سعيد يقطين محاضرا في كلية اللغات والفنون بسطات: الدراسات الأدبية الحالية تفتقر إلى إنتاج معرفة علمية دقيقة

استضاف مسلك الدراسات العربية، بكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية جامعة الحسن الأول بسطات، الأستاذ سعيد يقطين، أحد أهم الأسماء البارزة في مجال الدرس الأدبي والفكر النقدي العربيين ،حيث ألقى سعيد يقطين، صباح يوم الجمعة 06 دجنبر 2024 (ابتداء من الساعة العاشرة صباحا)، درسا افتتاحيا للموسم الجامعي 2024-2025 في موضوع: “مدخل إلى ابستمولوجيا الدراسات الأدبية” بقاعة المحاضرات بمركز البحث والابتكار.
أدار هذا اللقاء الأستاذ ناصر ليديم، الذي استعرض جانبًا من المشروع النقدي لسعيد يقطين، والمتوج بإصدار عدد مهم من المؤلفات، ساهمت في تجديد الدرس الأدبي بالجامعات المغربية والعربية، وتطوير النقد الأدبي من خلال مفاهيمه وأدواته الإجرائية.
وفي كلمته أشار إبراهيم أزوغ منسق مسلك الدراسات العربية ومسلك الآداب والثقافة والتواصل، مرحبا بالأستاذ سعيد يقطين ومعبرا عن اعتزاز المسلكين باستضافته، إلى أن أهمية هذا الدرس تتأتى من كون سعيد يقطين إلى جانب كونه أستاذا؛ خبر صيغ التدريس الجامعي وأشكال التأطير البحثي لسنوات، قدم للمكتبة العربية مدونة نقدية متخصصة تميزت بالتنوع والتراكم والمعالجة العلمية.
وأعرب الأستاذ الدكتور سعيد يقطين عن سعادته وحرصه على حضور اللقاء رغم التزاماته الكثيرة، حيث جاء من نواكشوط وهو في طريقه إلى الكويت، مؤكداً أهمية الدروس الافتتاحية التي تطرح قضايا الدراسات النقدية.
في مستهل محاضرته، أبرز يقطين أهمية الأدب باعتباره تعبيراً فريداً يميز الشعوب، مشيراً إلى وجود أدب عربي أو صيني، مقابل غياب “فيزياء فرنسية” أو “رياضيات يابانية”، حيث تُعد العلوم الحقة مشتركة بين الأمم فيما تختص كل أمة بأدبها. وطرح تساؤلات حول ماهية الأدب وكيفية التعامل معه، مبرزاً أعطاب الرؤية النقدية السائدة منذ عصر النهضة، والتي ظلت تقليدية دون تطور.
أكد يقطين أن فهم الأدب يحتاج إلى تغيير جذري في الرؤية، لأن النظرة الحالية تمزج جامعة بين الأدب باعتباره فناً وعلماً في الآن نفسه، مما يجعل الدراسات الأدبية هجينة. كما أشار إلى غياب مفهوم “العالِم الأدبي” بسبب عدم تحديد الاختصاصات، مؤكدا على أن العلم الوحيد الذي عرفه مجال الدراسات الأدبية هو علم التحقيق، وهو كذلك أحد المجالات التي أُهملت رغم وجود آلاف المخطوطات غير المدروسة.
وعرض المحاضر، مناقشا، تطور الدراسات الأدبية في سياق علمي، مشيداً بدور اللسانيات والدراسات البنيوية، موضحاً أنها ليست مجرد منهج بل تحولت إلى إبدال معرفي يهدف إلى دراسة الظواهر الإنسانية بشكل علمي. كما تناول مفهوم “الأدبية”، باعتبارها الخاصية التي تميز الأدب عن غيره، داعياً إلى الاهتمام بجماليات النص الأدبي وشكله الذي بالضرورة سيقود إلى نتائج أبحاث علمية.
وفي حديثه عن البنيوية، تناول ظهور علمي البويطيقا والسيميوطيقا، موضحاً أن البويطيقا تركز على الشكل الأدبي، بينما تهتم السيميوطيقا بالمعاني والدلالات. وأشار إلى أن الدراسات النقدية العربية لم تطور هذين العلمين، بل ظلت مقتصرة على تقليد المناهج دون ابتكار.
وركز يقطين كذلك على نقد مفهوم “تداخل التخصصات” الذي اعتبره مجرد أسطورة، داعياً إلى تطوير رؤية علمية لدراسة الأدب تعتمد على الاختصاص الدقيق والخلفية المعرفية الواضحة. كما شدد على أهمية مفهوم “جمالية الأدب” كعنصر أساسي في الدراسات الأدبية، محذراً من الانجراف نحو تيارات تهمل هذا البعد الجوهري.
اختتم الدكتور يقطين حديثه بالإشارة إلى عنوان المحاضرة “مدخل إلى إبستمولوجيا الدراسات الأدبية”، مؤكداً أن الدراسات الأدبية الحالية تفتقر إلى إنتاج معرفة علمية دقيقة، مما يجعلها أقرب إلى النقد الأدبي منها إلى العلم.
في نهاية اللقاء، أثار الحضور في مداخلاته مجموعة من الأسئلة حول الأفكار التي طرحها الأستاذ سعيد يقطين، خصوصاً في ما يتعلق بمسألة تطوير الدرس النقدي لمواكبة التحولات العالمية. ودعا الدكتور يقطين إلى التنافس البناء بين الأساتذة، ونصح الطلبة والباحثين بالتحلي بالتواضع وطرح الأسئلة بوصفهما مفتاحي النجاح.
وفي كلمة ختامية جدد إبراهيم أزوغ منسق اللقاء كلمة الشكر للأستاذ يقطين وللحضور على حضوره وتفاعله، مؤكدا على أن الغاية من الدرس قد تحققت في ما عبر عنه الحضور أساتذة وطلبة باحثين؛ في تفاعلهم مع الدرس من استشعار لأهمية درس الأدب وضرورة تطويره آليات مقاربته.


الكاتب : متابعة: مراد الزياتي

  

بتاريخ : 10/12/2024