أكدت سفيرة المغرب بفرنسا، سميرة سيطايل، خلال مشاركتها في القمة الاقتصادية السادسة فرنسا–البلدان العربية المنعقدة بباريس، أن المغرب راكم تقدما لافتا في مجال تدبير الموارد المائية، مستندا إلى رؤية استراتيجية ممتدة منذ ستينيات القرن الماضي. وأوضحت أن هذا التوجه مكن المملكة من بناء منظومة مائية متكاملة شكلت على مدى عقود رافعة للأمن المائي والزراعي.
وخلال مداخلتها في مائدة مستديرة خصصت لقضية الماء ورهانات السيادة الزراعية والغذائية، شددت سيطايل على أن المغرب أدرك مبكرا مركزية الماء في معادلة التنمية، وهو ما ترجمته استراتيجية السدود التي أطلقها الملك الراحل الحسن الثاني، واستمرت في عهد الملك محمد السادس بوتيرة متصاعدة مكنت من التوفر على أكثر من 154 منشأة كبرى و160 سدا صغيرا موزعة عبر مختلف جهات المملكة.
وأضافت أن أزيد من نصف هذه المنشآت المائية الكبرى أنجز خلال السنوات الخمس والعشرين الأخيرة، ما يرفع حجم المخزون المائي إلى 21 مليار متر مكعب حاليا، على أن يرتفع الهدف إلى 25 مليار متر مكعب في أفق سنة 2028، عبر توسيع شبكة السدود والمنشآت المتوسطة والصغرى.
وأبرزت الدبلوماسية المغربية أن المملكة أطلقت، بالتوازي مع ذلك، استراتيجية واسعة لتحلية مياه البحر، تروم تغطية احتياجات مياه الشرب لما لا يقل عن نصف ساكنة المغرب خلال السنوات المقبلة. وتشكل هذه الاستراتيجية أحد محاور التحول المائي، خاصة في ظل الضغط المتزايد على الموارد التقليدية وتوالي مواسم الجفاف.
وعلى مستوى التعاون الدولي، سجلت سيطايل أن المغرب نسج شراكات متعددة في مجال الماء، من بينها تعاون وثيق مع فرنسا يشمل التحلية ومعالجة المياه العادمة وتطوير الخبرة. وذكرت بشركة «فيوليا» كأحد أبرز الفاعلين الفرنسيين المنخرطين في مشاريع مائية بالمملكة، فضلا عن برامج نقل التكنولوجيا والمهارات التي ترافق هذه الشراكات في إطار رؤية مشتركة.
كما شددت على أهمية تطوير تعاون ثلاثي موجه نحو إفريقيا، باعتبارها القارة الأكثر تعرضا لتداعيات التغير المناخي رغم إسهامها الضعيف في الانبعاثات العالمية. وأشارت إلى أن المغرب وفرنسا يعملان حاليا على إعداد خريطة طريق لتعزيز هذا النوع من التعاون، بما يسمح بإرساء حلول عملية للحد من آثار الصدمات المناخية على الجوانب الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية.
وأوضحت أن المؤتمر العالمي للماء، الذي احتضنته مراكش ما بين 1 و5 دجنبر، أسفر عن تجسيد أول نموذج للتعاون الثلاثي في مجال تدبير المياه، عبر مبادرة مشتركة بين المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب والوكالة الفرنسية للتنمية وبوركينا فاسو، في خطوة تعكس البعد الإفريقي للسياسات المائية المغربية.
وتجمع القمة الاقتصادية فرنسا–البلدان العربية عددا كبيرا من الفاعلين والخبراء الفرنسيين والعرب، في مسعى لتعميق النقاش حول “الماء والبيئة في صلب الاحتياجات والأزمات والفرص في العالم العربي”، واستكشاف صيغ جديدة لتعزيز الشراكات في مجال يشهد تحولات متسارعة بسبب التغير المناخي وتزايد الطلب على الموارد المائية.
سيطايل تستعرض بباريس رصيد المغرب المائي ورهانات الشراكة مع فرنسا
بتاريخ : 12/12/2025

