غادرت سليمة الزياني المعروفة ب سيليا أسوار سجن عكاشة بعد أن شملها العفو الملكي بمناسبة الذكرى 18 لعيد العرش.
كان محامون وصحافيون وغيرهم من النشطاء ،قد توجهوا إلى سجن عكاشة بالدارالبيضاء من أجل استقبال أيقونة حراك الريف ومن معها من رفقائها المعتقلين على خلفية أحداث الريف بعد استفادتهم من العفو الملكي.
لكن كل هذا الانتظار ذهب أدراج الرياح ، بعدما اتفق من اتفق على تهريب سيليا في سيارة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بجهة الدار البيضاء- سطات. وكاد هذا القرار والسرعة،التي قاد بها السائق أن تودي بحياة أحد الصحافيين بعدما أصابته وهو يهم بتصوير سمية الزياني من وراء نوافذ محكمة الإغلاق.ومع ذلك، استطاعت بعض المنابر الإعلامية أن تتواصل مع سيليا التي بدت مصابة بالدهشة، معبرة عن سعادتها لمعانقة الحرية التي تمنتها لرفاقها،ولم تترك الفرصة للتأكيد على أنهم جميعا دافعوا عن مطالب اجتماعية مشروعة.
سيليا هذه الفتاة ذات 23 ربيعا تجاوزت شهرتها منطقتنا التي ولدت فيها، وتجاوزت أيضا حدود الوطن،لتصبح تعاليق كبريات الصحف الدولية والقنوات الفضائية ،فتضامنت معها كل الفئات ،وجعل الفنان القدير مارسيل خليفة ينشر تغريدة يقول فيها: “آه لو يعلم الوطن كم نخاف عليه. سليمة الزياني ـ سيليا. الحسيمة”.وغيره من الفنانين والمثقفين وبسطاء الناس.
سيليا من الفتيات اللائي آمن بعدالة مطالب الريف ،فكانت في الصفوف الأمامية في هذا الحراك برفع الشعارات والأغاني بعفوية الأطفال ، وهي الأيقونة التيولدت ونشأت في حي أفراز بالحسيمة ،قبل أن تنتقل إلى إمزورن، حيث الأصول من هناك بالضبط من قبيلة بقيوة.
هي آخر العنقود في أسرتها ، مما جعلها تكون لها معزة كبرى ، ولها شقيقان وأربع أخوات، وتتابع دراستها الجامعية بوجدة بجامعة محمد الأول شعبة الدراسات الأمازيغية.
تقول في عز الحراك، أحاول رغم الصعوبات وسط هذا المجتمع الذكوري، أن أفرض نفسي وحضوري في الحراك دائما، لكي تكون المرأة الريفية حاضرة ، ووصفت ناصر الزفزافي بأنه متواضع، ويحاول دائما الدفع بها لكي تكون إلى جانب باقي النشطاء في الحراك ، بالرغم من أن وجود امرأة تردد الشعارات ،وتقف على المنصة، وتلقي الكلمات هو صعب جدا في مجتمع مثل مجتمعنا.
سيليا اليوم، تعانق الحرية ، في انتظار أن يغادر الجميع أسوار السجون . أكيد تنتظر وينتظر معها المغاربة جميعا أن تتم الاستجابة لمطالب الريف وباقي المناطق المغربية، التي تعاني من الهشاشة والتهميش ،بحكم السياسات المتبعة ،وبحكم القصور لدى المسؤولين
أسماء الوديع تنتظر سيليا وربيع الأبلق
المحامية والحقوقية سليلة عائلة النضال التي تربت وعاشت في أحضان أجواء الاختطافات والاعتقالات ،بحكم أنها نجلة المناضل وديع الآسفي وماما ثريا السقاط ،تبنت قضية معتقلي حراك الريف ، وكانت من هيئة دفاعهم ، لم تنم تلك الليلة ، وحلت أمام سجن عكاشة لتقابل سيليا وربيع الأبلق المضرب عن الطعام منذ أيام ، لكن خاب ظنها وظن من حضروا بعدما تم تهريب سيليا ، وبعدما لم تلتق بالأبلق،وكتبت المحامية أسماء الوديع تدوينة تؤرخ لهذه اللحظة تقول فيها:
كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة ليلا تقريبا حينما فتح باب السجن المحلي عكاشة لتمرق منه سيارتان رباعيتا الدفع من النوع المتوسط بسرعة جنونية …
الصحافيون و المصورون وعدد من رجالات و نساء المجتمع المدني وأعضاء من هيئة دفاع معتقلي حراك الريف كانوا مرابضين أمام بوابة السجن لاستقبال المفرج عنهم من هؤلاء …
لم تتوقف السيارتان بل أكثر من ذلك كانت نوافذ السيارتين مغلقتين بإحكام ، و كان السائق أو السائقة يسير بسرعة جنونية لم تمهل أحد المصوّرين الذي أسقطته أرضا وهو يحاول التقاط صورة للراكبة في الخلف و التي لم تكن غير سليمة الزياني الملقبة بسيليا …
حاولنا فهم ما يجري ، و عندما أفقنا من ذهولنا علمنا أن رئيسة المجلس الجهوي لحقوق الإنسان و عضوة من المجلس الوطني تعمل محامية بهيئة البيضاء كانتا بمعية « المهرّبة» !! و لم تبادر أي واحدة منهما للالتفات إلى تطلعات الواقفين في هزيع الليل …
ظللنا مرابضين أمام بوابة السجن ننتظر باقي المفرج عنهم إلى حدود الثانية و الربع صباحا دون جدوى …
كنت أضع يدي على قلبي وعيني على بوابة السجن أنتظر أن يطلّ وجه ربيع الأبلق الذي ينتظر أخوه مكالمته و كان وعده بالاتصال حالما يفرج عن المضرب عن الطعام !
لا أثر لأي بادرة في الأفق ، حتى حراس السجن امتنعوا عن التواصل معنا أو الجواب عن تساؤلاتنا بعد أن أعيانا طرق الباب …
الأستاذة زهرة مرابط المحامية العضوة بهيئة دفاع الحراك كانت تمنّي النفس بالأمل و تقطع المسافة بين بوابة السجن و السيارة ذهابا و إيابا مستنكرة بدورها سلوك أعضاء هيئة حقوقية هي المجلس الوطني والجهوي لحقوق الإنسان !
الأستاذة خديجة لشكر لم تتأخر حينما أخبرتها بضرورة الانتقال إلى السجن ، فكانت أول المنتظرين…
عدنا أدراجنا والغصة لا تبرح الحلق و الفؤاد … مازلنا ننتظر و نمنّي النفس بالأجمل …
فقط لم يفارقنا تساؤل ملحّ كيف لأعضاء من هيئة حقوقية أن يحرموا الناس من استقبال سيليا و أن يضربوا بعرض الحائط كل الإشارات التي تضمّنها خطاب الملك و يمعنون في الركوب على تضحيات ونضالات نساء و رجال هذا الوطن .