حسب بعض المؤرخين، فإن النواة الأولى لمدينة سلا، ترجع إلى القرن الحادي عشر الميلادي، (11م) أي خلال العهد الموحدي. وعرفت المدينة في عهد المرينيين، في القرن (14م) ازدهارا عمرانيا وحضاريا كبيرا، وذلك نظرا لموقعها الاستراتيجي، كنقطة عبور بين فاس ومراكش، وبفضل وجود ميناء سلا، الذي سهل التبادل التجاري بين المغرب وأوروبا .
وخلال العهد السعدي (القرن 17 م ) عرفت المدينة هجرة الأندلسيين من شبه الجزيرة الإيبيرية، حيث أسسوا كيانا مستقلا عن السلطة المركزية بمراكش عرف باسم «سلا الجديدة» .
وحصنت مدينة سلا كباقي المدن العتيقة بسور يبلغ طوله أربعة كيلومترات وخمسمائة متر (4،5 كلم) .
وتتميز مدينة سلا بمجموعة من المباني التاريخية، أهمها المسجد الأعظم، وزاوية النساك لمؤسسها أبو عنان، وسور الأقواس، أو سور الماء العظيم الذي أنشئ بطريقة هندسية لتزويد المدينة بالماء.
وتعتبر أسوار مدينة سلا المقابلة لتلك الموجودة بالرباط، إحدى الحصون الدفاعية الأولى للمدينة، حيث كانت حصنت بأبراج عظيمة لحمايتها من غارات الأساطيل الأجنبية، وبأبواب تختلف من حيث أهميتها التاريخية وأهمها، باب «سيدي بوحاجة»، «باب الفران»، الذي يؤدي إلى دار الصنعة، «باب لمريسة»، «باب سبتة» «باب شعفة» و«باب فاس» ويسمى «باب الخميس» و«باب معلقة»الذي سيكون موضوعنا في هذا العدد.
«باب معلقة»
يعد «باب معلقة» من بين أهم أبواب مدينة سلا، ويعتبر ثاني أكبر باب في المدينة الموجود في السور المريني الذي كان أمر ببنائه «يعقوب بن عبد الحق المريني»، وكان ذلك بعد أن استطاع تحرير مدينة سلا من يد «القشتاليين» مع العلم أن ذلك لم تتجاوز مدته أكثر من أسبوعين، وكان ابتداء من 8 شتنبر 1260.
ويوجد أكثر من تفسير لتسمية هذا الباب ب«باب معلقة».
فهناك من يقول بأن كلمة «معلقة» تحوير لكلمة «مالقة»، معللين ذلك بكون مجموعة من السفن كانت تبحر منه في اتجاه الأندلس، وهناك من ربط هذه التسمية بالعصيان، الذي كانت عرفته مدينة سلا، وهو العصيان الذي كان انتهى بصلح بين حاكم المدينة والسكان، وكعربون على صفاء النوايا في اتفاق الصلح هذا تم تعليق السيوف.
وبعد هذا الصلح عرف هذا الباب دخول أهالي سلا منه، ولذلك سمي «باب معلقة».
وبالعودة إلى موسوعة «معلمة المغرب» في الجزء الثاني منها، هناك تفسير آخر، وهو المرتبط بقتل عامل سلا «الحاج بوعزة بن محمد القسطالي»داخل منزله بحومة القساطلة، وكان ذلك سنة 1795، بأمر من السلطان المولى «سليمان».
وحسب ذات الموسوعة، فإن جثة عامل سلا «الحاج بوعزة بن محمد القسطالي»لم تدفن في حينها، بل بقيت مرمية على الأرض، وبعد ذلك تم تعليقها على أبواب سلا، ولهذا هناك من يعتمد على هذه الرواية ويربط التسمية بـ «باب معلقة»خاصة وأن هذه الباب كان الأقرب إلى منزله.
ومع تجاهل الكثير من الأبحاث لحادث مقتل عامل سلا، وتعليقه فإن هناك ترجيح تسمية هذه الباب، بـ «باب معلقة» كونه كانت تبحر منه السفن نحو الأندلس.
وعن هندسة الباب فهو يتوفر على حلقة كبيرة مربعة مجهزة بمتراس، تتخللها فتحات كانت تحمي الرماة، كما كانوا يصوبون من خلالها نحو العدو الغازي، ويؤكد هذا الدور الكبير الذي كان يلعبه هذا الباب من الناحية العسكرية، والذي تميزت به مدينة سلا، منذ عهد الأدارسة، وذلك منذ بداية القرن الثالث الهجري، مرورا بباقي الدول التي تعاقبت على حكم المغرب.
وأمام «باب معلقة» تم بناء دار المجاهد«العياشي»، الذي كان جعل من مدينة سلا، قاعدة عسكرية، ومن خلالها كان ينظم هجماته على كل المناطق التي كان يحتلها الإسبان على الشواطئ المغربية.
وكان المجاهد«العياشي» يتسلل بسرية تامة، وفي غفلة من أعدائه الأندلسيين المتواجدين على الضفة اليسرى، لنهر أبي رقراق، ونفس الشيء تجاه الإسبانيين الذين كانوا يحتلون المعمورة، وذلك عبر نفق كان حفره انطلاقا من منزله إلى الساحل قرب المصلى القديمة، وكان يمر من تحت السور، بمحاذاة «باب معلقة»وليصل بعد ذلك إلى البرجين اللذين بناهما على ساحل مرسى العدوتين قرب مقبرة باب معلقة، قبالة القصبة، حيث كان وضع مدافع لحراسة المدينة، أوائل 1637. وهناك مقبرة قديمة منسوبة إلى هذا الباب، والتي يوجد فيها قبور بعض الأسماء البارزة من مدينة سلا.