيضاً.
عن «طرقات منتصف الليل» يقول كاتبها أحمد بنميمون:
ها أنذا أصبحتُ، بعد انتشار نسبيّ، أطوق بأسئلة حول ما جاء في روايتي ، التي جاءت في شكل غير تقليدي ، واتبعت خطوط سرد تداخلت فيها الأزمنة وتعددت الأمكنة ، تاركة للقارئ أن يستنتج ويستنبط ما شاء ، حتى ولو كان مختلفاً، قليلاً أو كثيراً، عما قصدت إليه:
إذ تنطلق رواية (طرقات منتصف الليل) مما كان قد اعتاد جد «أحمد الغريب» من خروج يومي ، إلى أن كان يوم انتظر الأهل رجوعه فلم يعد، وظلت أبواب المدينة مفتوحة، لكن بعد أن عاد الجميع ، نادى صوت بين الحراس ،وقد تأخر الليل:
هل عاد الجميع؟
لم يبق إلا رأس أحمد الغريب
ولم يعرف من قتله ، أو ربما عرف البعضُ لكنهم فضلوا السكوت وكتمان حقيقة ما حل بالرجل ، حتى ضاع دمه بين القبائل، وإن عرفت الأرض التي اغتيل فوقها.
لكن هذا لم يمنع حفيد مولاي أحمد الغريب من الخروج لطلب أكثر من شيء، فقد كان وهو في مدينته لا يرى شيئاً، وهو قد خرج طلباً لرؤية العالم ومعرفة أسرار علائق تنظمه، وترتب خرائط أشيائه.
كان العالم أوحش من غابة ، وكانت الغابة تبدأ من أدنى عتبات سكنى العائلة، وكانت الحافة لا تبعد كثيراً عن مرمى بصر الواقفين مقيدة خطاهم عند أي كل أبواب المدينة التي كانت تغلق ليلاً ، ولا تفتح صباحاً إلا لأقوياء الرجال، أما من كانوا دونهم فلم يكن أمامهم إلا الانصراف للعمل بين دروبها وساحاتها، تحت وعيد لا يتوقف عن التلويح بحكايات الأشباح والأرواح التي تختطف الغادي والرائح ، إن صادف هذا أو ذاك سوء الطالع ، فلا يعود الناس يسمعون عنه إلا ما يريده من دبروا الكمائن ونصبوا للناس الشراك، حتى لا يتحرك طالب اكتشاف أو راغب في علم بما يجري خارج الأسوار.
لكن رغم ذلك تخطى مولاي أحمد الغريب ما كان يفرض على المقيم في مدينة الأسوار من خضوع لإرادة الحديد والنار.


بتاريخ : 09/01/2020