شهادة في حق أخي المرحوم محمد بلحبيب

ولد المرحوم محمد بلحبيب
في 12 دجنبر 1952 بعين بني مطهر (ضواحي وجدة).
انتقل الى دار البقاء يوم 14 دجنبر 2021 في الساعة العاشرة والنصف مساءا بجنيف، حيث دفن بها في مقبرة كاروج بسويسرا.
انخرط المرحوم مبكرا في النضال وآنذاك كان النضال يمارس أكثره في السرية، حيث كانت له مساهمات في تأطير معارك بثانويات مدينة وجدة أوائل السبعينات إلى حين التحق بثانوية ليوطي بالدار البيضاء سنة 1974 لمتابعة دراسته.
كان المرحوم كثير المرافقة للشهيد عمر بنجلون رحمه الله وابن عمتنا الذي هو بمثابة أخينا الأكبر المناضل النقابي أحمد الدادسي أطال الله في عمره.
سنة 1975 انعقد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وكان محطة فاصلة في تاريخ الاتحاد، سواء من الناحية الإيديولوجية أو التنظيمية، وتابع نضاله السياسي في صفوفه مرحبا بتوجهاته الجديدة، ومرتاحا لها، مما زاد من حماسه وحيويته ونشاطه السياسي داخل الحزب، وبسبب هذا النشاط المتزايد أصبح ينظر إليه داخل الثانوية على أنه مشاغب وداخل المؤسسة التعليمية خصوصا من طرف الادارة، ما أدى به في النهاية إلى طرده من الدراسة بصفة نهائية.
التحق بالديار البلجيكية لعله يجد فيها فرصة سانحة لإتمام دراسته، دون أن يؤثر هذا السفر على قناعاته السياسية وعلى المبادئ والقيم النضالية التي آمن بها. الإيمان بالتغيير داخل الوطن: المغرب وقد لازمه هذا الإيمان بهذه المبادئ دون أن يتوقف أو ينقطع.
بعد عودته الى أرض الوطن قرر الاندماج في عالم الشغل، حيث التحق برفاقه في النقابة الوطنية للمكتب الشريف للفوسفاط تحت إطار الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.
وسيلتحق مرة أخرى بكندا، حيث سيشكل هذا الانتقال مرحلة جديدة في حياته. سيغادر المغرب الى مونتريال بالتحديد لمتابعة دراسته ونضالاته، وهذه المرة في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وتحمل مسؤولية الكاتب العام ل: أ.و.ط،م، فرع مونتريال، وقد أتاحت له هذه المسؤولية الفرصة للالتقاء بالفقيد عبد الرحمن اليوسفي حين زار هذا الأخير القطاع الطلابي الاتحادي بمونتريال. كان ذلك أول لقاء بينهما في المنفى سنة 1981،
في سنة 1983 شهدت مدينة وجدة حدثا تاريخيا بحضور الفقيد عبد الرحمن اليوسفي رحمه الله لتأطير مهرجان بالملعب البلدي، في أول لقاء له مع الجماهير بعد رجوعه من المنفى، وذلك للانتخابات الجماعية بنفس السنة.
وسيلتقي المناضلان من جديد وللمرة الثانية بوجدة ولازلت أتذكر الى يومنا هذا العناق الحار بينهما.
مباشرة بعد هذه الانتخابات ستبدأ معاناة أخي رحمه الله بسبب مضايقته كمناضل اتحادي، ولم يجد،آنذاك، من ملاذ أمامه إلا أن يقتسم معي قساوة معاناته التي انعكست على العائلة الصغيرة وأدت الى كهربة الجو العائلي دون أن يعلم أحد منهم السبب، وما كان علينا إلا أن نكتم هذه المعاناة عن الرفاق والأصدقاءإلى حين تبين بأن لا مستقبل له في وطنه الحبيب.
قرر المغادرة وفي اللحظات الأخيرة ترك شهادة وصية مكتوبة إيمانا منه بالتغيير، ووفاء لمبادئه وحزبه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
تحتوي الشهادة الوصية لأخي على كيفية استهداف إقليم وجدة من داخله، لتفكيك تنظيمه وتأجيج الصراعات بين مناضليه.
في مرحلته الأخيرة وجد بلحبيب محمد رحمه الله نفسه في الديار السويسرية حيث مات ودفن بها، والتي هي بالنسبة له. مدرسة في الممارسة الديموقراطية.
ورغم كل معاناته السابقة ومعارضته للسياسة الحكومية في المغرب، كان لا يتردد، في كل مناسبة أتيحت له، في الدفاع عن الوحدة الترابية، وسط أعداء قضيتنا الوطنية بشجاعة والتأكيد على أن الصحراء مغربية.
ذهب إلى جوار ربه وهو متفائل لمستقبل الوطن المغربي، وعيا منه بأن الفساد لايزال قائما والوضعية الحقوقية لاتزال بحاجة الى اجتهادات خاصة في ظل عدم استقلالية القضاء.
رحم الله أخي بلحبيب محمد وأسكنه فسيح جنانه وإنا لله وإنا إليه راجعون.


الكاتب : جمال بلحبيب

  

بتاريخ : 05/02/2022