انتحار طبيب مقيم يُخرج أطباء الغد عن صمتهم واستبيان يكشف جملة من الأعطاب النفسية

 

شهاداتهم كشفت عن فظاعات متعددة الأوجه ونقابة الأساتذة تقرر التريث في إصدار الموقف

تسبب إقدام طبيب شاب على وضع حد لحياته نهاية الأسبوع الفارط في تفشي حالة عارمة من الحزن المقرون بالغضب والسخط، بسبب الدوافع التي قد تكون دفعت الطبيب المقيم إلى اتخاذه لقرار الانتحار شنقا، حيث أكدت مجموعة من الشهادات التي استقتها «الاتحاد الاشتراكي» من مجموعة من أطباء الغد، أن الأمر يتعلق بممارسات وسلوكات تم وصفها بـ «السادية» التي تطال عددا من الأطباء من طرف بعض الأساتذة، والتي هي ليست وليدة اليوم، إذ عانت منها أجيال متعددة، لكنها ظلت محتجبة ويلفّ تفاصيلها الصمت خوفا مما تمت تسميته بـ «الانتقام» ومن الإحساس بمزيد من الدونية و «الحكرة»؟
وأكد أطباء لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن هناك العديد من الأساتذة الذين استطاعوا أن يتركوا بصماتهم الإنسانية والمهنية راسخة في أذهان من تكونوا على أيديهم، وساهموا في تطوير الطب والممارسة الطبية في بلادنا بكل تفان ونكران ذات، لكن بالمقابل هناك من أساؤوا لهذه المهنة «عن سبق إصرار وترصد»، في حين لا يزال البعض يقوم بممارسات لا تمت بصلة للجامعة ولا علاقة لها بالتأطير والتكوين، لا نظريا ولا تطبيقيا. وشدّد عدد من الذين استقت الجريدة آراءهم بشأن الواقعة الأليمة، والذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم، على أن الصمت؛ سواء من طرف الأطباء الشباب الذين كانوا يعيشون تحت تهديد الرسوب المقصي لمرتين اثنتين والبقاء تحت رحمة «التدخلات» في المرة الثالثة أو من طرف بعض الأساتذة؛ زكّى مثل هذه السلوكات المتعالية التي تتعدد مظاهرها، وإن كان هناك من الأساتذة من نبهوا في عدد من المرات إلى هذه «التصرفات المرضية»، مبرزين أن عدم القدرة على التكلم والجهر بما يقع، والعجز عن مواجهة هذه الممارسات، تترتب عنها تبعات جد وخيمة على المستوى النفسي وقد يكون لها أثرها على المستوى السلوكي لاحقا للطبيب الشاب نفسه!
وأوضح عدد من الأطباء أن بعض هذه الممارسات التي تم الكشف عنها بشكل لا يزال محتشما خلال الأيام الأخيرة لم تكن تطال الأطباء الشباب لوحدهم ، بل إنها كانت تستهدف حتى بعض الأساتذة أنفسهم، وهو ما يؤكد تفشي سلوك مريض وجد بيئة حاضنة له، فأصبح سائدا ومتفشيا، دون أن تتم مواجهته بالصرامة المطلوبة.
وتفاعلا مع هذا الحادث الأليم والمؤسف، كشفت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن استبيانا تم القيام به كشفت المعطيات الأولية المتعلقة به أن 95 في المئة من المشاركين فيه، سبق وأن تعرضوا لعنف نفسي، في حين أن نسبة 99 في المئة حضروا وقائع تعرض زملاء لهم في طور التكوين لهذا النوع من العنف. وتضيف الأرقام، التي تظل غير رسمية والتي تم تداولها على نطاق خاص، أن 20 في المئة من المشاركين في الاستبيان أكدوا تعرضهم لتحرش جنسي، في حين أن 88 في المئة كانوا عرضة لعنف لفظي، مما جعل أن 14 في المئة راودتهم أفكار لوضع حد لحياتهم، في حين أن 77 في المئة وجدوا أنفسهم يعانون من اضطرابات القلق و 48 في المئة من الاكتئاب، هذا في الوقت الذي تشير التقديرات إلى أن 40 في المئة من أطباء الغد فقط، من الذين ساهموا في استقراء الرأي هذا، يفكرون في القيام بـ «التخصص» في مستشفى جامعي مغربي بسبب مثل هذه الممارسات المتحدث عنها.
وفي سياق ذي صلة، حاولت «الاتحاد الاشتراكي» الحصول على رأي أو موقف من مسؤول بالنقابة الوطنية للتعليم العالي بكلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء، بخصوص النقاش القوي الدائر والمرتبط بواقعة انتحار الطبيب المقيم وما خلّفه خطوته المؤلمة من مواقف وشهادات، لكن المصدر الذي تم التواصل معه اعتذر عن ذلك، مؤكدا على أنه يتم في الظرف الحالي تجميع المعطيات من أجل الاطلاع على جميع الملابسات المحيطة بالموضوع والعمل على الإنصات لمختلف الأطراف قبل الإدلاء بموقف في هذا الصدد.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 07/09/2022