سوريا ترفض الإفراج عن جنود الجزائر وعناصر البوليساريو وتقرر محاكمتهم

 

رفض الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع طلبا رسميا تقدم به وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف للإفراج عن جنود جزائريين وأفراد من ميليشيات البوليساريو الذين اعتقلتهم هيئة تحرير الشام خلال معركة محيط حلب أواخر نوفمبر 2024.
وأفادت مصادر إعلامية متطابقة أن هؤلاء المعتقلين كانوا يقاتلون في صفوف قوات الرئيس المخلوع بشار الأسد، وسقطوا في الأسر بعد انهيار نظامه.
وأكد الشرع، وفق ذات المصادر، أن هؤلاء الأسرى، وبينهم ضباط جزائريون برتب عسكرية عليا وحوالي 500 عنصر من الجيش الجزائري والبوليساريو، سيخضعون لمحاكمات عادلة وفق القوانين الدولية الخاصة بأسرى الحرب، مشددا على أن سوريا الجديدة لن تمنح أي امتيازات خاصة لأي طرف متورط في النزاع.
جاء هذا القرار بمثابة ضربة دبلوماسية قاسية للنظام الجزائري، الذي كان يأمل في تأمين الإفراج عن مواطنيه، مما أوقع وزير الخارجية الجزائري في حالة ارتباك واضحة خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره السوري. وبدت علامات الإحراج واضحة على عطاف، خاصة بعدما أكد الشرع أن السياسة السورية الجديدة تقوم على مبدأ السيادة الوطنية ورفض التدخلات الخارجية، في إشارة غير مباشرة إلى الجزائر التي كانت من أبرز داعمي الأسد خلال سنوات الحرب. ويعكس هذا الموقف تحولا جذريا في التوجهات السورية بعد سقوط النظام السابق، حيث تسعى القيادة الجديدة إلى إعادة رسم علاقاتها الإقليمية والدولية وفق مصالحها المستقلة بعيدا عن الإرث الذي خلفه الأسد.
وتكشف هذه التطورات عن مدى تورط الجزائر في الأزمة السورية، إذ تشير تقارير إعلامية عديدة إلى أن النظام الجزائري كان يوفر دعما عسكريا ولوجستيا لنظام الأسد، بما في ذلك تسهيل إرسال مقاتلين جزائريين وعناصر من البوليساريو للقتال إلى جانبه. وتشير التقديرات إلى أن نحو 500 مقاتل جزائري أصبحوا اليوم أسرى لدى قوى المعارضة السورية، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى انخراط الجزائر في الحرب السورية وأهدافها الحقيقية من هذا التدخل. ولم يكن الدعم الجزائري لبشار الأسد مقتصرا على الجانب العسكري فحسب، بل شمل أيضا توفير غطاء دبلوماسي له في المحافل الدولية، ومحاولة تلميع صورته رغم الجرائم التي ارتكبها بحق شعبه كما تقول المصادر.
في هذا السياق، يرى مراقبون أن رفض دمشق للطلب الجزائري قد يكون مؤشرا على تغير في موازين القوى بالمنطقة، خصوصا في ظل الحديث عن تقارب محتمل بين سوريا الجديدة والمغرب، الذي لطالما اتخذ موقفا داعمًا للمعارضة السورية. وتزامن هذا الرفض مع دعوات داخلية في سوريا لإعادة النظر في موقف البلاد من قضية الصحراء، وقطع أي صلة بجبهة البوليساريو، التي كانت تحظى بدعم نظام الأسد السابق وإيران. وقد تزايدت هذه الدعوات بعد سقوط الأسد، حيث يرى العديد من السياسيين السوريين أن المرحلة الجديدة تتطلب إعادة النظر في جميع التحالفات السابقة وفق المصالح الوطنية السورية.

 


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 13/02/2025