تتعدد أشكال الفوضى في مجموعة من أحياء مدينة بوزنيقة، التي عوض أن تكون مدينة جذابة وتتطور بشكل يجعل منها قطبا سياحيا حقيقيا، فتوفر لشبابها فرص الشغل ولساكنتها السكينة والطمأنينة، فإنها وبكل أسف تعيش على إيقاع اختلالات متعددة، التي ترخي بتبعاتها على الجميع، خاصة حين يتعلق الأمر بمشكل يمكن في حال توفر إرادة فعلية حلّه والقطع مع مظاهره، وإيجاد بدائل عملية له، ويتعلق الأمر بإشكالية احتلال الملك العمومي.
احتلال يعمّ العديد من الأحياء والأزقة، كما هو الشأن بالنسبة لحي الرياض، الذي تحوّل بشكل أو بآخر إلى «قطب اقتصادي» في صوره البسيطة جدا، من خلال أنشطة تجارية مختلفة كالمقاهي أو عبر فتح محلات تجارية لبيع مختلف المنتوجات، المنزلية والغذائية وغيرهما، ليتجاوز الأمر ذلك إلى ظاهرة البيع بالتجوال و «الفرّاشة»، التي استأسدت واستفحلت بشكل كبير في هذا الحي، الذي أصبح سكانه يعيشون معاناة يومية، بسبب الاحتلال والصخب والضجيج، والنفايات المنتشرة والمخلّفات، والبقايا التي تبقى حاضرة بعد انصراف الباعة إلى حال سبيلهم؟
وضعية تجعل المتتبعين يطرحون أكثر من سؤال حول أدوار ومهام الشرطة الإدارية وموقعها من كل ما يحدث بهذا الحي وما يعرفه من احتلال صارخ للملك العام، في اعتداء مطلق على حقوق المارة عامة والساكنة خاصة، بالنظر إلى أن من الوظائف الأساسية لمن هم موكول لهم هذه الصلاحية، الحفاظ على النظام العام بعناصره الثلاثة التي تتوزع ما بين الأمن والصحة والسكينة العامة، بواسطة إصدار القرارات التنظيمية، وفي حالات أخرى باستخدام القوة العمومية، لكي يمكن للجميع ممارسة نشاطهم دون المساس بحقوق وحريات الآخرين.
وظيفة، يجد الكثير من المواطنين أنها معطّلة لأسباب غير معروفة، على مستوى مدينة بوزنيقة بشكل عام، وفي حي الرياض بشكل خاص، الذي يعرف انتهاكا كبيرا لحقوق الغير، بسبب الاستغلال العشوائي والفوضوي للملك العام، فعدد من المقاهي تتجاوز المساحة المسموح لها بها، وتقوم بوضع الطاولات والكراسي في كل مكان، على الرصيف الذي بات المشاة محرومين منه، ومجموعة من الباعة الجائلين يعرضون بضائعهم مستبيحين الرصيف والشارع على حد سواء، في غياب مراقبة من طرف الجهات المختصة، التي من بين الآليات المتوفرة لها الضبط التشريعي للحدّ من التطاول على حقوق وحريات الأفراد وحماية النظام العام. مظاهر فوضوية لا تقف عند هذا الحد بل تشمل كذلك سلوكات، بغاية تجميلية، لكنها تسقط هي الأخرى في خانة التطاول على الملك العام، كما هو الحال بالنسبة لتسييج مساحات من طرف أصحاب بعض المنازل وتحويلها إلى حدائق مصغّرة، إلى جانب استغلال مساحات فارغة وضمها للملك الخاص؟
الأكيد أن مسألة البيع بالتجوال، تعتبر ضرورة أساسية بالنسبة لعدد من الباعة باعتبارها النشاط الوحيد الذي ألفوا القيام به والذي يعتبر مصدر دخل لهم للعيش، وبالتالي فإن التطرق للموضوع ليس من باب قطع الأرزاق ولكن كذلك لا يمكن غض الطرف عن العشوائية والفوضى، وبالتالي وجب على السلطات المختصة، من جماعة وعمالة ومجلس إقليمي وغيرها، إيجاد حلول وبدائل تضمن العيش الكريم لهذه الفئة، وتعيد للملك العام حرمته التي تنتهك في كل وقت ومن طرف جهات مختلفة. احتلال وانتهاك يجعلان عددا من المهتمين يستحضرون حين تطرقهم للموضوع ولكل الاختلالات التي تم سردها، ما ينص عليه القانون المتعلق بالجماعات الترابية رقم 113.14، في الشق المتعلق باختصاص الشرطة الإدارية وبالصلاحيات القانونية الممنوحة في مجال التعمير، ومن خلاله كل الترسانة القانونية المتوفرة لأجل الحفاظ على الأمن العام بكل أشكاله، التي يجب أن تكون آلية لحفظ وصون الحقوق والقيام بالواجبات، اتجاه الأفراد والمؤسسات، والتصدي لكل مظاهر الفوضى المستبيحة لكل شيء تحت مبررات ومسميات متعددة.