زاوية سيدي اسماعيل : مُلتقى طُرق بمشاريع مؤجلة وببنى تحتية متدهورة

على بعد 45 كلم من الجديدة عاصمة الاقليم، يقع مركز سيدي اسماعيل كموقع استراتيجي، صلة وصل للقادمين من الجديدة في اتجاه مراكش 150 كلم ، نفس المسافة في اتجاه الدار البيضاء واتجاه اسفي 100 كلم واكادير حوالي 400كلم .ارتبط في اذهان الزوار بالاكل والشواء، اذ أقيمت في المركز مقاه ودكاكين للبيع والشراء ومحلات ومحطة للتزود بالوقود وشرب الشاي المنعنع والمسمن..
موقعها بملتقى الطرق، يؤدي الى كل الاتجاهات الضرورية وتكون بذلك ذات موقع استراتيجيّ هام منذ الاحتلال الفرنسي الذي جعلها نقطة وصلٍ وامتداد الى دكالة الكبرى، وصارت بعد ذلك بوابة صوب أقاليم : سيدي بنور ومراكش واسفي واكادير الجنوبية.
اختارها المقيمُ العام الفرنسي مركزا صغيرا ، حسب بعض الشهادات من الذاكرة الشفوية ، لوجودها فوق أراض خصبة، أراض ممتدة عارية وأخرى بورية مغطاة ببساتين كروم وصبّار ونبق ودوم وحقول حبوبٍ بمختلف الأنواع بمعدل تساقطات مهمة ومفيدة للزراعة وتربية الماشية ولتصبح بعدها سوقاً اقتصاديا مهما لتربية الدواجن وتسويقها.

 

 

تبلغ مساحة زاوية سيدي اسماعيل 140كلم2 تقريبا، حسب معطيات رسمية، تضم حوالي 36دوارا وتجمعا سكنيا، تحيط بها جماعات : سبت سايس حوالي 14 كلم، وزاوية سايس16 كلم، واربعاء مكرس شرقا حوالي 10كلم، تاريخ إحداثها يعود الى 1959.تحدها جنوبا الجماعة الترابية لسانية بركيك وسبت سايس وشمالا الجماعة الترابية مكرس واولاد احسين وشرقا الجماعة الترابية المشرك بني هلال وغربا زاوية سايس واولاد عيسى .
داخل المركز يوجد حي البام، أقدم الأحياء الشعبية الى جانب احياء القرية، المعاشات ودرب الشرفاء والحي الاداري.. وتجزئات: الازدهار والامل وشمس والنور والزيتونة ..
تقول المصادر إن أقدم العائلات والأسر هي المتمركزة بالمركز والنواحي بدواوير السواهلة، والبحابحة وواولاد سيدي عبد الله بن مسعود والشواربة…
ببعدها الديني، كانت تضمّ زاوية للعلم والفقه وتخرج منها العديد من الفقهاء والطلبة وتعزّز اسمها ودورها كزاوية للعلم وصلة وصلٍ بين المناطق المجاورة مما اختزل اسمها الى زاوية لتلقي العلم والفقه واصول الدين ، وببعدٍ اقتصادي لموقعها التجاري كمحطة استراحة لمرور الحافلات والناقلات.. ورغم مكانتها العلمية الدينية والاقتصادية ، باتت ، للأسف، محطة وممرا يعرف الفقر و التهميش والاقصاء ..
تضم المسجد الاعظم الذي بني سنة 1963، وغالبا، كانت الزاوية ملتقى طرقِ القوافل التجارية المارّة والمؤدية الى مراكش/ الحوز او آسفي/ عبدة او العاصمة الرباط، وأن الشيخ سيدي اسماعيل استقر بها بعد رحيل أبيه من نواحي مراكش ليستقر بالمنطقة ويبني بها زاوية للعلم، وتشير المصادر الى لقائه بالمجاهد العياشي(سلا)، من اجل تحرير البريجة من الاستعمار البرتغالي وأنّ لقاءات وغزوات جرتْ بينهما الى جانب ترؤسه لعددٍ مهمٍ من ألوية الفرسان المجاهدين .
حركة «اقتصادية» لا تترجم وضعية المنطقة

يعتمد الأهالي في حياتهم المعيشية والاقتصادية على الزراعة وتربية الماشية، وتعاونيات الحليب التي غزت المنطقة فافْتقد اللبنُ كمادة مهمة للتغذية، فكل شيء اصبح يُباع . وتشتهر المنطقةُ بزراعة الشعير والقمح، وتقول المصادر إن الذرة دخيلة مع الاستعمار البرتغالي، وتنتشر الكروم وبعض أنواع الفواكه وشجر الصبار بكثرة والذي بدأ يعاني من مرضٍ خطير أتى على الكثير منه، وتنتشر بالمنطقة زراعة الدلاح وتربية الدجاج والأرانب والعسل بفضل تناسل تعاونيات فلاحية ..
ويشتغل السكان ببعض الحرفِ بجانب الفلاحة وتربية الماشية وكسبها لتسمينها وبيْعها في اسواق دكالة او ذبحها في مجزرة سيدي اسماعيل. وتشير المصادر الى مجزرة عصرية بُنيت شمال سيدي اسماعيل على بعد اقل من 10 كلمترات بطريق اولاد عيسى، تُعدّ من اكبر المجازر بدكالة، مما يجعلها أهم مصدر تسويقي للّحوم الحمراء.
ويمتهن السكان بيعَ الخضر في الأسواق الاسبوعية أو في أسواق الجملة باكادير ومراكش والدار البيضاء والولجة ..الى جانب المهن الاخرى .فالكثير من أبناء الزاوية عرفوا وابدعوا في ميادين العلم والصناعة والتجارة والدين والرياضة والفن واشتهروا كأطر في الدولة وتركوا بصمات قوية فنيّا وادبياً وعلمياً ورياضيا وسياسيا..
موقعُها الاستراتيجي ومكانتها العلمية لم تكف لكي تتبوأ وتترسخ فيها قيم العصرنة والتمركز لكي تصبح مركزا مهمّا اقتصادياً وتظلّ بإيقاع بطيء لا تكبر ابداً ولا تواكب التطور الذي تعرفه المراكز والمدن الصغيرة بالقرب .
عناوين بارزة للتهميش

مازالت البنية التحتية ضعيفةً وهشّة بالرغم من أن المراحل الاولى لاستكمال الوادي الحار في طور الاكتمال ويراهن عليه البعض للخروج بالمنطقة من عنق الزجاجة، مراهنة اقتصادية نظرا لموقع القرية في ملتقى طرق يؤدي الى مدن ومناطق آهلة وقربها من المنطقة الصناعية الجرف الاصفر واشتمالها على اراض واسعة وطرق مرور رغم هشاشتها فهي تظل المورد الرئيسي لانتعاش التجارة خصوصا الطريق الوطنية رقم 1والطريق السيار الذي يمر بمحاذاتها صوب اسفي والبيضاء، ورغم مخطط تواجد التجزئات السكنية فلا تكاد تزيد عن أصابع اليد ، ومشكلة أزمة السكن والغلاء يعاني منها الموظفون الصغار بالمنطقة ، مما يجعل اكثرهم يُحولون وِجْهتهم الى الجديدة للسكن على بعد اقل من 50 كلم شمالا، ليبدأ مسلسل «النّافيتْ»التنقل اليوميّ والمشاكل العويصة الناتجة عنه، مما يتطلب ايجاد حلول لانعاش الوعاء العقاري وتأهيله وفق مساطر غير معقدة من أجل التوسع العمراني وتزويد المنطقة بمشاريع تنموية مهمة يستفيد منها الشباب التوّاق الى العمل والتوظيف. وبذلك تكون المنطقة راهنتْ على أبنائها بدل أعيانها لإنجاح مشاريع مؤهلة عوض الابتعاد والمساهمة في انعاش مناطق أخرى خارج البلدة بدعوى أن المنطقة لا تصلح لأي شيء .
فالتعليم يعيش أوضاعا متذبذبة بسبب الاكتظاظ، وضعف البنية التحتية وتقادم الاجهزة والمعدات والجدران الآيلة للسقوط والمرافق الصحية ومشاكل الهدر المدرسي وضعف وسائل النقل المدرسي والنقص في الأساتذة. أما الصحة فتعرف نقصا في الأدْوية والازدحام الشديد للمرضى ، حيث طبيب واحد لمئات المرضى القادمين من الجماعات المجاورة وقلّة الموارد البشرية، اضفْ الى ذلك المرافق الاخرى كالجماعة والبريد والقيادة والفلاحة ودار الشباب وقطاع الرياضة وغيرها
ضعفُ البنية التحتية أثّر بطبيعة الحال على عدم تواجد مشاريع مؤهلة في انتظار أنْ تلتفّ كل العقول والايادي الغيورة على المنطقة ، وفي مقدمتهم أبناؤها الذين يحملون رهان التنمية

استفحال أزمة وسائل النقل

تعاني زاوية سيدي اسماعيل من قلة وسائل النقل العمومي، خصوصا في الأوقات الحرجة(العطل ومناسبة الأعياد)، وذلك على طول الطريق الرئيسية الرابطة بين الجديدة وسيدي اسماعيل / سيدي بنور.
وقد وجهت العديد من الشكايات إلى الدوائر المسؤولة ، خصوصا المديرية الإقليمية للنقل والتجهيز، دون جدوى ، وأكدت فعاليات محلية أن وسائل النقل غير متوفرة بالشكل المطلوب ، اضافة إلى تهميش المنطقة بمسلسل الانتظار والتسويف الذي تعاني منه ووضع العراقيل لخدمات أخرى متنوعة وأساسية لفك العزلة عن دواوير الجماعات الترابية المحيطة : مكرس والرحيلات وبني اعجم، وسبت سايس والرواحلة ، والعليوات، وبني اسبع، وبني يخلف ..
وقد ظل الكثير من المواطنين طيلة أيام العطلة الأخيرة ، واقفين في انتظار الذهاب إلى المدن المجاورة لقلّة وسائل النقل العمومي. وتزداد استفحالا كلما تطلب الأمر نقل مريض أو حامل أو عامل لمقر عمله .. وهي وضعية تتطلب تدخل المسؤولين الاقليميين وعلى مستوى التراب الجماعي، من خلال العمل على توفير وسائل النقل العمومي على الطريق الرئيسية المؤدية إلى المدن القريبة من سكناهم ، بدل استعمال وسائل النقل السري وتعريض سلامتهم للخطر ولحوادث السير .
مشاكل بالمركز الصحي

يعيش المركز الصحي بزاوية سيدي اسماعيل وضعا مزريًا ، وكلما توالت السنوات كلما استفحلت المشاكل نتيجة الاهمال والتهميش.
فالمركز الصحي يوجد في موقع استراتيجي هام، يؤمه المرضى من كل الجماعات المحيطة به نظرا لسهولة الولوج إلى «الفيلاج» / المركز، وقربه وتواجد المصالح المهِمة به، مما حتّم توافد الكثير من المرضى طلبا للتداوي في انتظار بناء المستشفى الكبير كحلم يطمح إليه المواطنون المغلوبون على أمرهم ، في ظل تأكيد المسؤولين الجماعيين على أن الأمور التقنية مهيأة وأن الكرة في مرمى وزارة الصحة .
وإلى ذلك فالعديد من المشاكل تفاقمت مع ضعف الخدمات الصحية إلى جانب نقص الموارد البشرية حيث تمت احالة أغلبية موظفي المركز الصحي الى التقاعد دون تعويضهم، ويظهر الخصاص حاليا في أربعة أو خمسة ممرضين آخرين لتغطية الحاجيات الضرورية وللعلاجات الوقائية والتكلف بالصيدلية والحراسة الليلية ..
ولتدبير الخصاص والسيْر العادي اليومي يضطر المركز إلى تدبير وإلغاء الحراسة الليلية وأيام الأعياد والعطل وتفادي المشاكل خصوصا وأن عدد المرضى يفوق 200 يوميا في الامراض المزمنة والولادة والفحص الطبي والاطفال والحالات المستعجلة نتيجة الحوادث …
وأوضحت مصادر مطلعة أن المركز يحتاج إلى أدوية للأمراض المنتشرة في المنطقة وتوفيرها لذوي الإحتياجات ، حيث لا ترقى لطموحات المواطنين وإلى سيارة اسعاف خاصة بالمركز لحلّ مشاكل بعض الحوادث التي تقع منتصف الطريق الرئيسية، والتفريق بين الحالات التي تُحمل إلى المركز الصحي والاخرى التي يجب أن تذهب إلى المستشفى الكبير بالجديدة، تفاديا لضياع الوقت واهمال المرضى،
وتساءلت فعاليات محلية عن سبب تواجد سيارة الاسعاف بمرأب الجماعة أو بمحيطها في حين أنه يجب أن تكون تحت اشارة ادارة المركز والمرضى، مع الإشارة الى النقص المتمثل في تواجد سائق واحد لسيارة الاسعاف. كما تحدثت عن صعوبة الولوج للاستشفاء لكثرة المرضى وتناسل سلوكات الزبونية وعدم احترام الأسبقية ومخالفة القانون والانتظار وتعقيدات التسجيل والضبط..وطالبت بالزيادة في الموارد البشرية والتجهيزات الطبية والادوية والخدمات الاجتماعية والدعوة إلى تضافر جهود جميع المتدخلين للنهوض بقطاع الصحة بالمركز .


الكاتب : ماعزي عزالدين

  

بتاريخ : 09/02/2018