سنة 2021 تغيب فنانين كبارا.. المسرح يستنجد والسينما تجد متنفسا بمهرجانات دولية

تترك سنة 2021، التي تعتبر السنة الثانية على التوالي، المطبوعة بالوباء اللعين «كوفيد 19»، خلفها الكثير من الأحداث والانتكاسات والوقائع الحزينة والمحبطة..، والقليل من النجاحات وتحقيق الطموحات والرغبات على المستوى الفني الوطني، بفعل التداعيات الصعبة التي نزلت بكلكلها على القطاع الفني والفاعلين به، خاصة هؤلاء الذين أصابهم الفيروس اللعين ووضع حدا لحياتهم ومسارهم اللامع..
على هذا المستوى سجلت الساحة الفنية المغربية في السنة التي نودع، وفاة عدد كبير من الفنانين والمشاهير المغاربة.. من بينهم سينمائيون و فنانون.. استجابوا لنداء ربهم، على رأسهم نذكر السينمائي الكبير نور الصايل المدير السابق للمركز السينمائي المغربي..، الذي توقف قلبه عن الخفقان، عن سن 73 وصل إلى عاماً، جراء مضاعفات إصابته بفيروس كورونا. وشكلت وفاة الصايل صدمة كبيرة في الأوساط الثقافية والإعلامية المغربية، في ظل توالي أخبار رحيل العديد من الأسماء الفنية والإعلامية خلال الفترة المذكورة. وقد نعى بالمناسبة الحزينة مثقفون وفنانون وإعلاميون مغاربة، في تغريدات وتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، الراحل الذي يوصف بـ»فيلسوف» السينما المغربية، معتبرين رحيله خسارة كبيرة.
ومن بين الراحلين المغاربة، ايضا، الفنان الكوميدي، عزيز الفاضيلي الذي توفي عن  سن يناهز 78 عاما متأثرا، بدوره، بفيروس كورونا بهولندا، بعدما أصيب بالوباء خلال زيارته لابنته.
كما فقدت الساحة الفنية المغربية إحدى رائدات المسرح المغربي.. الفنانة فاطمة الركراكي، عن عمر ناهز 80 سنة، وهي فنانة وقعت على مسيرة فنية دامت عشرات السنين، بصمت خلالها على العديد من الأعمال السينمائية و التلفزيونية و المسرحية المميزة..
كما توفي الممثل البشير السكيرج بالولايات المتحدة الأمريكية، عن عمر 82 سنة متأثرا، أيضا، بإصابته بفيروس «كوفيد 19»، وقد ترك الراحل العديد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية التي ميزت مسيرته الفنية، من قبيل فيلم «غراميات الحاج مختار الصولدي»  وفيلم «لالة حبي» و فيلم «البحث عن زوج امرأتي» وسيتكوم  «حراز أيامي».
وفي السياق ذاته لبت نداء ربها المطربة الشعبية الحاجة الحمداوية بعد صراع مع المرض الذي عانت منه طويلا، وتشكل الحاجة الحمداوية إحدى أيقونات الأغنية المغربية الشعبية في القرن الماضي، وخاصة زمن المقاومة الوطنية ضد المستعمر، ما دفع سلطات الاستعمار الفرنسي إلى التحقيق معها، بعدما سخرت فن العيطة في المقاومة.
الساحة الفنية المغربية فقدت، أيضا، أحد أهرامات الفن الأمازيغي الرايس أحمد بيزماون، الذي يعد من الفنانين الاوائل الذين حملوا مشعل الفن في منطقة سوس، أبدع بأشهر أغانيه وسطر لنفسه مسارا خاصا به ولونا غنائيا تميز به عن باقي رواد فن ترويسا.
كما وافت المنية بالسنة التي نودع الفنان الأمازيغي أحمد اوتمراغت الذي يعتبر من بين أشهر كتاب الشعر الأمازيغي منذ السبعينيات والثمانينيات القرن الماضي، وأول مدرس لآلة الرباب بالمعهد الموسيقي بأكادير.
تعد وفاة الفنان اوتمراغت، بحسب العديد من المختصين بالفن الغنائي الأمازيغي المغربي، خسارة لا تعوض للجسم الفني الأمازيغي بسوس، خصوصا وأن الفنان راكم سنوات من الإبداع الفني منذ السبعينيات و لثمانينيات، حيث أنتج أول ألبوم غنائي و كان شاعرا متميزا كتب كلمات عدة أغان خالدة في الموروث الغنائي صنف الروايس.
و شكلت وفاة الفنان أوتمراغت صدمة لمحبي الفنان، وذلك مباشرة بعد أيام من إعلان وفاة زميله الفنان أحمد بيزماون، وهو ما اعتبره عاشقو هذا الفن خسارة لا تعوض بعد تساقط آخر أوراق رواد الأغنية الأمازيغية بسوس..
وفي ظل الانتكاسة الكبيرة التي عرفها أبو الفنون المسرح بالمغرب، بفعل تضاؤل عدد العروض المسرحية بالقاعات المغربية، وتناقص الإقبال الجماهيري بسبب التدابير الاحترازية، الأمر الذي جعله أكثر القطاعات الفنية المغربية تضررا، فإن الفن السابع المغربي، بالرغم من معاناته بدوره من التداعيات المذكورة وخاصة على مستوى عدد العروض بالقاعات السينمائية، فإن هذا الفن وجد في بعض التظاهرات والمهرجانات السينمائية الوطنية و الدولية متنفسا له، حيث كانت المناسبة فرصة لبعض الافلام للتتويج والتنويه، وذلك من قبيل «نساء الجناح ج» للمخرج محمد نظيف، الذي توج بالدورة 37 للمهرجان الدولي للسينما «رؤى من إفريقي ا» في مونتريال بكندا، حيث حصد عدة جوائز، منها هي جائزة أفضل شريط طويل، وجائزة أحسن دور نسائي مناصفة بين الممثلتين الشابتين ريم فتحي وأمل بنت.
وفي ذات المهرجان توج علي البوهالي بجائزة أحسن ممثل عن دوره في الفيلم المغربي «برج الصمت» للمخرج محمد عواد، و نال شريط «فاظمة» للمخرج البلجيكي المغربي جواد غالب جائزة أحسن فيلم قصير في صنف «حقوق الأفراد».
وفي صنف الفيلم الوثائقي، أيضا، انتزع فيلم «كرة الرمل» ليونس جداد (إنتاج مشترك بين المغرب وتشاد وقطر) جائزة الجمهور.
وبمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في دورته 37، مغربيا توج بجائزة أفضل فيلم شريط «مرجانة» للمخرج جمال السويسي وبجائزة أفضل إخراج، فيلم «جرادة مالحة» للمخرج إدريس الروخ، وجائزة أفضل تصوير لأيوب لحنود، مدير تصوير فيلم «أناطو» للمخرجة فاطمة بوبكدي، وهي الجائزة التي تحمل اسم الفنان الراحل محمود عبد العزيز.
وبالدورة العاشرة من مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، توج المغرب في هاته التظاهرة الدولية السينمائية بالجائزة الكبرى من خلال الفيلم الروائي الطويل «زنقة كونطاكت» للمخرج إسماعيل العراقي، كما توج الفيلم القصير «الحبر الأخضر» للمخرج يزيد القادري بجائزة لجنة التحكيم.
وبمهرجان «كان» السينمائي الفرنسي الشهير مثل السينما المغربية الفيلم السينمائي «علي صوتك» للمخرج نبيل عيوش في المسابقة الرسمية للمهرجان، وتمكن من الحصول على جائزة المهرجان للسينما الإيجابية بعد مقاربته موضوعة تحدي شباب من حي سيدي مومن البيضاوي لظروفهم الاجتماعية الصعبة من خلال الموسيقى.
وبمهرجان مالمو للسينما العربية بالسويد تمكنت الفنانة المغربية القديرة نعيمة المشرقي (78 سنة) من أن تحصل على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «خريف التفاح» للمخرج محمد مفتكر.
كما توج الفيلم السينمائي الروائي الأول للمخرج والفنان ادريس الروخ «جرادة مالحة» بجائزة أفضل فيلم في مهرجان تورنتو المستقبل بكندا..
وتمكنت المغنية والممثلة خنساء باطما، سليلة عائلة باطما الفنية، من التتويج بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «زنقة كونطاكت» للمخرج إسماعيل العراقي، ضمن فعاليات مهرجان البندقية بإيطاليا.
هذا، وتميزت السنة التي نودع (2021) بمغادرة صارم الفاسي للمركز السينمائي المغربي بعد نهاية فترة تمديد «ولاية مثير للجدل» بين أوساط الفاعلين في الشأن السينمائي الوطني، حول حصيلته، بين مؤيد لها ومنتقد لها.
ويعود سبب الجدل المذكور إلى فترة التمديد التي منحت له ثلاث مرات، وكان قد لقي معارضة من طرف بعض الأوساط في الحقل السينمائي، وصل صداها إلى ردهات المحاكم، حيث طعنت الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام والعديد من السينمائيين في قرار التمديد له لسنة ثالثة أمام القضاء.
وحكمت المحكمة الإدارية بالرباط، في شهر ماي الماضي، ببطلان التمديد الاستثنائي الثالث لصارم الفاسي الفهري على رأس المركز السينمائي المغربي السابق.


الكاتب : إعداد: جمال الملحاني

  

بتاريخ : 31/12/2021