شركات المحروقات استفادت من تراجع تكلفة الشراء للغازوال والفيول بـ 12.6 مليار درهم

 

كشف التقرير السنوي لمكتب الصرف عن فروقات صارخة في أسعار شراء المواد الطاقية بين عامي 2022 و2023 وهو ما لم ينعكس مطلقا على الاستهلاك النهائي في المغرب، حيث ظلت أسعار المحروقات تحلق طوال العام الماضي في مستويات عالية دون أن يشعر المستهلك المغربي بأن هناك تراجعا حقيقيا وشاملا للأسعار عم السوق الدولي، حيث بلغ الفرق في سعر شراء الغازوال والفيول 1824 درهما لكل طن. ويعود هذا الفارق إلى انخفاض أسعار المواد الطاقية في عام 2023، حيث انخفض سعر الغازوال والفيول إلى 8410 درهما للطن مقارنة بـ 10234 درهما للطن في عام 2022.
بالنسبة لغاز البترول، أشار التقرير إلى أن الفرق في سعر الشراء بلغ 3461 درهما لكل طن، حيث بلغ سعر غاز البترول 1914 درهما للطن في عام 2023، مقارنة بـ 5375 درهما للطن في عام 2022. وبالتالي، فقد وصل الفارق الإجمالي في تكلفة الشراء للغازوال والفيول في عام 2023 إلى 12.6 مليار درهم مقارنة بعام 2022، وذلك مع العلم أن قيمة واردات الغازوال والفيول في عام 2023 كانت 58.1 مليار درهم، مقارنة بـ 76.3 مليار درهم في عام 2022.
وسجلت واردات المنتجات الطاقية تراجعا قدره 31.2 مليار درهم، أي بنسبة -20.4% في عام 2023، بعد أن تضاعفت أكثر من مرة في عام 2022. وصلت هذه الواردات إلى 122 مليار درهم مقابل 153.2 مليار درهم في عام 2022، وذلك بسبب انخفاض الأسعار. سجلت واردات الديزل والزيوت الثقيلة أكبر انخفاض، حيث تسببت وحدها في أكثر من نصف التراجع في الإمدادات من المنتجات الطاقية.
وفي عام 2023، بلغ الفارق الإجمالي في سعر شراء غاز البترول حوالي 43.2 مليار درهم مقارنة بعام 2022. وقدرت قيمة واردات غاز البترول في 2023 بـ 23.9 مليار درهم، في حين كانت 26.3 مليار درهم في 2022. وبذلك، فإن الانخفاض التراكمي في سعر شراء الغازوال والفيول وغاز البترول في السوق الدولية وصل إلى حوالي 5285 درهما للطن خلال عام 2023.
وكان مجلس المنافسة قد أكد أن المبيعات السنوية من الكازوال والبنزين وصلت إلى ما يقارب 6.78 مليون طن، أي ما يقارب 8.12 مليار لتر في سنة 2023، مقابل 6.53 مليون طن (حوالي 7.83 مليار لتر) في سنة 2022، وهو ما يمثل زيادة بحوالي 3.75 في المئة. وأوضح مجلس المنافسة، في تقرير حول تتبع الالتزامات المتعهد بها من قبل شركات التوزيع بالجملة للكازوال والبنزين، في إطار اتفاقيات المعاملات المبرمة مع المجلس، أنه بالنسبة للمبيعات من حيث القيمة، وفي غياب البيانات المتعلقة برقم المعاملات الإجمالي المحقق في سوق التوزيع لجميع الفاعلين مجتمعين، فوحده رقم معاملات الشركات التسع المعنية، التي تمثل ما يقرب من 90 في المئة من إجمالي الواردات و83 في المئة من الكميات المباعة، مأخوذ في الاعتبار.
وبلغ إجمالي رقم معاملات الشركات التسع، المتحقق في قطاع توزيع الكازوال والبنزين (باستثناء الوقود البحري) 79 مليار درهم في سنة 2023 مقابل 85 مليار درهم في سنة 2022، أي بانخفاض بنحو 7 في المئة.
وفي التفاصيل، يتيح تحليل توزيع المبيعات من حيث الحجم حسب شريحة الزبناء لسنة 2023 الإشارة إلى أن شبكة محطات الخدمة تمثل غالبية مبيعات الكازوال والبنزين لتسع شركات معنية، بحصة متوسطة مرجحة تناهز 75 في المئة، في حين تمثل قناة B to B الموجهة للزبناء المهنيين 25 في المئة من إجمالي حجم مبيعات الكازوال والبنزين في السوق الوطنية.
وعلى الرغم من أن تراجع الفاتورة الطاقية للمغرب يفوق 31 مليار درهم، نتيجة هبوط أسعار النفط في السوق الدولي مقارنة مع ما كانت عليه خلال 2022، (وهو ما ساهم في تخفيف العجز التجاري) فإن أسعار البيع النهائي في محطات الوقود ظلت ملتهبة، طوال العام الماضي حيث وصل سعر الغازوال والبنزين، عتبة 15 درهما للتر الواحد.
وفي هذا الصدد نبه مجلس المنافسة في تقرير له صدر بالجريدة الرسمية إلى هيمنة التركيز التي تعرفها سوق المحروقات سواء على مستوى الاستيراد أو على مستوى التخزين أو حتى على مستوى التوزيع، حيث أن أسواق التخزين والاستيراد في المغرب تتميز بنسبة تركيز عالية حيث سجلت قدرات الموزعين في مجال تخزين الغازوال والبنزين ارتفاعا بنسبة 15 في المائة في الفترة الممتدة بين 2018 و2021، بسعة بلغت 1،2 مليون طن سنة 2021. ويثير مخزون الأمان للمنتجات النفطية إشكالية دائمة لكونه لا يستجيب للمستوى المنصوص عليه في النصوص التنظيمية، والمتمثل في 60 يوما من استهلاك المنتجات المكررة.
وتنطوي سوق الاستيراد على نسبة تركيز عالية للفاعلين فيها، إذ تنجز أربع شركات هي (أفريقيا، وطوطال إنيرجي و فيفو إنيرجي وبيتروم)، قرابة 68 في المائة من حجم الواردات، وتتوفر على أزيد من 61 في المائة من قدرات التخزين المحدثة. كما نبه التقرير كذلك إلى أن سوق توزيع الغازوال والبنزين الوطنية تتسم كذلك بمستوى تركيز عال، إذ تضم 29 شركة وتستحوذ ثلاث منها (أفريقيا و فيفو إنيرجي وطوطال) على حوالي 54 في المائة من حصص السوق، بينما تنجز 6 منها نحو 70 بالمائة من المبيعات.
ولا يبدو أن الغرامات الهزيلة التي يفرضها مجلس المنافسة قادرة على ردع الشركات المحتكرة لتوزيع المحروقات والتي باتت تفضل دفع هذه الغرامات طالما أنها تجني أضعاف قيمتها كل عام.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 27/08/2024