سوالف لالة خيال : المجموعة الشعرية الزجلية «ضْفَايْرْ لاَلَّة» للشاعرة فاطمة المعيزي

كيف تجذل امرأة تحب الشعر،سليلة حواء،ضْفَايْرْ لالَّة، امرأة:شفت الزهر حتى طاح /ليلها مادْرْك صباح/ وهمها ما بغا يتلاح ص40.»آش زَمَّم هذا القلم،بلا ما نعلم،غير كَوليا باغْيا نفهم»، ونحن كلنا هنا نريد أن نعرف ماذا زمم قلم الشاعرة فاطمة الزجلي في مجموعتها الشعرية ضْفَايْرْ لاَلَّة الصادرة سنة 2017.
«ضفاير لالة»،عُنفوان عنوان، فيه الكثير من الحكي،لن ينمو سالف امرأة إلا بعد سنين،ولن تأتي جمالية ضفاير لالة إلا بالعناية. وللضفاير وتسريحات الشعر دلالات عبر التاريخ والثقافات المختلفة ،دلالات الانتروبولوجية واسعة بل هي أحيانا تعكس انتماء الفرد إلى جماعة ما، تعكس الفئة العمر،والحالة الاجتماعية .
هل «لالة» في العنوان هي التجربة؟هي النضج؟هي الحنكة؟هي الزمن؟هي تلك السيدة الشريفة التي جعلت كل ضفرة من ضفائرها حكاية سنين؟والتي عبرت عنها الشاعرة،»ضفرة سالت بالمكتوب،كَلنا،دابا تبرا،كَلنا دابا يتفك تخبال المروة،ص19.نعلم أن هذه الكلمة،» لالة «ظهرت في بادئ الأمر مع دخول القبائل العربية وما تنجم عن ذلك من تعريب اللسان في شمال إفريقيا و اكتسحت المجتمع المغربي وأصبحنا نلتزم بقولها لكل سيدة ناضجة بالتجربة فهل كل نساء هذا الديوان سنقول لهن «لاَلَّة «أو هل صوت المرأة الخفي في هذه المجموعة الشعرية فيه شموخ لالة،وسالف لالة دوا لي شافو يبرا،أو أن لالة هي الشاعرة المرأة ستكتب قصائد هذه المجموعة،»سوالف لالة خيال»ولا يملك سعة الخيال إلا شاعر وشاعرة تمرسا في كتابة القصائد وعزل الكلام .
إذا كانت»لالة»كاينا ما تكون إلا وسط»قُبَّة»والشاعرة فاطمة المعيزي تستحضر أمكنة بعينها ضيقة ولكن مغروسة في تاريخنا العمراني،وجزءا كبيرا من تراثنا الحضاري العريق،كانت القبة المركَد بقول الشاعرة لكن اليوم»سكنك سرب لحام وكركر»،هذا الماضي الجميل الذي يفترس القصيدة ويثقلها بحزن هل ما تكتبه فاطمة جزء من تاريخنا أو أننا تعودنا أن نحب الماضي أكثر من الحاضر،وأكثر من اللحظة،القبة المكان الضيق ولكن الفسيح في الخيال. وكل المقاربات لتفسير دلالاته في الفن المعماري المغربي لا يهمنا الآن،يكفي أن من يتصدر الجلسة في القبة هو كل عزيز كريم وأن داخلها، شحال من حنة وزغاريت سمعناهم تما، تقول الشاعرة «قُبتي أنا، قبة ما تشبه لقباب، قبة يجري فيها عودي، يسيح فيها حْلاوة برادي.الكثير هي من المراوغات التي سنفك خبال في هذه القصائد بين القبة المكان وبين الداخل عمق الشاعرة الذي هو أوسع تجري فيه الخيول وتكون فيه أجمل القعدات،والحوارات والقرارات وهنا تتشابك أيدي القارئ مع»لاَلَّة» فاطمة الإنسانة الشاعرة عندما تتداخل الأحاسيس( انقسموا المحنة، تجمع لمة تطفي حر الكلمة ) بالمكان بالماضي بالتحول الغالب على القصائد من حالة إلى أخرى، وهذا شيء طبيعي فالقصائد ما هي إلا رجات نفسية نكتبها مرة باسم،»لالة» القوية،ومرة»لالة» التي تقارن بين ما كان وما أصبح،وبين لاَلَّة الشاعرة التي أقرأ قصائد و أشم نفحة من قصيدة الملحون بين ثنايا ما زممته.
تقول الشاعرة:لا تسولني يا لحبيب،على لَعمر آش بقى فيه،وللي باقي هديتو ليك ،انكتو كتاب بمعانيه،ويكون هدية بين يديك، قصار هاذ لعمر ولَّ طوال.
قصيدة ملحونية لا يمكن أبدا أن تقرأها إلا وهي ملحنة لأن فيها الكثير من الموسيقى ومقطع آخر نفحة ملحونية تْشْكي وتلالي، وتكَول مظلوم ،أشْ ادَّاك لجنان لهوا،علاش تخبي وتحوم/ وأنت ف دواية العشق تعوم.وهنا يكمن ذلك التباين الشديد بين القصائد بل داخل القصيدة الواحدة أكثر من موضوع وحالة ورجة نفسية بين من تحمل ثقل ماض وقسوته،»حركة»وبين من تغرق في بحر لغرام وجنونه، أنا لي سبحت في وديان العشق،وسلهام لغرام فزاكَ عليّ، يا ذاك السارح في خيالي،فك الوحلة واللي ف بالي،وقصيدة وريني منين نبدا يا شيخ الحضرة،ص87، وبين القصيدة المركزة كأنها كتبت بشهقة واحدة،وهي محطات فكر وتأمل ومعنى وحكمة :
امْناجْزْ الكلمة،سْداها سْدا،واحد يفهمها،أوواحد يْدْوزها في الماء،وشحال من واحد يَدْعي عليها بالعمى.هزني يا راسي بين كتافك،دير لي ركاب،حل العكدة أَمْكايس،يطيح شلا عذاب ص66.محطات عناد،»حالفة ما نكتب حروف لموت،ما شاورت ما علمت،نسيت راسي في راسي،وعدي يا وعد الوعود،أنا راري بيه،هو داير علي شهود».
في القصيدة الواحدة أكثر من موضوع الأنا، الآخر، الحبيب،والوطن نموذج قصيدة،»رومني»، شهقة عميقة عند الشاعر حول قراءة الوضع رسمته بريشة فنان مقتنص له خبرة بل الأهم لها تتبع وعين ثالثة،الكتابة عن عدة مواضيع وتوظيف أكثر من رمز لتعبير عن ذلك:الحاكم،وسيبة ،لحمية،الحركة، خيمة مهجورة،قياد مديونة. لقلم الكسدة غايتها الابتعاد عن كتابة التقريرية المباشرة: قالت الشاعرة:
«أفينك أكرابي ،طُل على كَاع دوك الخوابي،واش مازال مازال،حَاتْلين في الظلمة،شحال من شوكة،غارزَ فينا،ساكتين ما نكولو علاه ،قطعتي الحسن نهار وقفات عليك لقبيلة».شكرا الشاعرة فاطمة لمعيزي على هذا البوح،والذي من خلاله حاولنا فيه أن نفك ضْفايْر لاَلَّة.


الكاتب : رشيدة الشانك

  

بتاريخ : 02/02/2023