سفاحون في مواجهة جرائم استثنائية (20) : قتل والدته وابن اخته من أجل السرقة

اهتز سكان مدينة اليوسفية ، في إحدى الصباحات القائضة ، على وقع جريمة هي الأولى من نوعها، إذ لم تشهدها المدينة  من قبل، فقد أقدم المدعو محمد على ذبح أمه المسنة 79 سنة، وابن أخته البالغ من العمر ثمان سنوات. ففي الوقت الذي كانت عائلات لويس جنتي يتناولون طعام الغداء كانت جثتان تتعرضان للتعفن، الأولى لأم مسنة تقارب الثمانين سنة والثانية لطفل صغير يبلغ من العمر ثمان سنوات، لقد ارتكبت الجريمة في الساعات الأولى من يوم الاربعاء ، وبقيت طي الكتمان إلى حدود صبيحة يوم الجمعة ، عندما أصرت ابنة الضحية العجوز على الدخول إلى البيت الكائن بحي التقدم زنقة نجيب محفوظ عبر سطوح الجيران، وكانت قبل ذلك قد ترددت على البيت مرتين لتجد فقط الباب موصدا ولتعود دون أن تعثر على أمها، وكم كانت صدمة إبنة المسنة قوية عندما وجدت أمها وابن أختها جثتين هامدتين متعفنتين منخورتين بطعنات سكين دون رحمة أو شفقة، بل وممثل بهما، ومذبوحتين من الوريد إلى الوريد. وبعد أن تم إخبار مفوضية الشرطة باليوسفية  انتقلت فرقة إلى عين المكان قصد معاينة الجريمة وبداية البحث عن خيوطها.
وكانت الجريمة بين الخمر والخليلة..
ورث المشتبه فيه بارتكابه هذه الجريمة، مبلغ ثمانين مليون سنتيما عن أبيه، وكانت له خليلة تدعى «عزيزة»، شرعا معا في تبذير المبلغ المذكور بشكل مثير و سفه ملحوظ، وفي ظرف وجيز نفذ المبلغ لينطلق مسلسل البحث عن مبلغ مالي آخر لاستكمال متعتهما، كانت أمه المسنة هي الملاذ الذي سيلتجئ إليه للحصول على المال، وفعلا اقتنى قنينة خمر، وبعد أن تجرعها، اتخذ طريقه نحو بيت أمه، ليطالبها بالمال، وعندما لم تستجب لطلبه طعنها ثلاث طعنات قاتلة، إحداها كانت في ثديها، ثم طعن ابن أخته فأرداه قتيلا، و في النهاية ذبحهما و أسرف في التمثيل بهما.
كانت أول ما تمت ملاحظته عند اكتشاف الجريمة هو غياب جهاز التلفاز وبعض الأقمشة الخاصة بالنساء، ومجموعة من الحلي، مما دل على أن دافع الجريمة كان هو السرقة، و قد لوحظ غياب المشتبه فيه أثناء اكتشاف الحادثة المثيرة، لتشير إليه أصابع الاتهام، و ليكون ذلك هو الخيط الذي سيقود الضابطة القضائية إلى اكتشاف لغز الجريمة، وبسرعة توصلت إلى العشيقة عزيزة، التي ستوضع بمعية هاتفها النقال رهن إشارة الشرطة بهدف القبض على المتهم خصوصا وأنها كانت آخر من رأته ليلة ارتكاب الجريمة، وبالفعل وهذا ما حصل ليلة السبت ، حيث رن هاتفها المحمول على الساعة العاشرة ليلا ليكون المتكلم هو المتهم عشيقها محمد، الذي أخبرها بارتكابه للجريمة ومكان تواجده بمحطة «أولاد زيان بالبيضاء ، واعدا إياها بالاتصال بها يوم الأحد على الساعة العاشرة صباحا، وطلب منها تحت تأنيب ضميره أن تكتب رسالة مجهولة وتضعها في صندوق رسائل بيت أخته  من أجل إنقاذ جثة أمه وابن اخته من التعفن. بعد هذه المكالمة تشكلت فرقة مشتركة من مصالح أمن اليوسفية  وآسفي، وتوجهت، رفقة «عزيزة»، إلى مدينة البيضاء ، وليلة الاثنين رن هاتف «عزيزة» مرة أخرى ليخبرها المتهم أنه متواجد بمدينة وجدة ، وفي الحين تم التخطيط من أجل استدراجه إلى مدينة البيضاء ، وأمام ما يكنه محمد لعشيقته عزيزة من «حب»، أكد لها أنه سيمتطي أول حافلة متجهة صوب مدينة البيضاء ، وتوقفت الحافلة بعد انتظار طويل، لتقف فرقة الشرطة مشدوهة لعدم وجود المتهم بداخلها! وعندما تم استفسار السائق، من خلال صورة المتهم، أخبرهم بأمر اعتقاله من طرف فرقة من الدرك الملكي قرب مدينة تاوريرت بسبب تناوله للخمر تم التواصل بين مصالح الامن مركزيا وماهي إلا ساعات حتى كانت فرقة من أمن اليوسفية تتسلم المتهم الذي أنهار من هول ما ارتكبه حيث أحيل على المحكمة التي إدانته من أجل ارتكاب جريمة قتل ضد الأصول والفروع وحكمت عليه بالإعدام


الكاتب : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 10/08/2020