« سادية » منتخبي العاصمة الاقتصادية في هدر الزمن البيضاوي

 

أعادت وزارة الداخلية، مؤخرا، برنامج تنمية جهة الدارالبيضاء سطات إلى مدبري الجهة دون أن تؤشر عليه، مسجلة مجموعة من الملاحظات التي لا يمكن السماح بمرورها لأن الجهة ومكتب الدراسات الذي اعتمدته، اقترفا عددا من الأخطاء وهما يرسمان المشاريع التي ستباشرها الجهة خلال ولايتها هذه، ومن ذلك، بحسب ما تسرب من أخبار، أنها خططت لمشاريع شراكات مع مؤسسات وجماعات ومقاطعات فوق عقارات لم تتم تصفيتها، وكذا لاحظت الوزارة أن الجهة وضعت برامج لا تدخل ضمن اختصاصاتها، بالإضافة إلى أخطاء أخرى طالبت الوزارة المدبرين بتصحيحها حتى يكون البرنامج سليما من الناحية القانونية.
الجهة ورغم عدم تسليط الضوء عليها إعلاميا بالشكل المطلوب وتبدو أنها تسبح في مياه هادئة، إلا أن الواقع ليس كذلك، فقصة المسالك التي برمجت في العالم القروي بالملايير مازالت قائمة، وما زالت احتجاجات رؤساء عدد من الجماعات القروية والمجتمع المدني تتوالى حول الحالة غير المرضية لتلك المسالك، التي أنجزت بتمويل بقرض من إحدى المؤسسات المالية الدولية، وكان رئيس الجهة قد أعلن في وقت سابق أنه سيوقف أشغالها إلى حين معرفة الخلل لكن الأشغال استمرت وبنفس الطريقة أمام اندهاش الجميع، ليس هذا هو مربط الفرس في هذا المقام، ما يهم الآن هو أن القانون يحث المجالس المنتخبة على أن تضع برامج عملها ومخططاتها في ظرف سنة على الأكثر منذ انتخابها، وها قد مرت سنة وستة أشهر ولم يخرج أي شيء للوجود، بسبب سوء برمجة المشاريع بالكيفية التي تفرضها القوانين في هذا المجال، وهو ما ينم عن سوء تقديرات الجهة وخطئها، وهذا أمر غير مقبول.
ما قيل عن الجهة يقال أيضا عن مجلس مدينة الدارالبيضاء، فهذا المجلس لم يعلن حتى حدود الساعة عن حرف من برنامج عمله، رغم أنه التجأ بدوره لمكتب للدراسات منفقا ملايين الدراهم إلا أنه أخطأ الموعد، وهو يسير الأمور الآن بشكل عشوائي دون تحديد للأولويات وللأهداف، وهذا أمر مؤسف حقا لأننا مازلنا نسبح في بحر سوء الحكامة، وهي لعنة التصقت بمجالس هذه المدينة، التي أرادتها الدولة أن تصبح عاصمة للمال والأعمال ونقطة جذب للاستثمارات الدولية، مجلس المدينة لم يخلف الموعد فقط مع وضع برنامج عمله، بل إنه غارق في تبديد الوقت، فخلال الدورة الأخيرة اضطر إلى تأجيل النقطة المتعلقة بمنح الجمعيات إلى الجلسة الثانية من الدورة، بسبب الأخطاء الغزيرة التي ارتكبها في معالجة هذا الملف، ما أثار حفيظة المنتخبين أنفسهم ومعهم الجمعيات التي اعتبرت نفسها أقصيت، الأخطر من هذا أن هذا الملف أبرز بعضا مما تخفيه الأكمة، ولعل أكبر عنوان تجلى هو أن التحالف المسير يعاني أزمة ثقة بين مكوناته وخللا في الانسجام المطلوب، إذ رغم التصويت العددي فالمداخلات تثبت بأن كلا يغني على ليلاه، ومن بين ما ظهر أيضا أن بعض المدبرين لهم خلافات حتى مع الموظفين وهو ما يؤسف له حقا.
في الدورة ما قبل الأخيرة، يذكر الجميع كيف أن الوالي رفض التأشير على ما تم تمريره من لدن المجلس الذي ارتكب أخطاء عديدة وهو يضع ميزانيته، ما اضطر معه إلى عقد دورة ثانية لتصحيح الأخطاء المرتكبة والاستجابة لروح القوانين المنظمة للعمل الجماعي.
المجلسان بفعل ما تم ذكره يغوصان في هدر الزمن البيضاوي وتبديد وقت الساكنة وتعطيل السرعة التي رسمتها الدولة للدفع بالمدينة لولوج نادي العواصم المالية العالمية، وهو أمر يتطلب أكثر من وقفة وتقييم جيد لما فات من وقت لتصحيح الأعطاب التدبيرية المعرقلة.


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 14/02/2023