«صوت هند رجب» يظفر بالأسد الفضي في فينيسيا ويضع غزة في قلب العالم

 

انتزع فيلم «صوت هند رجب» للمخرجة التونسية كوثر بن هنية جائزة الأسد الفضي الكبرى للجنة التحكيم، ليضع مأساة غزة في صدارة النقاش السينمائي والإنساني العالمي.
الفيلم الذي يسرد القصة المروعة للطفلة الفلسطينية هند رجب، ذات الخمس سنوات، التي قضت برصاص الاحتلال الإسرائيلي مطلع عام 2024، تحول إلى شهادة فنية حية تكشف فظاعة الإبادة وتسائل صمت العالم.
منذ عرضه الأول، أثار العمل موجة غير مسبوقة من التأثر، حيث استقبل الجمهور الممثلين وطاقم الفيلم بتصفيق استمر 24 دقيقة، في أطول لحظة احتفاء سجلت في تاريخ المهرجان. المشهد كما نقلت ذلك وسائل الإعلام العربية والدولية، بدا وكأنه اعتراف جماعي بأن صوت الضحية الصغير اخترق جدار الصمت الدولي، ليعلن أن الفاجعة الفلسطينية هي جرح إنساني مفتوح.
كوثر بن هنية، التي تسلمت جائزتها وسط دموع الحاضرين ووقوفهم، أكدت في تصريح لها ،أن السينما لا تعيد هند إلى الحياة، لكنها تحفظ صوتها ليبقى صرخة ضد الإبادة، مشيرة إلى أن رواية الاحتلال التي تختزل الضحايا الفلسطينيين في أضرار جانبية هي تجريد كامل من الإنسانية، وأن الفن قادر على إعادة الوجه والاسم والكرامة لمن سقطوا في صمت.
الفيلم، الذي بني على تسجيلات حقيقية لنداءات الطفلة أثناء محاصرتها ثلاث ساعات داخل سيارة عائلتها المثقوبة بالرصاص، أبدع في تحويل الصوت إلى صورة، والوثيقة إلى دراما، من دون إفراط في الميلودراما أو السقوط في الدعاية.
النتيجة كانت عملا يتجاوز البكاء والشفقة ليصبح فعل مقاومة جمالية، يمنح الضحية موقع البطولة، ويفضح الجريمة في لحظة تتواطأ فيها السياسة على طمسها.
ردود الفعل الغربية، كما يروي بطل الفيلم الممثل الفلسطيني معتز ملحيس، تراوحت بين الصدمة والذهول، حيث عبر كثير من الحاضرين عن عدم قدرتهم على استيعاب أن ما شاهدوه لم يكن خيالا سينمائيا بل حقيقة موثقة جرت في غزة.
هذا الانفعال الجماعي أبرز كيف يمكن للسينما أن تعيد صياغة الوعي العام، وتخترق جدار الرواية الرسمية التي طالما غيبت مأساة الفلسطينيين عن الرأي العام الدولي.
وعلى الرغم من أن الأسد الذهبي ذهب إلى فيلم «أب أم أخت أخ» للكبير الأميركي جيم جارموش، فإن «صوت هند رجب» بدا كالفائز المعنوي الحقيقي، بعدما حمل القضية الفلسطينية إلى قلب أوروبا عبر شاشة الفن السابع.
ومع اختياره ليكون الترشيح الرسمي لتونس في سباق الأوسكار، فتح الفيلم بابا جديدا أمام حضور السينما العربية والفلسطينية في الساحة العالمية، كصوت بديل يفضح خذلان العالم ويصرخ: «كفى».
هكذا، كان الفوز لحظة وعي جماعية أكدت أن قصة طفلة صغيرة من غزة قادرة على هز مهرجان عالمي وإعادة تعريف دور السينما كأداة للمساءلة والذاكرة والمقاومة.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 08/09/2025