المعارضة الاتحادية تحمل الحكومة مسؤولياتها الإدارية و السياسية والأخلاقية
فضيحة مدوية هزت الجامعة المغربية، بعدما كشفت تقارير وشهادات متطابقة عن وجود شبهات قوية في الاتجار وبيع شواهد جامعية بإحدى الجامعات العريقة بمدينة أكادير. هذه الفضيحة، التي بدأت كهمس داخلي، سرعان ما تحولت إلى صدى إعلامي عربي ودولي، واضعة صورة التعليم العالي المغربي على المحك، ودافعة الملف إلى أن يُناقش تحت قبة البرلمان، ويصل إلى أسماع رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
رغم أن القضية وصلت أخيرًا إلى القضاء، بعد تعثر وصولها إليه لسنوات، إلا أن أصواتاً سياسية وحقوقية عديدة اعتبرت ذلك غير كافٍ، مطالبة بتحمل الحكومة لمسؤولياتها الأخلاقية والإدارية والسياسية الكاملة. فهذه الأزمة لا تتعلق فقط بجنحة تزوير، بل تهدد بنية النظام الجامعي، وتضرب في عمق مبدأ تكافؤ الفرص، ومصداقية الشهادات الوطنية.
في هذا السياق، شددت النائبة البرلمانية حنان فطراس عن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، على أن التعليم العالي يعيش اختلالات بنيوية عميقة، ففضيحة الشهادات المزورة ليست سوى تجلٍّ خطير لمنظومة تعرف ترهلاً واضحاً، وتعيش انفصالاً عن المتطلبات الواقعية للمجتمع المغربي.
اتهمت فطراس الحكومة بتسليم قطاع حيوي كميدان التعليم العالي إلى شخصيات لا تملك التصور ولا المعرفة بتعقيدات المشهد التعليمي والبيداغوجي، متسائلة كيف يمكن لشخصيات قادمة من عالم المال والأعمال أن تفهم عمق الأزمة الجامعية، وهي أزمة ليست فقط في البنية أو المناهج، بل في القيم والحوكمة والعدالة.
وأشارت إلى أن الجامعة المغربية، التي من المفترض أن تكون قلعة للعلم والإبداع، باتت اليوم موضع ريبة، بسبب تراكم سياسات الارتجال والريع الأكاديمي. فضيحة الشهادات المزورة تهدد اليوم بنسف الثقة في كافة المؤسسات الجامعية، خصوصاً عندما يكون من استفاد من هذه الشهادات قد اعتلى مناصب حساسة في الدولة، مستفيداً من الامتيازات والوجاهة الاجتماعية دون وجه حق.
المقلق أكثر، وفق تعبير فطراس، هو احتمال أن يكون من يُفترض فيهم حماية القانون ومحاسبة المتورطين، ضمن من حصلوا على هذه الشهادات المشبوهة. وهو ما يهدد ليس فقط مصداقية النظام التعليمي، بل يقوّض مبدأ العدالة والمساواة أمام القانون.
المعارضة اعتبرت أن الأزمة الراهنة ليست فقط قانونية أو أخلاقية، بل سياسية بامتياز، لأن الحكومة مسؤولة عن الرقابة والتتبع، وكان من المفترض أن تضع منظومة صارمة للمصادقة والتحقق من الشهادات، وأن تعيد الاعتبار للبحث العلمي والنزاهة الأكاديمية، بدل ترك المجال مفتوحاً أمام مافيات الشهادات.
وفي غياب إصلاح حقيقي، ومع نهج سياسات عشوائية ومرتهنة أحيانًا لتوصيات مؤسسات مالية خارجية، يُخشى أن تستمر الجامعة المغربية في فقدان بريقها واعتبارها، لصالح مسارات تسليعية تجرد التعليم العالي من أدواره الوطنية.
إن القضية اليوم تتجاوز مجرد تزوير، بل تعكس أزمة قيم، ومسؤولية مفصلية تتحملها الحكومة، التي مطالبة ليس فقط بكشف الحقيقة ومعاقبة المتورطين، بل بإعادة بناء الثقة في الجامعة المغربية، وحماية الحق في تعليم عالٍ نزيه، يفرز الكفاءات لا المزورين.