عاشت ساكنة حي الزوبير بمنطقة الحي الحسني، يوم السبت 31 ماي 2025، على وقع فاجعة مرورية كادت تتحول إلى كارثة إنسانية، بعدما فقد سائق شاحنة من الحجم الكبير (رموك) السيطرة على مركبته بسبب عطب ميكانيكي مفاجئ، ما أدى إلى اصطدام متسلسل شمل سبع سيارات خفيفة ودراجة نارية.
الحادثة الخطيرة أسفرت عن إصابة أكثر من 15 شخصا بجروح متفاوتة، بينهم حالتان وُصفتا بـ”الحرجة”، إضافة إلى خسائر مادية جسيمة خلفتها قوة الاصطدام.
هذه الحادثة ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل من الحوادث المرورية التي تتورط فيها الشاحنات الكبيرة داخل المجال الحضري لمدينة الدار البيضاء. فرغم وجود علامات منع مرور هذا النوع من المركبات في العديد من الشوارع، إلا أن الواقع يكشف عن خرق يومي لهذه القوانين دون رادع فعلي.
وتنتشر الشاحنات في محاور رئيسية وأحياء سكنية مكتظة، مثل الحي الحسني، عين الشق، وسيدي معروف، وعين السبع، وهو ما يُشكل تهديدا مستمرا لحياة المواطنين، وخطرا وشيكا مسلطا على رقاب المارة وسائقي العربات الأخرى خاصة خلال ساعات الذروة، حيث تتعقد الحركة المرورية ويصبح هامش المناورة شبه منعدم.
في محاولة لضبط حركة النقل الثقيل، كانت جماعة الدار البيضاء قد أعلنت في مناسبات سابقة عن مخطط لتقنين عبور الشاحنات داخل المدار الحضري. هذا المخطط شمل إنشاء منصات لوجستية خارج المدينة، وربط الميناء بشبكة طرق سريعة لتخفيف الضغط على الشوارع الداخلية. كما اتُخذ قرار في فبراير 2025 بمنع مرور الشاحنات والحافلات على الطريق السيار الحضري، وتم تثبيت إشارات مرورية جديدة بهذا الخصوص ولكن هذا الإجراء رغم أهميته إلا أنه بقي حبرا على ورق بسبب بطء التنفيذ وغياب المراقبة الصارمة، حيث تزال الشاحنات تواصل عبورها اليومي من أحياء مكتظة، وسط غضب السكان وقلقهم على سلامتهم وسلامة أطفالهم.
أثارت الحادثة الأخيرة موجة من الاستياء والاستنكار على منصات التواصل الاجتماعي، حيث طالب عدد من النشطاء بتدخل عاجل للسلطات الأمنية والمجالس المنتخبة لتفعيل قرار المنع، ووضع حد لما وصفوه بـ”شاحنات الموت”. بينما أكد الجميع أن هذه الشاحنات غالبا ما يسوقها شباب مستهترون لا يحترمون واقع أنهم وسط شوارع مكتظة أو مناطق سكنية بل يزيدون في السرعة ، غير مبالين بما يمكن أن تسببه تصرفاتهم تلك من حوادث مميتة. بعض هذه “الرموكات” تحمل حاويات تكون في أغلب الأحيان غير مثبتة بشكل جيد على ظهرها مما قد يتسبب في انزلاقها وسقوطها على المركبات المستعملة لنفس الطريق، وهو ما أصبح يشكل “فوبيا” لذا العديد من ساقي السيارات الذي يحاولون قدر الإمكان عدم الوقوف وراءها في إشارات المرور أو السير بجانبها.
هذا وتتزايد دعوات سكان الدار البيضاء إلى فرض غرامات صارمة على المخالفين، مع حجز الشاحنات التي لا تحترم قوانين المرور الحضري، كما يطالب المواطنون بالإسراع في توفير بدائل نقل لوجستي خارج المدار الحضري، تُراعي حاجيات المهنيين من جهة، وتحفظ سلامة المواطنين من جهة أخرى.
حادث يوم السبت ليس الأول، ولن يكون الأخير، ما لم يتم تفعيل القانون بصرامة، ومحاسبة الجهات التي تتقاعس في حماية الأرواح، لأن سلامة المواطنين ليست موضوعا للنقاش أو التأجيل، فإلى متى ستستمر الدار البيضاء في دفع ثمن الفوضى المرورية التي تسببها تلك الشاحنات ؟