سيناريوهات التحولات في المنطقة التي سيضعها وزير الخارجية الأمريكي أمام القادة الجزائريين 

إعادة فتح أنبوب الغاز المغاربي، حل نهائي لنزاع الصحراء عبر الحكم الذاتي، إقناع الجزائر بالتخلي عن تحالفها مع روسيا ووضع حد لخلافها مع المغرب

 

يعيش العالم تحولات متسارعة وعميقة، منذ بدء روسيا حربها على أوكرانيا، وتسعى الولايات المتحدة، في ظل هذه التحولات، إلى معالجة العديد من القضايا العالقة، للتصدي لمواجهتها مع الدب الروسي، وذلك ضمن مخطط تسارع واشنطن الزمن لتفعيله. وضمن هذا السيناريو، ستسعى الولايات المتحدة، التي تعتبر منطقة شمال إفريقيا منطقة حيوية على الصعيد الجيواستراتيجي، إلى ضمان الأمن والاستقرار بها، عبر التوصل إلى حل نهائي للنزاع المفتعل بالصحراء وإقناع الجزائر بأن مصالحها المستقبلية تتأتى بوضع حد لخلافها مع المغرب، وإعادة فتح أنبوب الغاز المغاربي. سيناريوهات مطروحة على الطاولة، عند زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن إلى المغرب والجزائر، سيناريوهات تقول مصادر إعلامية إسبانية إنها تجعل الجزائر أمام لحظة تاريخية لأن ما ستتخذه من قرارات بعد هذه الزيارة سيؤثر عليها خلال العقود القادمة.
وفي هذا الإطار، ذكرت وسائل إعلام إسبانية أن الاتصالات الدبلوماسية التي أجراها مبعوث الأمم المتحدة الخاص للصحراء ، ستافان دي ميستورا ، مع ممثلي دول المنطقة ومن بينهم وزير الخارجية الإسباني مانويل الباريس، في بروكسل في الأيام الأخيرة، تناولت اعتماد سلسلة من القرارات التي ستتوج بانعقاد مباحثات جديدة في جنيف في غضون الأسابيع القادمة بهدف التوصل إلى حل للنزاع المفتعل، حل يسمح أيضا بالتقارب بين المغرب والجزائر.
وأضافت ذات المصادر أن الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة يعتبر أساسيا من أجل المساهمة في إزالة مختلف الشوائب، وتحقيق التفاهم الذي يؤدي إلى الاستقرار في شمال إفريقيا والذي يصب في مصلحة الجميع.
وفي هذا الإطار، تقول نفس المصادر، أدت الزيارة التي قامت بها نائبة وزيرة الخارجية الأمريكية ، ويندي شيرمان ، إلى مدريد والرباط والجزائر، إلى التفاهم حول القضايا الأساسية بين المغرب وإسبانيا، وأثارت أيضا حاجة الحكومة الجزائرية للاعتراف بديناميكية الانفتاح لصالح للحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية .
واعتبرت المصادر الإسبانية أن قرار رئيس الحكومة ، بيدرو سانشيز ، بالاعتراف بالمبادرة المغربية المتعلقة بالحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية ، يشكل تقدما لإقرار حل سياسي متوافق عليه داخل الأمم المتحدة كما يدعمه قرار مجلس الأمن الأخير، مضيفة أن هذا الحل يصب في مصلحة الصحراويين ويلم شمل الأسر، ويضمن الشغل، السكن، الصحة ، والتعليم لآلاف الأشخاص وعائلاتهم ، الذين يعيشون في ظروف مأساوية بتندوف، مشيرة إلى أنه، كما أن روسيا ليست بوتين ، فإن الصحراء ليست جبهة البوليساريو أو الجزائر فقط، رغم أنهما ضروريان للتفاوض، ففي السنوات الأخيرة ، أثارت حركات مثل «صحراويون من أجل السلام» أو «الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان» الانزعاج المتزايد بين سكان المخيمات في منطقة تندوف بسبب الوضع غير المستقر الذي يعانونه منذ عدة سنوات، بالإضافة إلى ما يتعرضون له من قمع ومصادرة الحريات، وضع تنعدم معه آفاق المستقبل والأمل في تحقيق حياة كريمة.
وضمن هذا التوجه، تأتي زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن إلى الجزائر والمغرب، ففي ظل الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، تسعى الإدارة الأمريكية إلى وضع حد للخلاف القائم بين الطرفين، تقول ذات المصادر، التي كشفت أن أجندة بلينكن في الجزائر ستشمل قضايا الأمن والاستقرار الإقليمي والتعاون التجاري وحقوق الإنسان والحريات الأساسية بالإضافة إلى أن بلينكن سيوضح للقادة الجزائريين بأن تخليهم عن التحالف مع روسيا وبناء علاقات أفضل مع المغرب، يمثل خطوة هامة، بالنسبة للحد من الاحتقان الداخلي والشروع في التعافي الاقتصادي الذي تحتاجه بلادهم.
ولتحقيق ذلك، فإن من أهداف زيارة بلينكين إلى الجزائر، إقناعها بإعادة فتح أنبوب الغاز المغاربي وزيادة إنتاجه، وهو ما تعتبره واشنطن خطوة هامة لتهدئة الأوضاع وتحقيق الاستقرار في منطقة حيوية بالنسبة لمصالحها الجيواستراتيجية، وأيضا لمصالح الاتحاد الأوروبي خصوصا على صعيد الأمن الطاقي.
ضمن هذا التوجه الأمريكي، اعتبرت نفس المصادر، جاءت رسالة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى جلالة الملك، وما تضمنته من تحول ب 180 درجة في السياسة الخارجية الإسبانية في ما يتعلق بالصحراء، وجاءت الخطوة التالية بعودة السفيرة المغربية إلى مدريد، وقد حان الوقت للخطوة الثالثة والحاسمة، والمتعلقة بإقناع الجزائر بأن مصالحها أقرب إلى الغرب منها إلى روسيا، وأن وضع حد للخلافات القديمة، والانفتاح على المشهد العالمي الجديد يمكن أن يجعل من الجزائر لاعباً رئيسياً وسيعود عليها بالنفع.
وبهذا الخصوص تواجه الجزائر لحظة تاريخية، فالقرارات التي سيتخذها قادتها ستؤثر على بلادهم للعقود القادمة، ذلك أن موازين القوى في العالم تتغير بسرعة غير عادية، حيث وضع غزو روسيا لأوكرانيا العالم كله في حالة تأهب، ويريد الجميع المراهنة على الحصان الفائز.
ولتوضيح الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، فإن واشنطن، وفي مسعاها لعزل روسيا، تسعى جاهدة إلى مساعدة شركائها الأوروبيين في التخلي عن اعتمادهم على الغاز الروسي، وضمن هذا المخطط جعل إسبانيا مركزا لاستقبال وتحويل الغاز، وبالتالي تنويع مصادره وتقويتها، ومن ضمن ذلك إعادة فتح أنبوب الغاز المغاربي، الذي قررت الجزائر من طرف واحد إغلاقه في 31 أكتوبر الماضي، وإحياء مشروع خط أنابيب «ميدكات» إذا لزم الأمر، وهو مشروع كانت أطلقته كل من إسبانيا، البرتغال وفرنسا سنة 2003، يربط بين كاتالونيا وجنوب غرب فرنسا، ويهدف إلى ربط الشبكات الإسبانية والبرتغالية بالشبكة الأوروبية.


الكاتب : عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 29/03/2022