سفاحون في مواجهة جرائم استثنائية (3)

بلحرش العامل البسيط إلى حول دور الدعارة إلى بؤرة خوف

سيبحر معنا القارئ من خلال هاته الحلقات في ملفات تتسم بالرعب جراء أفعال إجرامية قام بها متهمون أدانهم القضاء نهائيا بأحكام تتراوح مابين الإعدام والسجن المؤبد حيث ارتبطت أسماؤهم بملفات كبيرة مرتبطة أساسا بعالم الجريمة وتفننوا في ارتكاب أفعال إجرامية خطيرة بوعي منهم أو بدون وعي إلى أن تحولوا إلى كوابيس مزعجة بالنسبة للمواطنين ورجال الأمن.منهم من ظل لسنوات بعيدا عن أعين الامن التي كانت تترصده فيما آخرون وقعوا كما تقع الطيور على أشكالها مباشرة بعد ارتكابهم لفعلهم الجرمي أو في مسرح الجريمة
الاتحاد الاشتراكي تفتح اليوم تفاصيل هذه الجرائم فإنها تبقى مجرد قضايا من مجموعة ملفات عرفتها المحاكم المغربية منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي إلى يومنا هذا.. فيما تاريخ العدالة المغربية مليء بالقضايا المشابهة وبأعداد كبيرة، إلا أن القضايا التي أخترناه اليوم تعتبر مثيرة شدت إليها انتباه الرأي العام الوطني، كما عرفت نقاشا وجدالا واسعا من طرف الإخصائيين وعلماء الاجتماع وعلماء الجريمة.. فيما ظلت تفاصيلها راسخة في عقول العديد من الضحايا وعائلاتهم..
لم يكن محمد بلحرش سوى ذاك الشاب الذكي الذي اعتاد لعب رهان الخيول بمقهى وسط المدينة كما اعتاد أن يحصل سنويا على كشك تخييم بشاطئ الجديدة حيث يطلق موسيقاه الصاخبة ويرافق فتيات جميلات وهو يستمتع بجمال شاطئ دوفيل بلاج.. إلا أن هذا الفتى الوديع سيتحول بين عشية وضحاها إلى سفاح من نوع خاص وستقوده جرائمه إلى حي الإعدام.
كان حرفيا بسيطا يشتغل بالجرف الأصفر. وبحكم أن مدخوله ازداد شهرا بعد شهر، فقد بدأ يفكر في إقامة الليالي الحمراء التي تزينها بائعات الهوى، بل أضحى في كثير من الأحيان ينتقل شخصيا إلى دور الدعارة لممارسة الفساد مع وسيطات البغاء . إلا أنه في لحظة معينة تحول من حمل وديع إلى شخص مجرم يحمل شخصيتين مختلفتين الشخصية التي يسير بها في الشارع ويعانق بها الأصدقاء ويجالسهم بها في الحانات، وأخرى يعدم بها بائعات هوى دون محاكمة.
ضحيته الأولى كانت عائشة امرأة في عقدها الخامس اعتادت احتراف الدعارة منذ بداية الثمانينات في درب (عنقني ) قبل أن تتحول إلى وسيطة في الدعارة. ذات صباح، عثر عليها مقتولة في منزلها وهي نصف عارية، وسجلت الجريمة ضد مجهول
ولم تمر إلا سنة ونيف على هذه الجريمة حتى عثر على أمينة هي الأخرى والتي اعتادت الوساطة في الدعارة بدرب الحجار مقتولة بنفس الطريقة التي قتلت بها عائشة.
سنة بعد ذلك، عثر على الوسيطة الثالثة إيزة مقتولة بنفس الطريقة، فيما ابنتها حياة مقتولة بطريقة بشعة فوق صحن العجين. سجلت الجرائم الأربعة ضد مجهول، فيما ظل السفاح بلحرش حرا طليقا، بل كان لا يبرح المكان الذي تقع فيه هذه الجرائم حتى أنه كان يشارك في مناقشة الحضور في طرح الاحتمالات التي قادت إلى هذه الجريمة أو تلك، بل إنه حضر جميع جلسات محاكمة شخصين خطأ بجريمة قتل الوسيطة عائشة اللذين قضيا أزيد من 10 سنوات خلف القضبان عن جريمة لم يقترفنها .
ولم يسقط إلا عن طريق الصدفة بعد أن حاول اغتيال بائعة الأرانب التي بدأت في الصراخ لتتم محاصرته من قبل شباب الحي قبل أن يحاول الانتحار. إلا أنه تم إنقاذه من موت محقق، فأحيل على المحكمة، حيث أدانته بالإعدام رغم أنه ظل متشبثا بالبراءة، معتبرا أن كل ما حدث مجرد مسلسل من صنع الصحافة
بلحرش لم يقل إلا سنوات قليلة خلف القضبان بكل من سجن القنيطرة وحول البركي حتى غادر الحياة حيث عثر عليه موظفي السجن ميتا بفراش نومه وكان قد طلب الصفح في برنامج تلفزيوني من عائلات ضحاياه لما سببه لهم من جروح


الكاتب : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 18/07/2020