احتفلنا،أكيد، ورقصنا ومنا من أذرف الدموع فرحا بالإنجاز الذي حققه البطل سفيان البقالي وذهبية 3000 متر موانع..أسعدتنا ميدالية أشرقت بشمسها وسط ظلمة من الإخفاقات المتتالية للحضور الأولمبي الوطني في دورة طوكيو.
ومن قلوبنا ووجداننا وبصدق خالص قلناها وكتبناها ورددناها: شكرا سفيان البقالي.. جعلتنا نرفع رؤوسنا بعد أن اعتادت التخفي في رمال من الخجل ومن الانكسار.
ذهبية،أكيد،بقيمة عالية ووزن ثقيل،لكننا لا نريدها شجرة تخفي غابة من الإخفاقات في رياضتنا وجاءت دورة طوكيو لتؤكد أننا مازلنا نحبو وسط أرجل وسيقان غليضة قوية مرنة قفزت بخطوات سريعة مبتعدة عنا بمسافات طويلة.
لماذا وكيف أخفقنا في طوكيو؟لماذا تفوق الآخرون وفشلنا نحن؟ ماذا عندهم وليس لدينا؟
في سجلنا الأولمبي،ميداليات تحققت في غفلة عن التسلسل المنطقي لعملية صناعة بطل أولمبي،وهل كانت رياضتنا تتوفر أصلا على مصنع متكامل البنيان لصناعة الأبطال؟
في سجلنا الأولمبي،لم يكن لدينا مشروع مجتمعي رياضي،ولم تكن لدينا أي سياسة عمومية في الرياضة،وافتقدنا في نفس الوقت لأي رؤية مستقبلية تعتمد العلم والفكر وظل تركيز جامعاتنا الرياضية ومعها كل مكونات الحقل الرياضي منصب على المطالبة بتوفير الاعتمادات المالية والبنيات التحتية حتى حصل لدينا جميعا الاقتناع بكون المال سيكون هو الفاعل الأساسي في تحقيق النهضة الرياضية خاصة على مستواها العالي والنخبوي العالمي والأولمبي.
وتدفق المال في شرايين رياضتنا،وبنيت الملاعب والقاعات وأصبح لدينا اكتفاء داتي بل وأصبحت مدننا وبنياتها الرياضية وجهة مفضلة لمنتخبات دولية ولأبطال عالميين.
ثم مادا حدث؟ هل استقامت خطوات رياضتنا؟ أكيد لن نحتاح إلى أي جواب وخيبتنا في طوكيو ماتزال تنغص علينا فرحتنا بذهبية سفيان البقالي.
تدفق المال،ومنحت لجامعاتنا الرياضية بطاقات بيضاء في التصرف وفي التدبير وفي تسطير البرامج واختيار الأطر التقنية وإقامة التربصات التدريبية ولكل برنامج اعتماده المالي.
أين كان الخلل إذن؟
نفتقد صحيح لسياسة عمومية رياضية تنبني على تسطير مشروع مجتمعي رياضي، لكننا في الوقت نفسه نفتقد لعقل متزن وفكر بمنهج علمي يدبر الشأن الرياضي ويشرف على وضع تلك الاستراتيجية التي بإمكانها صناعة البطل عوض انتظار الصدفة وانتظار موهبة تجود بها الأقدار.
ولن يختلف اثنان اليوم وبعد هذا الإخفاق الأولمبي الكارثي،أنه حان الوقت لمراجعة أوراق رياضتنا، وكفى من تحويل بوصلة تلك الإخفاقات لمدرب أو لرياضي وجد نفسه أمام ما لايقارن هناك في طوكيو،ولنقبل بالنقد الذاتي ولنعترف أن عدد كبير من جامعاتنا أصبحت تحتاج في طريقة تسييرها لفكر جديد ولعقل يؤمن بالعلم وبالكفاءات الحقيقية في التدبير العلمي الرياضي.
لن نصدقكم حتى وأنتم تقيلون إداراتكم التقنية ومدربيكم وتوقفوا أبطالنا وترموا بمسؤولية الفشل للآخرين..
اليوم لم يعد مقبولا أن تظل رياضتنا على الهامش،لقد أضحت في صلب سعي المغرب إلى تحقيق التنمية الشاملة..
لقد أضحت رياضيتنا مكونا أساسيا في المنظومة السياسية، الاقتصادية والاجتماعية .
شكرا سفيان البقالي..
وإلى أولمبياد آخر..