صندوق النقد الدولي يحذر بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من مخاطر الدين والتمويل في ظل كوفيد -19

 

حذر صندوق النقد الدولي من مخاطر ارتفاع المديونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وقال إن بعض بلدان المنطقة ستكون بحاجة إلى استراتيجيات موثوقة ومعلنة بوضوح لإدارة أوضاع المالية العامة والدين على المدى المتوسط. واعتبر مسؤولو الصندوق أن هذه الاستراتيجيات تقتضي توخي الدقة في التنسيق بين السلطات التنظيمية للقطاعات النقدية والمالية العامة والمالية لصياغة رؤية مشتركة بشأن الطاقة الاستيعابية الكلية للأسواق المالية المحلية.
وكانت بلدان كثيرة ومن ضمنها المغرب تعاني بالفعل من الديون المرتفعة. ومع نهاية عام 2019، كانت نسب الدين الحكومي في نصف بلدان المنطقة قد بلغت أكثر من 70% من إجمالي الناتج المحلي، وبلغ إجمالي الاحتياجات التمويلية العامة في بلد من كل أربعة بلدان أكثر من 15% من إجمالي الناتج المحلي سنويا.
وفي المغرب مثلا ارتفع إجمالي الدين الخارجي العمومي خلال متم 2020 إلى أزيد من 42 مليار دولار أي 374 مليار درهم، ليرتفع بذلك منسوب الدين الخارجي للبلاد منذ بداية العام الماضي بحوالي 6.6 مليار دولار.
ويتوقع الصندوق ارتفاع إجمالي الاحتياجات التمويلية العامة ليصل إلى مجموع قدره 1044 مليار دولار في الفترة 2021-2022 مقارنة بمبلغ قدره 780 مليار دولار في 2018-2019. ويُتوقع أن تظل الاحتياجات التمويلية خلال الفترة من 2021-2022 أعلى من 15% من إجمالي الناتج المحلي، في المتوسط، في معظم الأسواق الصاعدة بالمنطقة، رغم ضآلة الاحتياجات من استهلاك الدين الخارجي (حوالي 4% من إجمالي الناتج المحلي).
ونظرا لضعف توقعات الاستفادة المكثفة من موارد الأسواق الدولية، فمن المرجح أن تتسارع وتيرة انكشاف البنوك للقطاع العام في السنوات القادمة. وقد يتسبب ذلك في مزاحمة الائتمان المقدم للقطاع الخاص في وقت تزداد فيه الحاجة الماسة لتمويل القطاع الخاص لتحفيز التعافي الاقتصادي. وبالإضافة إلى ذلك، تشير تقديرات تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي إلى احتمال زيادة تفاقم احتياجات الموازنة بنسبة قدرها 3% من إجمالي الناتج المحلي في ظل سيناريو الصدمة المحتمل الذي ينطوي على تسارع تشديد الأوضاع المالية العالمية واقترانه بتأخر تصحيح أوضاع المالية العامة بسبب طول أمد فترة التعافي. وإذا قامت البنوك المحلية بتمويل هذه الاحتياجات غير المتوقعة، إلى جانب التمويل المتوقع اللازم خلال الفترة 2021-2022، فسوف تستوعب كل من مصر وعمان وباكستان وتونس نسبة إضافية من أصول البنوك تتراوح بين 10% و23% في هيئة ديون حكومية مع نهاية عام 2022. ونتيجة لذلك، قد تصل بنوك مصر وباكستان إلى مستويات انكشاف للقطاع العام مماثلة للمستويات المشاهدة في الوقت الراهن في لبنان.
وأوضح تقرير الصندوق حول مستجدات آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى (MENAP)أن استجابات البلدان لجائحة كوفيد-19 جاءت على نطاق واسع وبدرجة عالية من الإلحاح غير مسبوقين. وبينما ساعدت هذه الاستجابة القوية في إنقاذ الأرواح والتخفيف من وطأة الصدمة الاقتصادية، فقد تسببت أيضا في تفاقم المخاطر القائمة المتعلقة بالديون وأدت إلى حدوث طفرة في الاحتياجات التمويلية.
وأفاد الصندوق أن انهيار النشاط الاقتصادي أدى إلى خسائر في إيرادات المالية العامة، في ظل زيادة البلدان نفقاتها الحكومية للتخفيف من آثار الجائحة. ونتيجة لذلك، تدهورت أرصدة المالية العامة في كل البلدان تقريبا. وبالمقارنة مع توقعات ما قبل الجائحة، ازدادت مستويات العجز الأولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان بمتوسط قدره 7,5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020. وقد أدت هذه العجوزات المرتفعة، واقترانها بتباطؤ النشاط الاقتصادي، إلى حدوث زيادة قدرها 7 نقاط مئوية في المتوسط في نسب الدين إلى إجمالي الناتج المحلي.
ورغم أن ثُلث بلدان المنطقة استعان بموارد الأسواق المالية الدولية — بنسبة تمثل 25,5% من إصدارات الأسواق الصاعدة من السندات في جميع أنحاء العالم — فقد كان للتمويل المحلي دور حيوي، لا سيما خلال المرحلة الأولى من الأزمة عندما أصيبت الأسواق الدولية بالاضطراب.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 11/06/2021