ريح الشمال تهب على «جمرات الريح» للشاعر عبد العزيز أمزيان

 

«الريح
مثقلة بأقواس قزح
تحطم مراياها
على الأغصان « لوركا

دائما تسترعي اهتمامي، عدة ملاحظات وأنا أقرأ لشعراء الشمال ومنها:
– رقة القاموس اللغوي وشفافيته .
– سهولة الوصول إلى المعنى دون التواء .
– نفحات أندلسية تلون شعرية القصيدة.
هذه الملاحظات علامات الطريق ، لنتناول على ضوئها «جمرات الريح» للشاعر عبد العزيز أمزيان
عنوان الديوان «جمرات الريح «، يبتدئ بقصيدة (جمرات الريح ) مما يدفعنا إلى السؤال بأن التوزيع لم يأت اعتباطا.
يتألف الديوان من كلمتين متناقضتين هما :»جمرات»من النار اللاسعة، وحتى إذا انطفأت بفعل الريح ، تتحول إلى رماد ، يدل أثره على المعاناة ،لأن الجمرات هنا معنوية وعاطفية ،و»الريح» إما لينة أو عنيفة تدل على تنقل الجمرات إلى الأمكنة والأزمنة، أو تنقل معاناة الشاعر إلى المتلقي، ثم تشكل الـ «جمرات» كتلة متماسكة وقصائد يجمعها ألم الكتابة؛ «جمرات الريح «، شرارات تومض وتلسع، وتعبر عن درجات الاحتراق وتنوعه، وشدته. فالمنبع الأول لتحقق أفق الرؤيا، يبدأ من «أيتها القرنفلة الصغيرة في كفي !»ص 5
تمتزج الذات بأنفاس الطبيعة ،وتخيط مجازات ،تصبح تركيبا تخييليا،يقود إلى ارتباط الأنا بالمتلقي ليشارك رؤى الشاعر، حيث النظرة تبدأ من الجزء البسيط (القرنفلة الصغيرة )، واتصالها بالجزء البسيط أيضا(كف )ي،ثم يتعاقب الامتداد (سنابل تتفتق في رؤاك )ص 5.
هكذا يستطيع الشاعر أمزيان خلق القصيدة من الجزء إلى الكل ، من الطبيعة إلى الذات بطريقة رومانسية، ولكنها لا تود الهروب، بل تتعايش مع الجمرات .
تصبح القصيدة الثيمة الرئيسة التي تسقي أحضان باقي القصائد ، من الرثاء إلى النشيد، وقد أخذ حيزا كبيرا إلى الواقع ،ففي نشيد العمر، تبرز المرأة :
«أيتها المرأة البلورية كما أناديك دائما ها كلماتك طوقت ذاكرتي بفجر الفرحة في كفي «ص21 ،التشخيص العاطفي ينطلق من الكل (المرأة )،إلى الجزء الدال على الكل ، وهذا الجزء مهم، حيث الأصابع التي تتولى الكتابة (في كفي)، ويعجن الشاعر ثيماته من قاموس يصيغه كما يود ، ويتجلى في رثائه لأمه:
«أرى وجه أمي
يحضرني في البدايات
يحاصرني في النهايات
رحيقا ..ضوءا
شعاعا ووردا «ص84 .
هذا القاموس المتنوع ،حين يرتبط بالقلق والكتابة والنفس، يصبح شفافا ،لأنه يكشف صدق
الشاعر وعمق تجربته .
من هنا جاءت تلك الملاحظات السابقة، والتي أتمنى أن يعمق فيها النقاش ، لأنها تميز شعر الشمال، الشاعر عبد العزيز امزيان، يحن إلى طفولته البريئة عندما يبني قصيدته بطريقة سهلة التركيب والتخييل، ولكن وفق رؤية عميقة، تجعله يتدرج المراقي، ويخلق من الحصى قلائد ، ومن أجنحة الفراشات قصائد تحمل «جمرات الريح»


الكاتب : محمد عرش

  

بتاريخ : 14/01/2021

أخبار مرتبطة

ينظم المعهد الفرنسي بفاس، يوم 26 أبريل، لقاء أدبيا مع الكاتب جيلبيرت سينوي، حول إصداره الأخير «رائدات وبطلات تاريخ المغرب».

هيا اغتسل أو تيمم وصل واقفا على الطفل الشهيد الملثم ما قال آه ساعة الذبح أو راح هاربا بجرحه يتألم

لنبدأ بلون الغلاف والعنوان، وبعد ذلك نحاور العمل، الذي سمى نفسه نصوصا نثرية، للفنان والشاعر والروائي المصطفى غزلاني. كما يبدو،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *