صَديقتِي هَذا الصَّباحُ لَا يُشْبِهُ أَحَدا
اللَّيْلُ بَارِد
الْمِصْباحُ كَلِيلُ الضَّوْء
الَغُرْفَةُ نَديمَة الْعُزْلة
الْمِزْهَريَّة نامَتْ قبْل الْمَغيب
النَّافذَة الَّتي تَرَكْتِ ظِلَّك فِيهَا حَزينَة
السَّريرُ الْوحِيدُ ظَلَّ يُحَمْلِقُ فِي وَجْهِي
وَهَذا أنَا
أُقَشّر تُفّاحةَ الْخَطيئَة وَحْدي
أُعَدّدُ خِياناتِي الْعُظْمى فِي حَقّ اللَّيْل:
أَرَقٌ أبَدِيٌّ
كَوابيسٌ ثَقيلةُ الدَّم
جَلبَة الصَّمْت في ذاكِرتي
يأْسٌ شاهِقٌ في الْأسَف
نَدَمٌ طيِّبُ الْخَيْبات
***
صَديقِي هذا الصَّباح لَا يُشْبِهُ أحداً
الْغُيومُ هارِبةٌ من سمَّاء الظَّهيرة
خرائِبُ الحَرْب تَطْرُدُ الْوَرْدَ مِنْ مِزْهرِيات الْحياة
الْبِحارُ تسْرق النَّشيدَ مِنَ الصيَّادين الذَّاهبينَ بِشِباَكٍ فارِغةٍ إلَى الْعُزْلة
الْجُنودُ السَّاهِرونَ على رِعايَة الْموْتى
المُدجَّجونَ بِحنينِ لِزوْجات مُضْرِبات عَن الْحياة
الْعرَباتُ الْأنيقاتُ بالزُّهُور كَليلَة الخطْو فِي اتِّجاه الْمقْبرة
***
صَديقِي هذا الصَّباح لا يُشْبِهُ أحداً
لَا يَد تطْرُق بابَ الْقلْب
الشُّرْفةُ يقْظةٌ فِي الْغِياب
الْبابُ الْوحيدُ الخاسِرُ في الْحُبّ
مُشْرَعٌ علَى الرِّيح
علَى مَدًى يُطرِّزُ سمَاءً بَعيدةً بِجُرْح النَّشيد
***
صَديقي هذا الصَّباح لَا يُشْبه أحداً
الْوقْت عاكِفٌ على الْعبَث
الْوجَع ناطِقٌ بِلِسانِ الْخَوافِي
النَّزيفُ يسْردُ نَهْرَ ألَمِه على تَاريخِ الْألم
وَلَا مَاء يَرْوِي عطَشَ الْأرْض
***
صَديقي هذا الصَّباح لَا يُشْبِهُ أحداً
الشَّجرةُ كئيبةُ الْأغْصان
الْغُنْبازُ حَزينُ الْعِطْر
وهذا النَّشيدُ طافِحٌ بِنزيفِ الْأَصابِع
بِحُرْقة الْأوْتار
الطَّريقُ الْحامِل خَطَواتِي التَّائهةَ يُمَجّد
كآبَة الضَّياع
الْأُفق يُبايِع اللَّيْل
ويَنامُ على إيقاعِ الْمَغيب
الْحُروفُ تُؤرّخُ جُرْح الْأبدية
والْأبْجديةُ تُضَمّدُ حُلْماً خائِب الطَّلْعة
وتُعانِق سَماءً فارِغَة الْغُيوم
***
صَديقي هذا الصَّباح لَا يُشْبِهُ أحداً
الْمَدينَة تَكْنِسُ غُبارَ الْغُرباء
تُلوّح بِمناديلِ الصَّمْت
والْبُكاء
تُقيمُ فِي غُرَفٍ ذابِلةِ الْأنْفاس
تُطارِدُ عُزْلة الشُّعراء
***
صَديقتِي هذا الصَّباح لَا يُشْبِهُ أحداً
الرِّفاقُ ضالِعونَ في الْخَيْبات
النَّصْر شاخَ في شَاراتِ الْيَد
والْآتي تَقودُه الْعتَمات
وَليْس لِي
غيْر شمْس أُربِّيها في السَّماء
ولَا أَخْجل
الْعُشَّاق صيَّادُو الْفَراشات يَحْترِقونَ
وَيَنامُونَ على حَدائِق مِنْ أشْواك
وليْس لي
غيْر مَديحِ الْأعالي
طَريقاً لِنُجوم الْآتي
شعر… صَبَاحٌ لَا يُشْبِهُ أَحَداً
الكاتب : صالح لبريني
بتاريخ : 07/04/2017