نظمت جمعية رواق بدار سعيدة المنبهي بمراكش، بتنسيق من مولاي حسن الوفاء والحسين إيلان، لقاء فكريا حول الرواية تحت عنوان «رؤى روائية»، وذلك يوم السبت 24 ماي 2025.
شارك في هذا اللقاء كل من الروائيين عبد الإلاه رابحي، حسن إغلان ويوسف فاضل، وسير الجلسات كل من محمد أيت لعميم، محمد البوغالي وعبد السميع البجيدي، أما في ما يخص القراءات النقدية فقد كانت من تحليل محمد الهرادي، محمد عزيز المصباحي وابراهيم الفتاحي،حيث عرف هذا اليوم استفاضة معرفية بحضور الروائيين من خلال تصريحاتهم والكشف عن خبايا الحرفة أو الصنعة السردية التي سلكوها في مسيرتهم الإبداعية في إطار تجاوب مثمر مع الحاضرين في القاعة من مبدعين ومهتمين وطلبة.
استهل الناقد والروائي محمد الهرادي في الجلسة الأولى مداخلته بالحديث عن تجربة الروائي يوسف فاضل، إذ ينهل حسب قوله من التاريخ والمجتمع، ويهتم بالهامش كمشروع روائي متناسق، ثم قام بتقديم الرواية التي يدور حولها الحديث وهي «ريفوبليكا» مع الإشادة بإنسانية وفنية الكاتب بحكم أنه يمارس إلى جانب الكتابة الموسيقى ومزايا أخرى متعددة، حيث ركز الهرادي في تحليله على فترة العشرينات وما جاء من أحداث في هذه الرواية، أي في عز الحرب الريفية وأحداثها إلى غاية 2011 وما تلاها من تطورات في هذه المنطقة، مشيدا بحبكة الرواية بكونها تضعنا أمام تاريخ فكري واجتماعي انطلاقا من واقع عائلة تتخللها قصة حب في الواقع الذي تم التحرك فيه في جغرافية قاحلة، ليضيف المتدخل بأن قراءته لهذه الرواية كانت تفصيلية كما يفعل النقاد التشكيليون وهذا واضح في جملها القصيرة بخصوصيات معينة، أي تجميع عدة لغات في فقرات أي لغات متداخلة في نفس الفقرة وهو ما اعتبره المتدخل كمجرى حكائي يوجد في معظم روايات يوسف فاضل.كما أشار الناقد الهرادي الى أن تداخل السرد مع الحوار يقصي الوصف في هذه الرواية، ثم إن هناك نظام المقاطع مع الاستفادة من كتابة السيناريو، كما أن أهم عنصر حسب قوله هو أن معظم الشخصيات عندما تعبر فإنها تفكر بوجوه مختلفة. لذلك كانت الرواية دقيقة جدا وكأنها كتبت برأس إبرة. ثم تساءل الناقد الهرادي كيف يمكن تلخيص «ريفوبليكا»؟، فتلخيصها حسب اعتقاده لا يفيد ويوسف فاضل ليس ناقدا مباشرا وعمله متميز وكتابته راقية وبمجهود خارق، فهو ليس قاضيا أو مؤرخا، لذا يجب الإنصات ليوسف فاضل الذي اعتبر الرواية ليست انعكاسا للواقع لكونها أعلى أو تتماهى مع الواقع.
أما الجلسة الثانية فكانت قراءة في رواية حسن إغلان قدمها الروائي محمد المصباحي تحت عنوان» البحث عن مناضل»، وهي رواية حسب تعبير الناقد المصباحي سياسية نفسية، يقدم نفسه ككتلة واحدة ويفرض عليك لكي تفهم ما وقع. وهي رواية ليست واقعية أو تقليدية، بل موسومة بالتجريد بأسلوب شفاف وسردي من خلال استمالة الذكريات. حيث حاول ضبط معالم السيرة الذاتية على لسان الراوي لذلك كانت روايته مقرونة بشخصيات سياسية ونضالية وكأن له علاقة مباشرة بها، نظرا للوصف الذي حرك تفاصيل هذه الرواية.
فإشكالية الرواية هي موضوع البحث عن مناضل على لسان الراوي كعقدة أصبحت تفرض نفسها، وهو البحث في غرفة مظلمة عن مناضل غير موجود.
أما الجلسة الثالثة والأخيرة فكانت من نصيب رواية «الرقيم الأخير» لعبد الإلاه رابحي، الحائزة على جائزة المغرب في المجال السردي لسنة 2023. وكانت من تقديم محمد آيت لعميم، وقراءة ابراهيم فتاحي، حيث تحدث هذا الأخير عن المتعة الروائية بغض النظر عن التصنيفات الخاصة بالرواية، وهي رواية تتحدث على لسان الراوي وهو السيد الغرباوي المختص في علم الآثار، بذاكرة محملة بحكايات متعددة لها علاقة بالحضارتين البابلية والآشورية، وهي رواية كما قال عنها ابراهيم فتاحي تمتح من التاريخ نسبة إلى تلك الألواح السردية القادمة من العوالم الفوقية.