سؤال فرضته تداعيات الحرب في أوكرانيا، هل دخل العالم حقبة نووية جديدة؟

قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن الغزو الروسي لأوكرانيا من شأنه أن يطلق العنان لحقبة جديدة من «الابتزاز والانتشار» النووي.
وأشارت الصحيفة إلى إن تداعيات الحرب على أوكرانيا لم تتوقف عند انتهاك أراض دولة ذات سيادة، أو تدمير مدن بأكملها، أو قتل وتهجير المدنيين، بل تفتح الباب أمام حقبة نووية جديدة، نظرا لطموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبحسب الصحيفة، فإن تلك الطموحات من شأنها أن تؤدي إلى عودة ما أسمته «الابتزاز النووي»، كأداة لفن الحكم، فضلا عن تحفيز دول أخرى للحصول على أسلحة نووية.
ويتمثل الخطر الأكبر بالنسبة للصحيفة في لجوء الجيش الروسي إلى استخدام السلاح النووي، لتعويض خسائره وتعثره في أوكرانيا، وبطء عملية الغزو التي انطلقت منذ 24 فبراير الماضي.
وفي هذا الصدد، أشارت الصحيفة إلى تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، التي حذر فيها قبل أسبوعين من الخطر «الكبير» المتمثل في نشوب صراع نووي. في المقابل، اعتبر مسؤولون أمريكيون أنه لا توجد مؤشرات على تفكير الروس في تحويل الحرب في أوكرانيا إلى حرب نووية.
وفي الوقت ذاته، يؤكد المسؤولون الروس على موقفهم بأن «الحرب النووية لا يمكن كسبها، ويجب عدم خوضها»، إلا إذا كانت «الدولة الروسية نفسها تحت التهديد».
وسابقاً كان «الابتزاز النووي» حاضرا بقوة في صراعات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي .
وقال أستاذ الأمن القومي في جامعة كولومبيا الأمريكية، ريتشارد بيتس، الذي نشر كتابا حول «الابتزاز النووي» في الثمانينات: «مثل هذه التهديدات النووية قد استخدمت في ما لا يقل عن 12 حالة».
وأضاف: «كان الابتزاز النووي دائما أمرا خفيا وغامضا إلى حد ما»، مشيرا إلى تحول الأمر إلى تهديد واضح في عهد بوتين.
ويرى أحد المخضرمين في السياسات النووية، ستيفن هادلي، وهو مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، أن  الولايات المتحدة ستنأذى من مخاطر الحرب النووية، لدرجة التراجع عن وقف مخططات بوتين بشأن أوكرانيا، وفقا لـ»وول ستريت جورنال».
وكثفت الإدارة الأمريكية المساعدات لأوكرانيا منذ بدء روسيا في التلميح مباشرة إلى إمكانية «استخدام الأسلحة النووية». لكن الصحيفة الأمريكية تحذر من استخدام دول أخرى لسلاح «الابتزاز النووي»، على غرار ما يفعله بوتين في أوكرانيا.
تهديدات كوريا الشمالية

أكد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون من جديد أن بيونغيانغ يمكن أن تستخدم «بشكل استباقي» أسلحة نووية لمواجهة قوات معادية، كما ذكرت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية السبت.
وقال كيم جونغ أون، إنه «للمحافظة على التفوق المطلق» للقوات المسلحة الكورية الشمالية، يجب أن تكون كوريا الشمالية قادرة على «احتواء وتطويق كل المحاولات الخطيرة والتهديدات بشكل استباقي في حال الضرورة». وأكد أن على بيونغيانغ أن تواصل تطوير ترسانتها لتمتلك «قوة عسكرية ساحقة لا يمكن لأي قوة في العالم أن تستفزها»، مشددا على أن ذلك هو «طوق النجاة الذي يضمن أمن بلدنا».
وخلال عرض عسكري كبير في 25 أبريل قال كيم جونغ أون إنه قد يلجأ إلى الأسلحة النووية إذا تعرضت «المصالح الأساسية» لكوريا الشمالية لأي تهديد.
وكرر كيم جونغ أون هذه التصريحات خلال اجتماع مع كبار الضباط الذين أثني على عملهم خلال هذا العرض العسكري الذي تم تنظيمه بمناسبة الذكرى التسعين للجيش الثوري الشعبي الكوري.
وبهذه المناسبة عرضت أقوى صواريخ باليستية عابرة للقارات.
وعلى الرغم من العقوبات الدولية القاسية، تواصل كوريا الشمالية تحديث جيشها. ومنذ بداية العام، أجرت بيونغيونغ أكثر من عشر تجارب إطلاق قذائف بما في ذلك إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات بعيد المدى للمرة الأولى منذ 2017.
وما زالت بيونغيانغ تتجاهل عرض واشنطن استئناف المفاوضات.
ويرى محللون أن تصريحات الزعيم الكوري الشمالي قد تكون موجهة إلى الرئيس الكوري الجنوبي الجديد المحافظ يون سوك-يول الذي تولى مهامه في العاشر من مايو وكان قد وعد باتخاذ موقف أكثر صرامة في مواجهة استفزازات الشمال.
ويعتبر محللون أن تحذيرات كيم جونغ أون تكشف أنه غير منفتح على الحوار مع حكومة سيئول الجديدة.
وقال ليف إريك إيسلي أستاذ الدراسات الدولية في جامعة إيوا في سيئول، إن «تصريحات كيم تكشف أنه لا يريد الانخراط مع إدارة يون الجديدة أو استئناف محادثات نزع السلاح النووي مع الولايات المتحدة».
قدرات إيران

إلى ذلك نشر موقع «ميدل إيست آي» البريطاني تقريرا تحدث فيه عن مدى قدرة الحرب الأوكرانية على تنمية طموحات إيران النووية.
وقال الموقعإن الصراع الأوكراني يُظهر أن الطريقة الوحيدة لأي دولة للحفاظ على استقلالها تكون إما من خلال امتلاك أسلحة نووية أو تكون ضمن نادي القوى العظمى.
وحسب مصادر مطلعة على المفاوضات، فإن المواقف التفاوضية الجديدة التي طرحها الجانبان قد أعاقت العملية. كما أن هناك مؤشرات على وجود انقسامات بين المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، حيث تميل المملكة المتحدة في الوقت الحالي إلى مساندة موقف الولايات المتحدة.
وأوضح الموقع مزايا خطّة العمل الشاملة المشتركة التي استفاد منها الغرب من خلال السماح ببقاء إسرائيل القوة النووية الوحيدة في المنطقة وبتعزيزها لقوتها الإقليمية المهيمنة، وحالت دون مزيد من الانتشار بين المناطق المجاورة، حيث كان من المرجح أن ترغب كل من السعودية والإمارات وتركيا في اكتساب السلاح النووي إذا ما فعلت إيران ذلك. ومع ذلك، كان هناك الكثير من الإخفاقات الكبيرة ونقاط الانهيار التي تحوم حول هذه الخطة.
وأومأ الموقع إلى أربع نقاط انهيار رئيسية في الصفقة أولها بنود «الغروب» التي وافق بمقتضاها الأعضاء على جملة من القيود المفروضة التي تصبح معظمها سارية النفاذ بعد خمسة وثمانية وعشرة و15 عامًا على إيران. وهي تسمح لإيران تدريجيًا بتكثيف برنامجها النووي وترك القيود الصاروخية والعسكرية الأخرى تنتهي.
وتطرق الموقع إلى الخوف من إمكانية تمتع أي اتفاق مستقبلي بنفس الأطر الزمنية التي ستسمح لإيران بجني المكافآت المالية من رفع العقوبات، دون الاضطرار إلى تقليص طموحاتها النووية طويلة الأجل أو قبول بنود انقضاء أطول وأكثر تقييدًا.
وتتمثل النقطة الثانية في إصرار إيران على إزالة الحرس الثوري الإسلامي من القائمة السوداء بعد توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة في البداية، وهي قائمة تعود لوزارة الخارجية الأمريكية للتنظيمات الإرهابية الأجنبية؛ وهو ما جعل الولايات المتحدة تُصر على عدم إمكانية جعل هذه النقطة شرطا لتجديد الصفقة.
وأورد الموقع نقطة الانهيار الثالثة التي تطالب فيها إيران بتقديم ضمانات حول عدم عودة شخصية أخرى شبيهة بترامب، أو ترامب نفسه، إلى السلطة. لهذا السبب، ترغب إيران في رؤية الصفقة تمر من خلال الكونغرس وهو أمر من غير المرجح أن يُحقق سياسيًا، قائلة إن عدم استقرار الديمقراطية الأمريكية، وبالتالي خطة العمل الشاملة المشتركة، سيقوض ثقة المستثمرين في البلاد ويمنعهم من الاستفادة من إنهاء العقوبات.
وتتمثل النقطة الرابعة في تردد إيران فيما يتعلق بتقليص دعمها للميليشيات والوكلاء وكبح التدخل في الشؤون العربية.
وفي غضون ذلك، اقتربت الانتخابات النصفية للولايات المتحدة، واستنفد الصراع في أوكرانيا النطاق الترددي السياسي، مما أثر بشكل كبير على الرأي العام. ومن الواضح وجود عوائق ضخمة يجب التغلب عليها إذا ما كانت هناك إرادة بشأن إعادة تجديد هذه الصفقة. ستكون عودة إيران إلى خطة العمل الشاملة المشتركة موضع ترحيب. وبالنسبة لإيران، ستطلق ببساطة القبضة المؤلمة التي تفرضها العقوبات على اقتصادها.
ماذا لو تعذر التوصل إلى اتفاق، أو أصرت إيران على امتلاك أسلحة نووية وسعت للانضمام إلى نادي القوى النووية؟ وإذا ما وقع ذلك، فما الذي يمكن أن يفعله الغرب؟
حسب الموقع، سيكون رد الفعل السريع هو استخدام القوة لإيقافه، حيث يدفع الأوكرانيون في الصراع الأوكراني أغلى ثمن. ومن المرجح أن الضربة الدقيقة الاستباقية على المنشآت النووية الإيرانية يمكن أن تحول أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا أخرى.
بدلاً من ذلك، يجدر التفكير فيما يمكن للغرب طلبه مقابل السماح لإيران بالحصول على أسلحة نووية في إطار تفاوضي. ومن جملة الاحتمالات يمكن المطالبة بوقف دعم إيران التخريبي للوكلاء والميليشيات في المنطقة الذي من شأنه أن يسمح لليمن وسوريا ولبنان والعراق بأن تصبح دولاً مستقلة ذات سيادة. ويرى الموقع أن انضمام إيران إلى النادي النووي سيمنحها اعترافًا دوليًا وبالتالي من المتوقع أن تتصرف بمسؤولية. ولكن هناك الكثير من الشكوك والمخاوف بشأن استقرار إيران ومدى قبول القوى الأخرى بامتلاكها القدرة النووية.
مع ذلك، وكما هو معروف في مصطلحات السياسة الواقعية، فإن نشر سلاح نووي مع معرفة عواقبه الوخيمة لن يكون عملاً عقلانياً. وبالتالي، هل يمكن للغرب أن يثق بإيران لتكون لاعباً عقلانياً في هذا السيناريو؟
سعي إيران للأمن

أوضح الموقع أن الدافع الرئيسي وراء رغبة إيران في امتلاك أسلحة نووية يأتي من سعيها لتحقيق الأمن. ومع وجود العديد من القوى متوسطة المستوى التي تتنافس على النفوذ في المنطقة، تشعر إيران بالتهديد من أمثال إسرائيل والإمارات والسعودية. ولكن امتلاكها لترسانتها النووية الخاصة سوف يمنحها ضمانًا أكبر بعدم التعرض للغزو وسيمنع الدول الغربية من التدخل في شؤونها الداخلية، وسيجنبها ما شعرت به جراء الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات من عزلة ووحدة.
وأشار الموقع إلى أنه عندما تخلت أوكرانيا عن أسلحتها النووية، قامت بالعديد من الترتيبات الأمنية مع القوى الغربية التي تستند إليها الآن لمقاومة العدوان الروسي. ولكن هل سيمنح الغرب إيران مثل هذه الضمانات بدلاً من الأسلحة النووية، وهل تستطيع إيران الوثوق بالغرب في وقت الحاجة؟
أشار الموقع إلى القلق الذي سينجر عن امتلاك إيران لأسلحة نووية، حيث أن دولًا أخرى مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا سترغب أيضًا في أن تحذو حذوها. وبالتالي، ما الذي سيحل بمعاهدة عدم الانتشار؟
يكمن الخطر في أنه إذا لم يساعد الغرب أو إسرائيل هذه الدول لكي تصبح نووية، فيمكنها اللجوء إلى روسيا والصين، حيث تمتلك إيران بالفعل قدرة صاروخية قصيرة ومتوسطة المدى، وهي على وشك تسخير اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة. لهذا السبب، يجب أن تظل الجهود الدبلوماسية موجهة نحو التوصل إلى اتفاق للحد من طموحات إيران النووية، ولا يزال من المرجح حدوث ذلك رغم الشكوك التي يؤكدها الموقع فيما يتعلق بنوايا إيران وطموحاتها التوسعية، ورغم مجادلة البعض بوجود ضوابط وتوازنات في النظام الإيراني.


بتاريخ : 17/05/2022