شهدت تراجعا ملحوظا على أكثر من صعيد :فوضى ،عشوائية وتزايد مظاهر الترييف.. عناوين فاضحة لتدبير شؤون ساكنة بنسليمان

عرفت مدينة بنسليمان، خلال السنوات الأخيرة، تراجعا في مختلف المجالات، وذلك بسبب التهميش واللامبالاة، وانشغال منتخبين ومسؤولين بمصالحهم الشخضية، مما جعل المدينة تتخبط في الفوضى والعشوائية، لتتحول إلى مركز قروي كبير، تسود فيه مظاهر الترييف، بشكل واضح، مما أثر على جماليتها التي كانت تتميز بها خلال عقود ماضية.

التأهيل المعطل

في الوقت الذي كانت الساكنة تتطلع إلى إعادة تأهيل المدينة، بما يراعي التوسع العمراني، وتزايد عدد السكان بها، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث باستثناء بعض الإصلاحات والمشاريع القليلة التي عرفتها البنية التحتية لبعض الأزقة المتواجدة بالحي الحسني، وحي الفرح وحي لالة مريم 2، خلال ولاية جماعية سابقة. إضافة إلى مشاريع رأت النور في عهد المجلس الإقليمي السابق، كعملية التهيئة والهيكلة التي تخضع لها بعض شوارع المدينة، وإعادة إصلاح وتأهيل المسبح البلدي، وبناء سوق بلدي بمحطة الطاكسيات، وإنجاز بعض ملاعب القرب ببعض الأحياء، وتهيئة بعض الفضاءات بتمويل من المجلس الإقليمي، ومن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
لكنها مشاريع – حسب ملاحظات السكان – تبقى غير كافية، بالنظر الى التوسع الذي شهدته المدينة في مجال التعمير، الذي أدى إلى زحف المباني السكنية على الاراضي الفلاحية بشكل مهول، إثر إحداث تجزئات سكنية في كل الاتجاهات، وعند مداخل المدينة (حي لوازيس، نجمة بنسليمان، تجزئة صخور بنسليمان، بوشويطينة…)، دون أن تواكب هذا التوسع، عملية توفير المرافق العمومية والخدماتية الضرورية ، في مجالات: الصحة، والتعليم والثقافة والرياضة، والنقل العمومي…، مما جعل ساكنة التجزئات المحدثة تعاني من قلة وانعدام بعض الخدمات الضرورية. وفي المقابل نجد أن باقي الأحياء والشوارع غارقة في الفوضى والعشوائية، وتسود فيها مظاهر تشوه جمالية المدينة.

جوطيات ..واحتلال
الملك العام

بعد أن تم تنقيل السوق الأسبوعي (أربعاء بنسليمان) من وسط المدينة وتحويل مكانه إلى جماعة مجاورة، انتشرت بشكل فظيع الجوطيات والأسواق العشوائية، حيث احتل الباعة الجائلون الأزقة والأرصفة، ولم تسلم من هذا الاحتلال، لا المساحات الخضراء ولا الفضاءات العمومية ولا الشارع الرئيسي الذي استباح فيه الباعة الأماكن والأرصفة الخاصة بالمارة للقيام بأنشطتهم التجارية، خاصة أمام مدرسة الفضيلة وثانوية الحسن الثاني، وبجوار سينما «المنزه» التي يصعب فيها المرور إلى الحي الحسني بسبب وضع السلع وسط الطريق وفوق المساحات الخضراء التي تحولت إلى أماكن قاحلة، بسبب انعدام الصيانة والعناية، حيث أصبحت هذه الأماكن عبارة عن جوطيات عشوائية، تقام مساء كل يوم في منظر مشوه لجمالية المدينة. اضافة الى الانتشار الواسع للعربات المدفوعة والمجرورة الممتلئة بالخضر والفواكه التي تجوب بعض الشوارع، ويتمركز بعضها في بعض الأزقة خاصة بزنقة الزيايدة وزنقة ابن خلدون، وبجوار السوق البلدي وبمختلف الاحياء، مما يؤدي إلى عرقلة حركة السير والجولان، ويساهم في تلويث تلك الاماكن، بل إن بعض الباعة يقيمون الخيام على جنبات الطريق وأمام المنازل، دون احترام حقوق المارة ولا كرامة الساكنة.
ظاهرة احتلال المكان لم تقتصر على الباعة الجائلين فقط، بل استغل بعض أصحاب المحلات التجارية والمقاهي الأرصفة لعرض سلعهم وخدماتهم، في خرق سافر لحقوق الراجلين والمارة.
هذه المظاهر العشوائية استفحلت بالمدينة بسبب عدم تنظيم الباعة الجائلين في أسواق نموذجية، تمكنهم من ممارسة أنشطتهم التجارية بشكل منظم، وتؤمن لهم قوتهم اليومي ، في احترام تام لكرامتهم، وكرامة زبنائهم.

نقائص السير والجولان…

عملية السير والجولان بالمدينة حسب ما صرح به بعض السائقين، أصبحت لا تطاق بسبب الفوضى وغياب علامات التشوير، وكذا غياب أي تصور لدى المسؤولين بالبلدية لتنظيم هذا المجال. فالأزقة تم احتلالها من طرف الباعة الجائلين، وكذا الذين يستعملون ويركنون العربات المدفوعة والمجرورة، وسط الطريق، الشيء الذي يخلق الازدحام، ويؤدي إلى عرقلة حركة المرور، ووقوع حوادث السير، ناهيك عن غياب محطات للطاكسيات بمواصفات تليق بالمهنيين والركاب، مما يضطر معه أصحاب سيارات الاجرة إلى استغلال الشوارع الرئيسية، كما هو الحال بشارع الحسن الثاني، أمام دار الشباب، وكذا بزنقة الزرايدي غفور أمام باب المديرية الاقليمية للتعليم، إضافة إلى الفوضى التي يحدثها أصحاب الكوتشيات، خاصة أن بعض القاصرين يسوقونها بتهور كبير ، دون احترام قانون السير، مما يتسبب في وقوع العديد من حوادث السير. يقومون بهذه الممارسات الطائشة، في غياب تام للمراقبة، والصرامة وإعمال القانون من طرف الجهات الموكول لها هذا الدور، كما أن هاته الكوتشيات لا تتوفر فيها شروط السلامة، ولا المواصفات المطلوبة، مما يساهم في تلوث البيئة، حيث تنبعث من الممرات والأزقة التي تمر منها روائح كريهة ناتجة عن الروث الذي تطرحه الجياد والخيول التي تجر الكوتشيات على الطريق، لدرجة أن بعض الفضاءات والاماكن والمقاهي التي تمر بجانبها، أصبح من المستحيل المرور او الجلوس فيها… يحدث هذا دون أن يتدخل المسؤولون لتنظيم هذا المجال؟

معضلة النظافة ..
والإنارة العمومية

معاناة الساكنة مع معضلة النظافة والإنارة العمومية تكاد لا تنتهي. فميدان النظافة، أسال الكثير من المداد، وأصبح حديث العام والخاص، رغم أن الشركة المكلفة بتدبير مجال النظافة «تلتهم» سنويا ما يزيد عن مليار و500 مليون من المال العام، دون أن تفلح في تجويد الخدمات، رغم النداءات والاحتجاجات المتكررة بهذا الشأن. «فهي لا تحترم الشروط المتضمنة في دفتر التحملات، بناء على ما تم الاتفاق عليه مع المسؤولين بالمجلس البلدي، بسبب غياب التتبع والمراقبة، بحيث أن المدينة أصبحت غارقة في الأزبال والنفابات في بعض الأماكن، لكون الشركة لا تشغل العدد الكافي من الشاحنات التي تنقل الأزبال، حيث تظل متراكمة طيلة اليوم، علما بأن المدينة عرفت مؤخرا توسعا في المجال الحضري، إثر إحداث مجموعة من التجزئات السكنية بنواحيها. كما أنها لا تقوم بغسل الشارع الرئيسي وفق ما جاء في دفتر التحملات ولا غسل الحاويات التي يبقى عددها غير كاف لتغطية أحياء المدينة» تقول فعاليات محلية .
اما بالنسبة لمعضلة الانارة العمومية، فتتمثل في ضعف الشبكة الكهربائية وعدم تجويد الخدمات المقدمة للساكنة. فأحياء عديدة تعاني في كثير من الأحيان من الظلام بسبب ضعف الإنارة وانعدامها في عدة أماكن، وكثيرا ما يتم قطع التيار الكهربائي عن المنازل، مما يتسبب في بعض الخسائر التي تطال التجهيزات المنزلية والوسائل الإلكترونية . إضافة إلى مشكل تقدير الكمية المستهلكة عوض زيارة المستخدمين المعنيين لمراقبة العدادات قصد تحديد الكمية الحقيقية المستهلكة من طرف الاسر كل شهر، حيث غالبا ما تكون هذه التقديرات مبالغا فيها، بعد الانتقال إلى الشطر الثالث لاستخلاص واجب الاستهلاك، مما يتطلب من المسؤولين بهذا القطاع العمل على القيام بجولات للعدادات كل شهر، تفاديا لإثقال الزبناء بزيادات هم في غنى عنها.

تساؤلات بشأن
«نقطة سوداء»؟

تساؤلات عديدة تطرح حول تأخر المشروع السكني المزمع إقامته فوق البقعة الأرضية التي كان يقام بها السوق الأسبوعي(أربعاء بنسليمان)، حيث ظلت هذه القطعة أرضا خلاء تبلغ مساحتها ما يزيد عن 8 هكتارات تقع وسط مجموعة من الاحياء، تتجمع فيها الأزبال والنفايات وكل أشكال القاذورات لمدة 20 سنة، اي بعد أن تم تنقيل السوق الأسبوعي إلى الجماعة المجاورة الزيايدة، سنة 2005؟
القطعة الأرضية تم تفويتها لمؤسسة عقارية لإقامة مشروع سكني فوقها، من خلال عقد تم التوقيع عليه من طرف كل من المجلس البلدي والشركة المعنية سنة 2006، لكن الأخيرة اكتفت بتعليق لافتات للتعريف بالمشروع والقيام ببعض التجهيزات، دون الشروع في الإنجاز، «وذلك بسبب المشاكل التي تعتريه، نتيجة عدم تنفيذ الالتزامات التي وعدت بها الشركة المحتلين الذين مازالوا يزاولون أنشطتهم بعين المكان، ومنهم مجموعة من الحرفيين الذين تربطهم عقود كراء بالبلدية، وكذا بائعي المتلاشيات، وتجار الخضر بالجملة، والذين مازالوا يحتلون أماكن استراتيجية من تلك البقعة الأرضية» وفق إفادة بعض المصادر المطلعة، مشيرة إلى «استغلال أصحاب العربات والكوتشيات للوضعية لإقامة اسطبلات قصديرية في جزء من البقعة الأرضية، لتربية المواشي والخيول والحمير… في منظر بيئي مقلق، ليتحول المكان إلى مطرح للنفايات تنبعث منه روائح كريهة، ألحقت أضرارا صحية وبيئية بساكنة الأحياء المجاورة (حي القدس توسيع، الحي الحسني، حي لالة مريم 2، زنقة بني مكسال…)، عانى السكان منها كثيرا خاصة في فصل الصيف، حيث انتشار الروائح الكريهة، وتكاثر الذباب والحشرات، وهجومها على المنازل والمحلات التجارية المجاورة».
إنها وضعية غير سليمة تتطلب من المسؤولين، التدخل لإنقاذ المدينة من العشوائية والفوضى، ومن مظاهر الترييف التي أصبحت تتفاقم يوما بعد يوم، وذلك من خلال التسريع بإنجاز السوق النموذجي لتنظيم الباعة الجائلين، ومحاربة احتلال الملك العام، وتنظيم مجال السير والجولان، وإعادة تأهيل بعض الأحياء والأزقة، وتقوية الانارة العمومية، وتجويد خدمات النظافة وصيانة المساحات الخضراء، وتوفير المرافق والخدمات العمومية بالتجزئات السكنية المحدثة.

 


الكاتب : بوشعيب الحرفوي

  

بتاريخ : 27/10/2021

أخبار مرتبطة

تم زوال يوم الجمعة 20 يونيو 2024، افتتاح أكبر منتزه مائي ترفيهي قرب قصبة أكادير أوفلا، يضم ألعابا ومزالق مائية

  تكشف أوضاع العديد من المناطق الجبلية والنائية التي تستمر في الظهور يوما عن يوم، والإشكالات المرتبطة بالتنمية في هذه

  بعد أقل من أسبوعين عن احتفال الأرض باليوم العالمي للبيئة، الذي يصادف 5 يونيو من كل سنة، أعلنت «مؤسسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *