سلا‭ ‬تحت‭ ‬وقع‭ ‬الجريمة‭‬

عاشت مدينة سلا،‮ ‬بعد عيد الأضحى،‮ ‬احداثا إجرامية،‭ ‬جعلت‭ ‬ساكنتها‭ ‬تعيش‭ ‬وضعا‭ ‬أكثر‭ ‬قلقا،‭ ‬وتطرح‭ ‬تساؤلات‭ ‬عريضة‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬مدينة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬عدد‭ ‬السكان،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يمر‭ ‬يوم‭ ‬كامل،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬دورية‭ ‬للأمن،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬حركة‭ ‬عجلات‭ ‬دراجات‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬الدراجيين،‭ ‬الذين‭ ‬لعبوا‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الجريمة،‭ ‬بتدخلاتهم‭ ‬العاجلة‭ ‬والفعالة،‭ ‬قلت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.‬
وإذا‭ ‬كانت‭ ‬بعض‭ ‬الجرائم‭ ‬ارتكبت‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬مغلقة‭ ‬وداخل‭ ‬المنازل‭ ‬ويصعب‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬سلا‭ ‬توقعها‭ ‬أو‭ ‬استباقها،‭ ‬فبعضها‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬العام،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬فضاءات‭ ‬عمومية‭ ‬ولم‭ ‬يتدخل‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬لإنقاذ‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬محقق‭. ‬

هجوم‭ ‬بالسيوف‭ ‬على‭ ‬مقهى‭ ‬بـ ‭‬‮”‬الروسطال‮”‬

هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬وثقته‭ ‬كاميرات‭ ‬المراقبة‭ ‬المثبتة‭ ‬داخل‭ ‬المقهى‭ ‬وخارجها،‭ ‬والذي‭ ‬دامت‭ ‬أحداثه‭ ‬وقتا‭ ‬ليس‭ ‬بالقصير،‭ ‬ويظهر‭ ‬الفيديو‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬مدججين‭ ‬بالسيوف،‭ ‬مصحوبين‭ ‬بكلاب‭ ‬شرسة،‭ ‬وهم‭ ‬يهددون‭ ‬الزبائن‭ ‬بأسلحتهم‭ ‬البيضاء‭ ‬ويسلبونهم‭ ‬هواتفهم‭ ‬النقالة،‭ ‬بطريقة‭ ‬تشبه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬جرائم‭ ‬‮”‬كارتيلات‮”‬‭ ‬الحشيش‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مدن‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭.‬ووصل‭ ‬الحد‭ ‬بالمسلحين‭ ‬أنهم‭ ‬بدأوا‭ ‬في‭ ‬ضرب‭ ‬بعض‭ ‬الزبناء‭ ‬بحديدة‭ ‬السكاكين،‭ ‬لإخافتهم‭ ‬وللاستسلام‭ ‬لطلباتهم‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬تحصن‭ ‬تحت‭ ‬‮”‬الكونتوار‮”‬‭ ‬كما‭ ‬عمد‭ ‬المسلحون‭ ‬إلى‭ ‬رمي‭ ‬الكراسي‭ ‬والطاولات‭ ‬فوق‭ ‬رؤوس‭ ‬بعض‭ ‬الجالسين‭.‬
كل‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬تقع‭ ‬والأمن‭ ‬غائب‭ ‬تماما،‭ ‬خاصة‭ ‬والكل‭ ‬يعرف‭ ‬الحركية‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬حي‭ ‬‮”‬الروسطال‮”‬‭ .‬
وعلمت‭ ‬الجريدة‭ ‬بأنه،‭ ‬واعتمادا‭ ‬على‭ ‬الصور‭ ‬ومشاهد‭ ‬الفيديو‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬التقطتها‭ ‬كاميرات‭ ‬المقهى،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬توقيف‭ ‬بعض‭ ‬المتهمين‭ ‬بالاعتداء‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬بضواحي‭ ‬مدينة‭ ‬سلا‭ ‬وهو‭ ‬يتجول‭ ‬بدراجته‮”‬‭ ‬التريبورتور‮”‬،‭ ‬وذالك‭ ‬يعني‭ ‬بأن‭ ‬المتهمين‭ ‬جاؤوا‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المدينة‭ ‬فوق‭ ‬دراجات‭ ‬ومعهم‭ ‬كلابهم‭.‬
هذا‭ ‬الاعتداء‭ ‬يطرح‭ ‬بجلاء،‭ ‬إشكالية‭ ‬عدم‭ ‬تطبيق‭ ‬مذكرة‭ ‬المديرية‭ ‬العامة‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬والتي‭ ‬تمنع‭ ‬التجوال‭ ‬صحبة‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الكلاب‭ ‬نظرا‭ ‬لشراستها،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬إخفاء‭ ‬السلاح‭ ‬فإنه‭ ‬لايمكن‭ ‬إخفاء‭ ‬كلب‭ ‬شرس‭.‬

‭‬بندقية‭ ‬صيد‭ ‬وضحيتان‭ ‬

عرف‭ ‬حي‭ ‬الواد‭ ‬الشعبي‭ ‬بمدينة‭ ‬سلا‭ ‬جريمة‭ ‬داخل‭ ‬منزل‭ ‬العائلة‭ ‬ذهب‭ ‬ضحيتها‭ ‬الزوجة‭ ‬وبنت‭ ‬وانتهت‭ ‬بانتحار‭ ‬المتهم‭.‬
وحسب‭ ‬مصادرنا،‭ ‬فقد‭ ‬أطلق‭ ‬زوج‭ ‬الرصاص‭ ‬على‭ ‬زوجته‭ ‬وجعل‭ ‬جمجمة‭ ‬ابنته‭ ‬تتطاير‭ ‬أجزاء‭ ‬صغيرة‭ ‬برصاص‭ ‬بندقيته‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬على‭ ‬الانتحار‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬سيذهب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يتحصن‭ ‬بعض‭ ‬الأبناء‭ ‬داخل‭ ‬الغرف،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أغلقوا‭ ‬الباب‭ ‬من‭ ‬الداخل‭.‬
ولا‭ ‬تزال‭ ‬دواعي‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬غير‭ ‬معروفة‭ ‬ويصعب‭ ‬معرفتها،‭ ‬لأنها‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬مغلق،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬للبيوت‭ ‬أسرارا‭ ‬لايمكن‭ ‬الإحاطة‭ ‬بها،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تحميل‭ ‬الأمن‭ ‬أية‭ ‬مسؤولية‭ ‬تقصيرية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭. ‬وتعيد‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬العائلية،‭ ‬إلى‭ ‬الأذهان،‭ ‬جريمة‭ ‬حي‭ ‬الرحمة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعلن‭ ‬عن‭ ‬أسرارها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬مرت‭ ‬عليها‭ ‬شهور‭ ‬عديدة،‭ ‬وأصبحت‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬الجريمة‭ ‬التامة،‭ ‬بعدما‭ ‬تعذر‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬فك‭ ‬خيوطها‭ ‬نظرا‭ ‬للعبث‭ ‬بكل‭ ‬الدلائل‭ ‬الممكنة‭ ‬داخل‭ ‬المنزل‭ ‬بعد‭ ‬تدخل‭ ‬رجال‭ ‬الإطفاء‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬الأمر،‭ ‬خاصة‭ ‬وأنه‭ ‬وبعد‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬اعتقال‭ ‬متهم‭ ‬بتدبير‭ ‬الجريمة‭ ‬في‭ ‬إسبانيا،‭ ‬والذي‭ ‬هو‭ ‬شقيق‭ ‬رب‭ ‬المنزل،‭ ‬اتضح‭ ‬بأنه‭ ‬ليست‭ ‬هناك‭ ‬أدلة‭ ‬ضده،‭ ‬ولتبقى‭ ‬الجريمة‭ ‬التي‭ ‬ذهب‭ ‬ضحيتها‭ ‬6أفراد‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬رضيع،‭ ‬بعدما‭ ‬تم‭ ‬ذبحهم‭ ‬وإحراق‭ ‬جثتهم،‭ ‬لغزا‭ ‬محيرا‭.‬
الجريمة‭ ‬في‭ ‬سلا،‭ ‬وغياب‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان،‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬المسؤولين‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬تنظيم‭ ‬دوريات‭ ‬مكثفة،‭ ‬لجعل‭ ‬المواطن‭ ‬يحس‭ ‬بالأمن‭ ‬على‭ ‬سلامته‭ ‬الجسدية‭ ‬وممتلكاته‭.‬
‭ ‬وعلى‭ ‬الأمن‭ ‬بسلا‭ ‬أن‭ ‬يعلم‭ ‬بأن‭ ‬تثبيت‭ ‬الأمن‭ ‬لايقتصر‭ ‬على‭ ‬السلامة‭ ‬الطرقية‭ ‬وتحرير‭ ‬المخالفات‭ ‬المرورية،‭ ‬ولكن‭ ‬هو‭ ‬عمل‭ ‬استباقي‭ ‬للتصدي‭ ‬للجريمة‭ ‬التي‭ ‬اتخذت‭ ‬أشكالا‭ ‬كثيرة،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الانتشار‭ ‬الواسع‭ ‬لترويج‭ ‬‮”‬القرقوبي‭ ‬‮”‬والسرقة‭ ‬بالنشل‭ ‬وتحت‭ ‬التهديد‭ ‬بالسلاح‭ ‬الأبيض،‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يخاف‭ ‬من‭ ‬إخفائه‭ ‬ويتباهى‭ ‬بحمله‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬العام‭.‬


الكاتب : عبد المجيد النبسي

  

بتاريخ : 04/08/2021