شبكة المقاهي الثقافية تحتفي برواية «أصوات في ممرات النزيف»

بحضور عدد كبير من المثقفين والباحثين من النقاد والأدباء والمهتمين بالشأن الثقافي، نظم المقهى الثقافي لو سافير بلاص بالقنيطرة، بتنسيق مع شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب والمديرية الإقليمية لقطاع الثقافة بالقنيطرة، يوم السبت 2 يوليوز 2022، ، لقاء ثقافيا لتقديم العمل الروائي الأخير لعبد الحميد شوقي «أصوات في ممرات النزيف»، الصادر عن دار خطوط وظلال في 440 صفحة من الحجم المتوسط.
نسق أشغال هذا اللقاء ذ.محمد خيوط الذي رحب بالروائي عبد الحميد شوقي والأستاذين الباحثين؛ الدكتور إبراهيم أزوغ والأستاذ مصطفى داداش، كما رحب بالحضور الكرام، منوها بالجهود التي يبذلها المقهى، ومن خلاله شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب، في سبيل النهوض بالوضع الثقافي والفني.
وبعده تناول الكلمة ذ.أبو الوفاء البقالي، عضو شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب، والمشرف على المقهى الثقافي لو سافير بلاص، مذكرا بالأنشطة الثقافية التي قدمها المقهى خلال هذه السنة، والتي كان لها إشعاع ثقافي محلي ووطني. كما تحدث عن أنشطة الشبكة منذ نشأتها سنة 2015، وما راكمته من أنشطة ثقافية متنوعة في جميع فروعها بالمدن المغربية الأخرى.
في ورقته الموسومة بـ»الهوية وتنازع القيم في رواية أصوات في ممرات النزيف لعبد الحميد شوقي»، تناول الباحث ذ.مصطفى داداش مجموعة من الدلالات النصية التي سعى من خلالها إلى تسليط الضوء على تيمة الهوية وتنازع القيم في الرواية. وقد انطلق من تلخيص المتن الروائي بالتركيز على الوحدات السردية الكبرى، ثم انتقل إلى رصد دلالة الحدث من منظور القيم الثقافية السائدة في المجتمع، مركزا على أبرز الشخصيات التي عكست هويات متشظية في ظل الانحرافات التي مست القيم الأصيلة وأفرزت قيم الانتهازية وتغليب المصلحة الذاتية. وهذا ما سمح للباحث بالوقوف عند أبرز الظواهر الاجتماعية التي تعكس انزياح القيم وتحولاتها، مما يفيد أن الرواية توجه نقدا رمزيا لكل تلك الانحرافات التي جسدتها سردية «النزيف».كما خلص الناقد إلى تأويل دلالة المراهنة معتبرا أنها لا تنحصر في كونها لعبة محكومة بمنطق الربح والخسارة، وإنما هي صورة استعارية ترتبط بمصير الإنسان. لذلك، فإن الرواية، وهي تتخذ سردية النزيف موضوعا لها، فإنما تتوجه إلى القيم المسؤولة عن بؤس الإنسان، وارتهان مصيره بمعتقدات لم يعد لوجودها ما يبرره، وهكذا تعد الرواية، في تصوره، تجسيدا رمزيا لحياة ممكنة لا زالت تتلمس طريقها بحثا عن نقطة مضيئة في عالم مليء بالمفارقات.
وفي مداخلته الموسومة ب»صور الذات وتخييل الواقع والتاريخ في أصوات في ممرات النزيف»، قدم ذ.إبراهيم أزوغ، في البداية مدخلا مركزا حول الرواية المغربية، مبرزا التحول والتطور الذي عرفته في العقدين الأخيرين، وما تميزت به من تجديد بوعي انتقادي وجمالي على مستوى الأشكال والموضوعات. ويتجلى ذلك في هذه الرواية، من خلال اهتمام الروائي بجانب البناء الفني الذي يقوم على: تناسل الحكايات وتناوبها وتشابكها، والانتقالات الفجائية في السرد، والتخييل المضاعف، وتجاور الحكايات وتشابه حيوات الشخصيات من حيث المصائر… معتبرا رواية شوقي رواية جرأة؛ بالمعنى الذي يبتعد بها عن روايات الإثارة والفضح المباشر والتقريري، أو الروايات ذات المنحى التسويقي. وذلك بإثارة المسكوت عنه والمحرم، وابتعادها عن النموذج في استيحاء تحولات الذات في علاقتها بأسئلة المجتمع والتاريخ وبالكائن والممكن من التغيير والتحرر.
وقد اعتبر أزوغ في نهاية مداخلته أن رواية شوقي، ببنائها الحكائي المعقد والمتشابك العناصر، وتعدد شخصياتها وأصواتها ولغاتها، رواية تشيد رؤية جديدة في الممارسة والخرق والاعتراف؛ رؤية تقوم على «التحريض» على تجاوز حدود القيم والأعراف، وعلى طرح الأسئلة. ذلك أن هذا التجاوز هو وحده ما قد يقود إلى تحرير الفكر ومحو المسافة الفاصلة بين الخطيئة والفضيلة باعتبارهما معا شرطا للإنسان، وجزرا في أعماق الإنسان لم يتمكن فرويد من إضاءة إلا القليل منها.
وفي كلمته بالمناسبة، أعرب الروائي عبد الحميد شوقي، عن شكره الجزيل للمقهى الثقافي لو سافير بلاص وشبكة المقاهي الثقافية بالمغرب والمديرية الإقليمية لقطاع الثقافة بالقنيطرة، على الدعوة والاستضافة. كما شكر الأستاذين الباحثين على الاهتمام بالرواية نقديا ومعرفيا، موضحا للحضور الكرام مدى صعوبة أن يتحدث المبدع عن نصوصه الإبداعية، وأن للكتابة طقوسا خاصة وتتطلب في بعض الأحيان الكثير من التأني والمراجعة. وبخصوص لغة الكتابة، أكد شوقي أن اللغة ليس مجرد وسيلة للتعبير، بل هي منتجة للمعنى وتعبر عن نوع معين من التفكير والوعي، مما يستدعي توظيف تنويعات لغوية تتراوح بين الفصيح والعامي والأجنبي…
وقد اختتم اللقاء بتفاعل واسع للحضور الكرام، دام لما يزيد عن ساعة ونصف، شارك فيه عدد كبير من المثقفين والكتاب والنقاد والمهتمين بقضايا الأدب والثقافة. وتخللت فقرات هذا اللقاء مقطوعات موسيقية من أداء عازف العود عزيز أبردان أستاذ الموسيقى بالمعهد الموسيقي بالقنيطرة.


بتاريخ : 09/07/2022