تم تأسيسه سنة 1991 بمنحدر قنطرة حي الليدو بفاس
في منحدر قنطرة حي الليدو، ينتصب سوق الكتب المستعملة بالليدو أو سوق «الحفرة» ، كما يحلو لأهل فاس تسميته، القبلة الثقافية والمعرفية التي يقصدها الطلبة والباحثون وعموم القراء من كل حدب وصوب، للاغتراف والاستزادة من معينها.
آلاف الكتب والمؤلفات والعناوين الثقافية والفلسفية والأدبية والقانونية والعلمية والدينية يقترحها هذا الفضاء الثقافي الرحب، الذي تأسس سنة 1991 على يد رواد كبار، ولا يزال إلى اليوم شامخا محافظا على طابعه المتفرد، ما أكسبه إشعاعا وصيتا دوليا، حيث يشهد بين الفينة والأخرى توافد مواطنين ومثقفين من جنسيات مختلفة للاطلاع على ما يكتنزه من عناوين ومؤلفات ومخطوطات نادرة.
اجتمع في هذا «الصرح الثقافي»، الذي يضم عشرات المحلات القصديرية التي تمت تهيئتها لاستيعاب باعة الكتب والمراجع بشتى أنواعها، ما تفرق في غيره، حيث يحتوي على كنوز وذخائر معرفية موجودة في ثنايا الكتب المعروضة، ويضم أصنافا شتى من المخطوطات والمؤلفات القديمة، بعضها قلما تجده في مكان آخر.كما يشتمل سوق «الحفرة»، ذو الرمزية الفكرية والثقافية الكبيرة، على ما استجد من عناوين أدبية وقانونية، وفي التاريخ والجغرافيا والفلسفة والطب والهندسة، والعلوم الاقتصادية والاجتماعية، ما يجعله دوما قبلة مفضلة لعموم القراء والطلبة والباحثين من مختلف التخصصات والمشارب.
في هذا «الصرح الفكري»، تلفت ناظريك روائع الأدب العالمي، وتجد الكنوز والذخائر العلمية والأدبية، وتطالعك الأطاريح والرسائل الجامعية، وتشد انتباهك المقررات الدراسية الخاصة بالطلبة والتلاميذ، في فسيفساء علمية ومعرفية قل نظيرها.
عن أهمية هذا الفضاء الثقافي بامتياز، أفاد كريم بوقديدة، باحث في مجال القانون، في تصريح لـ «و.م.ع»، بأنه» اعتاد منذ سنة التردد على هذا «الصرح الثقافي العريق «الذي يضم كتبا ومراجع قيمة عديدة ذات منافع جمة بالنسبة للطلبة والباحثين»، مضيفا «أنه كلما سنحت له الفرصة يقتني عددا من الكتب والمؤلفات الأدبية لأبنائه لتحفيزهم على القراءة والمطالعة»، معتبرا، في السياق ذاته، «أن قيمة الكتاب الورقي لا تناقش بالرغم من زحف الكتاب الرقمي والوسائط الاجتماعية.»
كما يسجل سوق «الحفرة» توافدا كبيرا لطلبة المؤسسات الجامعية بفاس والمدن المجاورة وبين الفينة والأخرى، طلبة وباحثين من عدة جامعات مغربية، لاقتناء ما يحتاجونه من كتب ومراجع قيمة تعينهم في مسارهم العلمي والبحثي. بهذا الخصوص، صرح محمد البورقادي طالب بشعبة الجغرافيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس، الشغوف بالقراءة والمطالبة، «أنه يتردد باستمرار، إلى جانب عدد من الطلبة والباحثين من مختلف التخصصات، على هذا الفضاء الرحب الذي يوفر له ولغيره من الباحثين، مؤلفات ومقالات علمية وبحوثا قيمة بأثمنة معقوله وتنافسية.
مقتفيا أثر والده «با حسن الحلوي»، أشهر بائع كتب مستعملة بسوق «الحفرة»، وأحد المؤسسين البارزين لهذا الفضاء، يستقبل محمد الحلوي، الذي يمارس هذه المهنة منذ سنوات، زبناءه بترحاب كبير والابتسامة لا تفارق محياه، محاولا تلبية طلبياتهم وإرواء شغفهم المعرفي. يقول الحلوي، في تصريح مماثل «إن سوق الليدو الذي يتوافد عليه رواد وزبناء من مختلف الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية والفكرية، يوفر باقة متنوعة من الكتب والمؤلفات والعناوين البارزة في مجالات الأدب والطب والتاريخ والفلسفة والعلوم الشرعية والقانونية والإنسانية، إرضاء لمختلف الأذواق»، متابعا « أن الفضاء يقترح على رواده، الذين يفدون من داخل وخارج المملكة، أثمنة معقولة ومرضية، وهو ما يشجع، بالتأكيد، على تقريب الكتاب من القراء وتحفيز الناشئة على المطالعة والاستزادة من العلم والمعرفة».
سوق الليدو للكتب المستعملة بفاس، هو إذن «صرح ثقافي وفكري بامتياز»، يواصل تعزيز ريادته الوطنية وتلبية تطلعات الطلبة والباحثين والمثقفين وعموم القراء، من أجل الاستزادة من معين المعرفة والاغتراف من الذخائر الجمة التي يكتنزها.