روسيا تتوفر على حوالي 1600 رأس حربية نووية جاهزة للاستخدام

ما معنى أن تتأهب قوات الردع النووي الروسي للحرب؟

 

هل يخطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستخدام السلاح النووي في الحرب على أوكرانيا؟

يبدو استعمال السلاح المدمّر مستبعدا في هذا النزاع، لكن التلويح بذلك جزء من نهج موسكو التصعيدي، وفق تحليل لوكالة فرانس برس.
واعتبر خبراء أن تصريحات بوتين بشأن وضع الردع النووي الروسي في حال تأهب مجرد خدعة، في حين عدّها آخرون لعبة خطرة وهروبا للأمام، يظهر إحباط بوتين في مواجهة المقاومة العسكرية الأوكرانية.
وقال الرئيس الروسي؛ إنه أمر «بوضع قوات الردع في الجيش الروسي في حال التأهب الخاصة للقتال»، بينما أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن اندلاع نزاع نووي فكرة «لا يمكن تصورها»، وذلك بعد قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع قوة الردع النووي لبلاده في حال تأهب.
وقال المتحدث الأممي، ردا على سؤال عن رد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش على قرار الرئيس الروسي، أن «مجرد التفكير في نزاع نووي هو ببساطة أمر لا يمكن تصوره»، وفق «فرانس برس».
وأعلن الاتحاد الأوروبي، أن منظومة الردع النووي الأطلسية في حالة تأهب قصوى، وذلك عقب إعلان روسيا وضع قوات الردع الاستراتيجي (النووي) الروسية في حالة تأهب قتالي خاصة.
وقال مفوض الأمن والخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بورييل، إنه «من المهم للغاية أن أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع منظومة الردع النووية الروسية في حالة التأهب القصوى وسط مواصلة موسكو عمليتها العسكرية في أوكرانيا».
وأكد أن الاتحاد الأوروبي يقدم أسلحة لكيييف، وهي المرة الأولى التي يقدم فيها الاتحاد أسلحة إلى دولة غير عضو فيه، مشددا على أن ما يجري في أوكرانيا «حرب على الحدود الأوروبية».

بوتين يرفع حالة التأهب

وجاءت تصريحات المسؤول الأوروبي، عقب أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزارة الدفاع بوضع قوات الردع الاستراتيجي (النووي) الروسية في حالة تأهب قتالي خاصة، وذلك ردا على التصريحات «العدوانية» الصادرة من حلف شمال الأطلسي «الناتو» ضد روسيا.
وقال بوتين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس الأركان العامة فاليري غيراسيموف، إن هذه الخطوة تأتي ردا على مسؤولي الغرب الذين «لم يكتفوا باتخاذ خطوات عدائية اقتصادية وحسب، بل أدلى مسؤولهم بحلف الناتو بتصريحات عدوانية ضد روسيا».
وأضاف: «أطلب من قائد القوات المسلحة وضع قواتنا بحالة الطوارئ العسكرية».
واعتبرت الولايات المتحدة أن قرار الرئيس الروسي يصعد النزاع بشكل غير مقبول، مشددة على ضرورة وقف روسيا بأقوى طريقة ممكنة.
وقالت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، إن قرار بوتين وضع قوات الردع النووي في حالة تأهب يصعد النزاع بشكل غير مقبول
وأضافت في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» الأمريكية: «هذا يعني أن الرئيس بوتين يواصل تصعيد هذه الحرب بطريقة غير مقبولة على الإطلاق، وعلينا أن نواصل وقف أفعاله بأقوى طريقة ممكنة».
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، إن الرئيس الروسي يفبرك تهديدات غير موجودة لتبرير اعتداءاته على أوكرانيا، مشيرة إلى ضرورة وجود المزيد من العقوبات على روسيا.
وشددت على ضرورة أن تعلن الدول تأييدها لأوكرانيا بدل الوقوف على الحياد، مشيرة إلى ان واشنطن منفتحة على تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا.
وأشارت إلى أن «العقوبات المتعلقة بالطاقة موجودة على الطاولة»، موضحة أن إدارة بايدن ترغب في التأكد من خفض تأثير العقوبات على أسواق الطاقة.

«الناتو»: خطاب بوتين «عدواني»

رأى حلف شمال الأطلسي «الناتو» أن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع قوات الردع النووية لبلاده في حالة تأهب، «دليلا إضافيا على الخطاب العدواني الذي تتبناه موسكو».
ورأى أمين عام حلف «الناتو» ينس ستولتنبرج، أن الإعلان الروسي بمثابة «خطوة خطيرة وسلوك غير مسؤول من جانب بوتين»، مضيفا: «ما نواجهه اليوم تحديات جديدة لأمننا القومي».
وأكد أن حلف شمال الأطلسي، سيقدم مساعدات عسكرية لأوكرانيا للدفاع عن أرضها، تشمل أسلحة مضادة للطائرات والدبابات.
من جهته، ندد وزير الخارجية الأوكراني، بما وصفه بـ»ضغط بوتين» لى كييف عبر التهديد بقوة الردع النووية.
واتهمت وزارة الدفاع الروسية الجيش الأوكراني باستخدام الذخيرة المملوءة بالفوسفور في ضواحي كييف، لصد الهجوم الروسي عن العاصمة الأوكرانية.
وأفادت الدفاع الروسية، أول أمس الأحد، بأن الجيش الأوكراني بدأ الاستخدام المكثف للذخيرة المملوءة بالفوسفور في ضواحي كييف، في محاولة «يائسة» لاحتواء هجوم القوات الروسية.
وقالت الوزارة إن الجيش الأوكراني يستخدم «ذخيرة محظورة بموجب البروتوكول الثالث لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1980 بشأن الأسلحة غير الإنسانية».
وأشارت إلى أنه في مدينة ماريوبول، قامت القوات الأوكرانية القادمة من لفيف بترويع المدنيين، ونصب العربات المدرعة والمدفعية في المناطق السكنية، مستخدمة السكان المحليين كـ»دروع بشرية».

جاهزية قوات الردع النووي الروسية

أشار خبراء إلى أن بعض الأسلحة النووية في روسيا وكذلك داخل حلف شمال الأطلسي، هي بحكم الواقع جاهزة دائما للاستخدام.
وقال خبير الانتشار في «مركز جنيف للسياسات الأمنية» مارك فينو؛ إنه «يمكن تفجيرها في غضون عشر دقائق»، موضحا أن تلك الأسلحة هي «إما رؤوس حربية مثبتة بالفعل على صواريخ، أو أنها قنابل موجودة على متن» قاذفات وغواصات.
في مقال نُشر مؤخرا في «نشرة علماء الذرة»، أكد الخبيران هانز كريستنسن ومات كوردا، أن حوالي 1600 رأس حربية نووية منشورة وجاهزة للاستخدام.
وقال هانز كريستنسن عبر «تويتر» أول أمس الأحد: «بما أن القوات الاستراتيجية الروسية في حال تأهب دائمة، فإن السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت قد نشرت المزيد من الغواصات أو قامت بتسليح القاذفات».
من ناحية أخرى، اعتبر محللون أن ما أقدم عليه الرئيس الروسي هروب للأمام بالنظر لتطورات الوضع العسكري في أوكرانيا.
وقال الباحث في «مؤسسة جان جوريس» في باريس ديفيد خلفا: «هناك إحباط روسي من المقاومة الأوكرانية». واعتبر أن التهديد الذي تواجهه روسيا يتعلق بدخولها «في منطق حرب العصابات في المدن، مع احتمال كبير لسقوط ضحايا بين العسكريين الروس».
من جهته، يعتقد الخبير في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» بواشنطن إليوت كوهين، أن المقاومة التي تواجهها موسكو أشد مما توقعته.
وصرح لوكالة فرانس برس، أن «حقيقة عدم امتلاكهم تفوقا جويا تكشف الكثير»، مضيفا أنه «بدأنا نرى الضعف في ساحة المعركة… مع عدم تمكنهم من احتلال مدينة والسيطرة عليها».
في هذا السياق، بينما تتدفق المساعدات والتبرعات الغربية على أوكرانيا، يبدو أن تصريحات بوتين تهدف إلى تقويض تضامن خصومه.
ويؤكد إليوت كوهين أن بوتين «شخص مخاطر، يحاول اختبارنا نفسيا».
ويشدد ديفيد خلفا على أن «الجانب النفسي مهم جدا»، معتبرا أن بوتين يحاول «ثني الغربيين عن المضي قدما في العقوبات الاقتصادية»، التي أمطروا بها موسكو في غضون أيام.
ويرى الباحث أن «الجميع يحتشدون وراء أوكرانيا، وهناك رغبة في دق إسفين بين حكومات التحالف والرأي العام الغربي».
لكن خلفا يضيف أن «بوتين في رأي كل من يعرفه صار منعزلا ومنغلقا في منطق يحكمه جنون الارتياب. هذا أمر مقلق بعض الشيء، إذ من المستحيل فهم استراتيجيته».

«مبدأ الردع الروسي»

أصبحت النوايا الحقيقية للرئيس الروسي غير مفهومة؛ لأن تصريحاته تتعارض مع النظرية الرسمية للردع الروسي.
يذكر هانز كريستنسن ومات كوردا أن فلاديمير بوتين وافق في حزيران/يونيو 2020 على «المبادئ الأساسية»، مع أربع حالات تبرر استخدام الأسلحة النووية، هي: إطلاق صواريخ بالستية ضد روسيا أو حليف لها، استخدام خصم لها السلاح النووي، مهاجمة موقع أسلحة نووية روسي، التعرض لعدوان يهدد «وجود الدولة».
لا شيء من هذا القبيل يحدث حاليا. أما في ما يتعلق بموقفها على الصعيد الدولي، فقد وقّعت روسيا في يناير مع الأعضاء الأربعة الآخرين الدائمين في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا) وثيقة تؤكد أنه «لا يمكن الانتصار في حرب نووية»، وتشدد على أن هذه الأسلحة «ما دامت موجودة، يجب أن تخدم أغراضا دفاعية؛ الردع ومنع الحرب».
ويأسف مارك فينو لأن تصريحات بوتين تعكس «غموض هذا النوع من البيانات، إن لم يكن نفاقها»، مضيفا أنه «إذا طبقنا البيانات، فإننا سنتجه سريعا نحو نزع السلاح، في حين أننا نرى أنه لم يتم التقدم كثيرا في هذا الاتجاه».
ويذكّر الخبير أنه وإن كان استعمال السلاح النووي بسبب الحرب في أوكرانيا مستبعدا، فإن «هناك دائما خطر الانزلاق أو التفسير الخاطئ أو حتى التلاعب»، وهذا «الخطر مرتفع للغاية الآن».

تدريبات نووية

نفذت روسيا تدريبات استراتيجية نووية تشمل إطلاق صواريخ باليستية وكروز، بإشراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك بالتزامن مع التوتر المتصاعد مع أوكرانيا.
وذكرت الرئاسة الروسية في بيان، أن التدريبات التي أشرف عليها الرئيس بوتين من غرفة العمليات في الكرملين برفقة نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، جرت بمشاركة القوات الجوفضائية وقوات المنطقة العسكرية الجنوبية والقوات الاستراتيجية الروسية، وأسطولي البحرين الشمالي والأسود في الجيش الروسي.
وبحسب قناة «روسيا اليوم»، فإن القوات الجوفضائية نفذت بنجاح عمليات إطلاق تجريبية لصواريخ باليستية فرط صوتية من طراز «كينجال».
وأطلقت السفن والغواصات التابعة لأسطولي البحرين الشمالي والأسود صواريخ مجنحة من طراز «كاليبر» وصاروخ فرط الصوتي من طراز «تسيركون» على أهداف بحرية وبرية.
وجرى إطلاق صاروخ مجنح من طراز «إسكندر» في معسكر جنوب روسيا، وآخر باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» من مطار «بليسيتسك» الفضائي في مقاطعة أرخانغيلسك على هدف في معسكر «كورا» في شبه جزيرة كامتشاتكا.
وأطلقت غواصة «كاريليا» الاستراتيجية التابعة لأسطول البحر الأسود صاروخا باليستيا من طراز «سينيفا» من بحر بارنتس على هدف في معسكر «كورا».
وذكر الكرملين أن التدريبات جاءت وفقا للخطط المعدة مسبقا بهدف اختبار جاهزية مؤسسات الإدارة العسكرية وطواقم الإطلاق والسفن والغواصات، بالإضافة إلى التأكد من موثوقية الأسلحة التابعة للقوات الاستراتيجية النووية وغير النووية في الجيش الروسي.
وأعلن الكرملين تحقيق كافة الأهداف بالكامل خلال التدريبات، لافتا إلى أن جميع الصواريخ ضربت أهدافها وأكدت مواصفاتها.
بدوره أكد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن التدريبات التي أجرتها قوات الردع الاستراتيجي الروسية تحت إشراف بوتين شملت محاكاة استخدام أسلحة نووية.

 

 


بتاريخ : 01/03/2022