سفراء أفارقة يعبرون عن وقوفهم إلى جانب السلطات المغربية لوضع حد لمأساة المهاجرين غير الشرعيين

إجهاض مخطط جماعي لاقتحام سياج سبتة المحتلة وتوقيف 59 مرشحا للهجرة غير الشرعية

المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تدين شبكات التهريب والاتجار بالبشر وتدعو السلطات لتكثيف جهود محاربتها وتفكيكها

 

تمكنت عناصر الشرطة بولاية أمن تطوان بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، صباح أول أمس الأحد 26 يونيو الجاري، من إجهاض مخطط لتنظيم عملية جماعية للهجرة غير الشرعية عن طريق الاقتحام وتسلق السياج الفاصل بين تطوان وسبتة.
وأفاد بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني، أن العمليات الأمنية المنجزة بشكل احترازي أسفرت عن توقيف 59 مرشحا للهجرة غير الشرعية بكل من تطوان ومنطقة بليونش بضواحي الفنيدق، ينحدرون جميعهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء، كما تم العثور بحوزة البعض منهم على معدات حديدية تمت صناعتها خصيصا لاستخدامها في عمليات الاقتحام والتسلق في إطار عمليات الهجرة غير المشروعة.
وقد تم إخضاع جميع الموقوفين، يضيف المصدر، لبحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع الامتدادات والارتباطات المحتملة لهذا النشاط الإجرامي، وكذا توقيف كافة المتورطين في تنظيم عمليات الهجرة غير المشروعة الضالعين في هذه القضية.

مأساة الهجرة والحلم الأوروبي

إلى ذلك، أكدت السلطات مصرع 23 من المهاجرين غير النظاميين، في محاولة اقتحام سياج سياج سبتة المحتلة، فضلا عن جرحى في صفوق قوات الأمن المغربية.
وقال أحد الناجين في مركز احتجاز بمليلية لـ»وكالة فرانس برس»: «كان الأمر مثل حرب (…) جئنا حاملين الحجارة لنقاتل القوات المغربية لكنهم ضربونا».
كان هذا الشاب القادم من السودان من ضمن نحو ألفي مهاجر، من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، حاولوا فجر الجمعة اقتحام سياج عال من أسلاك شائكة محاطا بخندق للوصول إلى مليلية، قبل أن تصدهم قوات الأمن المغربية.
ليست هذه المرة الأولى التي ينزل فيها مهاجرون من مخيماتهم في العراء وسط غابات الجبال المحيطة بمدينة الناظور للمخاطرة بحياتهم قصد الوصول إلى «الفردوس الأوروبي» عبر مليلية أو سبتة المدينتين المغربيتين المحتلتين اللتين تشهدان بانتظام مثل هذه المحاولات.
لكن هذه المحاولة كانت «أول مرة نرى فيها أن المهاجرين كانوا عنيفين في مواجهتهم مع قوات الأمن»، كما يقول الناشط عمر ناجي الذي يتابع ملف الهجرة في فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور منذ سنوات.
هذا هو الانطباع نفسه في حي باريو شينو بمحيط مدينة الناظور، الذي تفصله أمتار قليلة عن السياج الحدودي حيث وقعت المأساة. ويقول أحد سكان هذا الحي ويدعى عصام أوعايد (24 عاما) «هذه أول مرة نرى فيها مهاجرين محملين بعصي وقضبان حديد يستهدفون قوات الأمن وليس فقط السياج».
ويربط عمر ناجي هذا العنف بسياق «التفاهمات الجديدة» بين المغرب واسبانيا لتعزيز التعاون الأمني في مكافحة الهجرة غير النظامية، الملف الشائك والحيوي في علاقات البلدين. إذ تشكل سواحل المملكة المتوسطية والأطلسية ممرات تقليدية للحالمين بحياة أفضل في أوروبا.
وكانت وسائل إعلام تحدثت قبل حادث الجمعة عن مواجهات متفرقة وإصابات بين مهاجرين وقوات الأمن المغربية، خلال مطاردتهم في الغابات لإبعادهم من المنطقة.
وغالبا ما يصر المهاجرون الذين يعبرون طرقا شاقة على تكرار محاولات العبور ولو تم إبعادهم من المناطق الحدودية، ما لم تنته رحلتهم نحو حياة أفضل، في مستودعات الأموات أو عمق البحر.
ويضيف ناجي «نتحدث عن مهاجرين ينتظرون هنا منذ عامين أو ثلاثة… لا يمكن للمغرب أن يغلق حدوده تماما ليلعب دور دركي أوروبا، وإلا سيؤدي ذلك إلى مزيد من العنف».
من جهته، يلفت المهاجر والناشط الحقوقي بمدينة الناظور عثمان با الى أن الأمر يتعلق «بأشخاص عاشوا ويعيشون ظروفا جد قاسية، ما يجلهم مستعدين نفسيا للعنف عند أول مواجهة مع قوات الأمن»، مشيرا إلى أنه لأول مرة يشاهد هذه الدرجة من العنف منذ حلوله بالمغرب قبل 20 عاما.
يقطع هؤلاء في الغالب طرقا محفوفة بالمخاطر ليصلوا إلى المغرب عبر الجزائر أو موريتانيا، فيما يصل آخرون بطرق نظامية عبر المطارات المغربية، وفق نشطاء متخصصين في قضايا الهجرة.
وتتحدر نسبة كبيرة من المهاجرين الجدد في الناظور من السودان، وخصوصا دارفور، حيث أودت موجة جديدة من العنف مؤخرا بالمئات وتسببت بتشريد نحو 50 ألف شخص.

تضامن حقوقي

دعت منظمات غير حكومية مغربية واسبانية إلى فتح تحقيق في المأساة، و»تفكيك المخيمات الغابوية بطرق سلمية» و»عدم السماح مستقبلا بخلق غيتوات» في هذه الغابات، كما جاء في بيان لنقابة المنظمة الديموقراطية للشغل التي تدافع عن العمال المهاجرين.
من جهتها، طالبت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان الجهات المختصة فتح تحقيق دقيق من أجل معرفة ملابسات وحيثيات وأسباب الحادث اقتحام مجموعة من المهاجرين وطالبي اللجوء القادمين من الدول الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء والسودان، السياج الحديدي للعبور نحو مليليه المحتلة، مع ترتيب النتائج وتحميل المسؤولية وإعمال القانون صباح يوم الجمعة الماضي .
وأدانت المنظمة المغربية لحقوق الانسان ، في بيان توصلت الجريدة بنسخة منه ، أفعال ومناورات شبكات التهريب والاتجار بالبشر، ودعت السلطات لتكثيف جهود محاربتها وتفكيكها.
كما سجل المكتب التنفيذي للمنظمة رفضه  لكل أشكال العنف الحاصل، ومن أي جهة صدر.
وأكدت المنظمة على ضرورة العناية بكل الجرحى ومعالجتهم، وضبط هويات الضحايا والجرحى  وقوائمهم المدنية من أجل إبلاغ عائلاتهم عن طريق المسطرة الدبلوماسية.
وطالبت السلطات العمومية بضبط النفس والتعامل مع ملف المهاجرين وطالبي اللجوء في إطار المقاربة الحقوقية ، ودعت كافة المهاجرات والمهاجرين وطالبي اللجوء إلى التمسك بالسلوك الحضاري والسلمي في التعبير، والمطالبة بالحقوق والحريات..
وجددت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان دعوتها إلى تسريع وثيرة تنفيذ السياسة الجديدة في مجال الهجرة واللجوء، بأبعادها الإنسانية الحقوقية، والإسراع في اعتماد مشروعي القانون المتعلقين بالهجرة وباللجوء.
ومن جانبه، طالب رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، بفتح تحقيق في هذه المأساة. وغرد موسى فقي، مساء أول أمس، الاحد قائلا: «أدعو إلى إجراء تحقيق فوري في هذه القضية وأذكر جميع الدول بالتزاماتها بموجب القانون الدولي معاملة جميع المهاجرين بكرامة ووضع سلامتهم وحقوقهم الإنسانية في المقام الأول، مع الحد من أي استخدام مفرط للقوة».

سفراء إفريقيا يلتئمون بالرباط

أدت أحداث مليلية المحتلة يوم الجمعة الماضي، إلى التئام سفراء بلدان إفريقية معتمدون بالرباط، أول أمس الأحد بالرباط، حيث أشادوا بالسياسة التي تنتهجها المملكة في مجال الهجرة، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، معربين عن استعدادهم التام للتعاون مع السلطات المغربية في هذا الصدد.
وقال عميد السلك الدبلوماسي الإفريقي وسفير الكاميرون بالمغرب، محمدو يوسفو، إن المجموعة الإفريقية «تثمن عاليا» مبادرة جلالة الملك محمد السادس لفائدة المهاجرين بالمغرب، مذكرا بمبادرة تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين، التي تم إطلاقها سنة 2013، بفضل التفاتة كريمة من جلالة الملك لفائدة المهاجرين في وضعية غير قانونية بالمملكة.
وأكد يوسفو، في تصريح للصحافة عقب لقاء حول قضية الهجرة جمع مسؤولين بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ووزارة الداخلية بالسفراء وممثلي السلك الدبلوماسي الأفارقة المعتمدين بالمغرب، أن «هذه السياسة التي ينتهجها المغرب في مجال الهجرة هي كانت وراء تعيين الاتحاد الإفريقي لجلالة الملك رائدا في مجال الهجرة بإفريقيا».
وبعد أن شجب الاقتحام الذي أقدم عليه مهاجرون غير قانونيين على مستوى الناظور، أكد يوسفو أن الدبلوماسيين الأفارقة يقفون، كما كان عليه الحال في الماضي، إلى جانب السلطات المغربية لوضع حد لهذا الوضع.
وتابع قائلا «نحن نقف، كما في الماضي، إلى جانب السلطات المغربية لوضع حد لهذا الوضع الذي لا يشرف بلداننا ولا يشرف إفريقيا بشكل عام».
وأضاف «نحن مستعدون لمواكبة جلالة الملك محمد السادس لإيجاد حل دائم لقضية الهجرة»، مضيفا أن السلك الدبلوماسي الإفريقي «على استعداد للعمل مع المغرب بغية تنسيق الجهود مع البلدان الإفريقية».
من جهته، أشاد سفير جمهورية تشاد بالمغرب، محمد عبد الرسول، بالسياسة التي ينتهجها جلالة الملك في مجال الهجرة، مذكرا بأن جلالته أصدر تعليماته باحتضان جميع الأجانب والمهاجرين الذين يعملون ويدرسون ويعيشون بالمغرب.
وأكد قائلا «نعيش بالمغرب وندرك كيف ينفذ الأشقاء المغاربة سياستهم تجاه طلبتنا ومهاجرينا وعمالنا في المملكة»، مذكرا بأن الاتحاد الإفريقي كلف جلالة الملك محمد السادس بتدبير ملف الهجرة «الهام والحساس للغاية».
كما أكد السفير التشادي عزم بلاده على مساعدة المغرب في تنزيل الرؤية الملكية الهادفة إلى جعل التعاون جنوب-جنوب أساس الوحدة الإفريقية.
وفي السياق نفسه، أبرز سفير جمهورية الغابون بالرباط، سيلفر أبو بكر مينكو-مي-نسيم، أن بلاده تنوه بالسياسة التي تنهجها الحكومة المغربية تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس.
وأكد قائلا «نعمل مع السلطات المغربية ليتم تحسيس مواطنينا بأن المغرب لا يقوم سوى بحماية أراضيه، وبأن التشجيع على الهجرة غير القانونية أمر غير ممكن».
بدوره، أشاد سفير مالي بالرباط، محمد محمود بن لباط، عاليا، بالسياسة التي يعتمدها المغرب في مجال الهجرة تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس.
أما الوزير المستشار، القائم بالأعمال بسفارة اتحاد جزر القمر بالرباط، حسني محمد عبدو، فقد أكد أن «جلالة الملك محمد السادس يعمل من أجل استدامة سياسة الانفتاح للمملكة وجعل المغرب أرض استقبال»، مشيرا إلى أن عددا مهما من المواطنين المنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء يدرسون ويعملون ويقيمون بالمملكة المغربية.
وخلص محمد عبدو إلى القول «نحن مستعدون للتعاون مع السلطات المغربية»، مجددا دعم بلاده للسياسة التي يتم نهجها تحت قيادة جلالة الملك في مجال الهجرة، والتي تحظى بإشادة وتأييد كبيرين.


الكاتب : اعداد: محمدالطالبي

  

بتاريخ : 28/06/2022