سؤال – جواب : الإعاقة والمقاربة الاجتماعية 

 

أكد الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، إثر مناقشته  تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بـ»الأشخاص في وضعية إعاقة»، أن «الاتحاد الاشتراكي يولي أهمية بالغة للتتبع والتفاعل مع هذا النوع من التقارير، نظرا لما تقدمه من تشخيص موضوعي للإشكالية موضوع البحث والتقصي، كما تسمح ببلورة تصور متكامل سياسيا واجتماعيا لقضايا المواطن المغربي عبر التراب الوطني.”
وسجل الفريق أن التقرير في باب تناوله لواقع الإعاقة في بلادنا، قد سلط الضوء على نسب انتشار الإعاقة التي تعرف ارتفاعا كبيرا خصوصا عندما يتم ربطها بعامل السن، إذ يؤكد التقرير أن انتشار الإعاقة يتزايد مع تقدم العمر، الأمر الذي يستوجب الانتباه إليه من أجل العمل على النهوض برعاية الأشخاص المسنين.
وأوضح أن التقرير شدد على مكامن الخلل بالنسبة لهذه الفئة من حيث المستوى التعليمي والمتمثل في محدودية استفادة الأشخاص في وضعية إعاقة من حق التمدرس والتعليم بمختلف المسالك، وأن الكثير منهم لم تخول لهم الفرصة للولوج إلى المدارس وهم بدون مستوى تعليمي، كما يذهب التقرير إلى التأكيد على غياب المقاربة المجالية في ما يتعلق بالمؤسسات الدامجة على المستوى الوطني، أخذا بعين الاعتبار المعاناة اليومية المختلفة للأشخاص في وضعية إعاقة بعدم قدرتهم الولوج إلى الخدمات الضرورية والأساسية بكل سهولة وكرامة أيضا.
وفي باب تعاطيه مع الإطار التشريعي والمؤسساتي الخاص بفئة الأشخاص في وضعية إعاقة، أشار تدخل الفريق الاشتراكي إلى أن بلادنا، وبفضل التوجيهات الملكية، لا تدخر جهدا في سبيل وضع ترسانة قانونية تعنى بهذه الفئات، كما أن وجود قطاع وزاري خاص بتنفيذ السياسات المتعلقة بمجال الإعاقة يمثل اعترافا صريحا لبلادنا حول تبنيها لقضايا هذه الفئات والإرادة المطلقة من أجل تنزيل السياسات المرتبطة بهم، مضيفا أن التأخر الحاصل في إصدار النصوص التطبيقية المتعلقة بالقانون الإطار يعني الاستمرار في نهج سياسة الإقصاء والتمييز واللامساواة تجاه هذه الفئات، كما يعني الاستمرار في تكريس المقاربة الإحسانية وليس التعامل معها كأصحاب حقوق على الدولة أن تتحمل كامل مسؤوليتها في تنزيل كل مقتضى قانوني من شأنه أن يخدم أو يحمي هذه الفئات بما يضمن لها العيش الكريم، على الأقل العمل على إصدار بطاقة الشخص في وضعية إعاقة التي تكفل لهم مجموعة من الحقوق (نص تنظيمي يحدد شكل البطاقة والبيانات التي تتضمنها ومدة صلاحيتها وشروط ومسطرة الحصول عليها، والجهة المؤهلة لتسليمها).
وفي ما يتعلق بالسياسات والبرامج ذات الصلة بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، وبالأرقام، أوضح الاتحاد أن نسبة الأشخاص في وضعية إعاقة دون تعلم تصل إلى 66.1 في المائة، وتمثل الإناث الغالبية العظمى بنسبة 66.6 في المائة. وتؤكد تقارير المجلس الأعلى للتربية والتكوين أن السياسات التربوية بالمغرب لم تتمكن بعد من أن تشمل كل الأطفال الذين يعانون من صعوبات اجتماعية، ولم تستوعب كل أصناف الهشاشة، وهو ما يجعل هذه السياسات بعيدة عن تحقيق هدف التربية الدامجة.
أما في ما يتعلق بمجال الصحة فنتائج البحث الوطني حول الإعاقة، قد بينت أن 60 في المائة من الأشخاص في وضعية إعاقة لا يستطيعون الولوج إلى الخدمات الصحية العامة التي توفرها المنظومة الصحية بالمغرب، وذلك لأسباب مالية وبسبب عدم وجود مؤسسة أو بنية طبية سهلة الولوج، خاصة أن 38 في المائة منهم يعيشون في الوسط القروي. وبخصوص الحماية الاجتماعية، فإن ثلثي الأشخاص ذوي الإعاقة لا يستفيدون من أي نظام للضمان الاجتماعي، ويعود ذلك أولا، إلى ندرة المعطيات المتعلقة بالوضعية الاجتماعية، للأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب لتحديد موقعهم ضمن ورش نظام الحماية الاجتماعية، ثم صعوبة ترجمة النصوص القانونية إلى مداخل حقيقية لضمان الحماية الاجتماعية لهذه الفئة وكذا الشروع في تنفيذ البرامج .  وفي مجال التشغيل لدى الأشخاص في وضعية إعاقة في سن النشاط، فتبلغ النسبة 13.6 في المائة، أي ما يقل بثلاث مرات عن معدل التشغيل على المستوى الوطني، وتواجه النساء صعوبة أكثر في الولوج لشغل، إذ يبلغ معدل التشغيل في صفوفهن 2.7 في المائة على الصعيد الوطني.  وهنا يتبين أن عدم الاستقرار المهني يمس عددا كبيرا من الأشخاص في وضعية إعاقة مهما كان نوع إعاقتهم. وخلص التدخل إلى أن نسبة كبيرة من الأشخاص في وضعية إعاقة، تجد نفسها محرومة من حقها الأساسي في التعليم، والشغل، والصحة، وعرضة للتمييز والإقصاء الاجتماعي، مما يؤشر على عدم فعلية البرامج الموضوعة، وذلك راجع أساسا لانتشار الصور النمطية والتمثلات السلبية تجاه الأشخاص في وضعية إعاقة في المجتمع وضعف أو غياب الالتقائية بين السياسات المجالية والتنسيق بين كافة المتدخلين في مجال الإعاقة وغياب الولوجيات بمفهومها الشامل، مما يحد من إمكانية الوصول إلى الحقوق والتمتع بالخدمات.


الكاتب : م. الطالبي

  

بتاريخ : 31/08/2023