شباب المدرسة العمومية…. الحقيقة المرة

 

لا يخفى على كل مغربي الوضع الكارثي الذي باتت تتخبط فيه المدرسة العمومية، نتيجة عدة عوامل سوسيو-اقتصادية وسياسية، تلك العوامل التي ساهمت في بروز وتطور مشاكل تمس بشكل مباشر وقاتل المنظومة التربوية والتعليمية ككل.
لقد أدت العولمة ضمن نتائجها السلبية إلى تغيير البنية السيكولوجية والقيمية الأخلاقية للمواطن المغربي، وعلى سبيل التركيز والملاحظة، التلميذ المغربي بالمجال الحضري تحديدا، هذا التلميذ الذي طغت عليه سلوكات عدوانية اندفاعية تصل حد التهور المبالغ فيه ضد نفسه أولا ثم المحيطين به. ولأن العولمة جاءت بثقافة السرعة، فتلميذ اليوم أخذ مفهوم السرعة حسب هواه، فالسرعة في التعلم والمعرفة السريعة والسهلة هي أقصى ما يطمح له لاجتياز اختبارات لا تحدد في النهاية مستوى المتعلمين بقدر ما صارت مجرد روتين لابد منه.
هذه النتائج ساهمت في التأثير على رجل التعليم، الذي تحول مع مرور الزمن إلى ماص للصدمات، لأنه وضع في الواجهة أمام جيل صعب، ويجب عليه أن يحاول تقويم سلوكيات هذا الجيل الذي تربى على عادات وقيم بعيدة عما عهد عن هذا المجتمع المحافظ، وفي نفس الوقت تمكين هؤلاء الشباب من مجموعة من الكفايات التعلمية والحياتية، فكان أمام تحد كبير ومشروع هادف وطموح، ساهمت في إفشاله برامج تلفزية إما عن عمد أو عن غير عمد غارسة ومطبعة مع قيم دخيلة عنا، ولسنا هنا لمحاكمة الفن وفق ضوابط أخلاقية، ولسنا هنا في معرض انتقاده وفق آليات اشتغاله، ولكننا نحاول لفت النظر إلى أننا أمام انحدار سيأتي على الأخضر واليابس، لأن الشباب يحاكي ما يراه على الشاشة، ويتخذ القدوة بالنظر إليها، وبالتالي اختيار المحتوى بعناية صار ضرورة لا محيد عنها.
إن المدرسة العمومية ساحة للتجريب، من مخططات وتوجيهات وبرامج، وهي مسرح لكل السلوكيات المستحدثة مجتمعيا وفكريا، وهي النواة الأولى لأي تغيير سواء أكان سلبيا أو إيجابيا، والمتأمل فيها في ظل هذا الاحتقان الشديد نتيجة المطالب بشتى أنواعها، يتوقع استمرار المأساة بل وتطورها دون أي بارقة أمل في تغيير جاد ومنشود يضع فئة عريضة من أبناء المغاربة على بر الأمان.
فإلى متى سيستمر نزيف المؤسسة العمومية؟
(*)أستاذ الثانوي التأهيلي.
عضو الاتحاد الدولي للغة العربية.


الكاتب : مودنان مروان (*)

  

بتاريخ : 21/04/2022