صورة المرأة في المجموعة القصصية «يبكي لغروبها الصباح»

 

تعد القصة والرواية أقدر الاجناس الأدبية على تصوير الواقع الحي للمجتمع، ولعل القارئ لهذه المجموعة القصصية أول ما يلاحظه وجود المرأة وتصويرها بشكل كبير ، بالاضافة إلى حضور البعد الفلسفي والتصوفي متشافعا مع حضور المرأة، بدءا من العنوان الرئيس وصولا إلى مشارف نهايتها.
يحيل العنوان «يبكي لغروبها الصباح» لزهير سليماني بصورة ظاهرة للمرأة، كما يحيل إلى الزمان الذي يعادل بدوره المرأة تقول المجموعة: «يمكنها أن تجعلك في حضور دائم.. أينما أنت في المكان والزمان والفضاء.. تكونين بداخلي».
حظيت المرأة في الرواية والقصة بحضور قوي اختلفت مستوياته، وتبارى الأدباء في رسم صورتها وأصبحت المرأة محورا مهما وركيزة أساسية استخدموها للتعبير عن مختلف تصوراتهم وأفكارهم؛ وهنا أصبحت المرأة رمزا فنيا زاخرا بالعديد من الدلالات وتنوعت صورتها في المجموعة القصصية.
شغلت موضوعة المرأة حيزا كبيرا في المجموعة لأنها استحوذت على قلب وعقل البطل، حيث جسدها السليماني عالما مليئا بالانوثة والحب»أنت البحر كلما غرقت في أسره أشعر بالتحرر، فاسِرِيني لأن الأسر في عمقك مهما ضاق هو حرية، ولأن الموت في دواخلك هو الحياة» .

المرأة الحبيبة في «يبكي لغروبها الصباح»:
يعيش بطل المجموعة تجربة حب، من خلال رسم صورة المرأة الحسناء الجميلة تقول المجموعة: «إنه حبك العاتي سيدتي.. من يجعلك حاضرة في كل الأشياء، إنه حبك الذي يضرب على حواسي طوقا جميلا من الحصار… وكأن كل الأشياء الجميلة وجدت من أجلك وحدك..» وفي موضع آخر نجد «إنك امرأة تثير بداخلي الفوضى»
المرأة العالمة والمثقفة في المجموعة:
وظف زهير اسليماني المرأة في مجموعته على قدر عال من التعليم والثقافة، وبهذا فقد تجاوز توظيف المرأة التقليدية الأمية أو ذات المستوى التعليمي الضعيف متجاهلا العادات والتقاليد التي تعتبر مكان المرأة هو البيت «. تقول القصة «لقد هاتفتك لأطلب منك لقاء ضروريا غدا برحاب الكلية» وفي موضع آخر تقول المجموعة: أنا أعرف ما علي فعله يا أستاذة»
نجد من جهة آخرى أن زهير اسليماني صور لنا مكانة المرأة وسما بها درجة الألوهة نجد في القصة» إنك الأنت وإلهي»
وبهذا جعل المرأة في «يبكي لغروبها الصباح» امرأة ذكية فطنة قوية الارادة متحملة للمسؤولية، ولم يجعلها امرأة مهمشة أو منكسرة أو خاضعة لسلطة الرجل، بل على العكس من ذلك: «انك امرأة تتشكل من حدود حادة ومن أنصاف دوائر، تضع كل شيء في مجال ضيق لتحكم السيطرة.. وتضع كل شيء بين قوسين للتعبير عن الحرية وقوة الارادة».
بينت المجموعة القصصية أن المرأة رمز الطهارة والنقاء والصفاء والعفة «امرأة لا تساوي ذاتها، بل العالم بأسره هو امتداد لها، السماء تحيل على قداستك، والماء يحيل على طهارتك، والفَرَاش يحيل نعومتك» ويضيف في موقع آخر :»لكن من يليق بك يا امرأة في كامل العفة والطهارة والبهاء» .

المرأة الوطن:
ربط الكاتب في مجموعته بين المرأة والوطن، فقد شبهها بالمدينة إذ يقول «أيتها المرأة بحجم المدينة»والعالم وبالوطن « وكأنك امرأة لا تساوي ذاتها، بل العالم بأسره هو امتداد لها» ويضيف «صباح الفل والوطن… وكل ما هو جميل في هذا الكون.. الذي أنت مركزه» فالمرأة لم تكن مدينة فقط بل كانت وطنا بأكمله يعيش فيه بطل المجموعة.

خلاصات:
نجح زهير اسليماني في إقحام المرأة داخل مجموعته وكانت لها حصة الأسد، فالمرأة في «يبكي لغروبها الصباح» هي الحبيبة هي الوطن هي الحياة والحرية، المرأة الطموحة المتحررة والخارجة عن المألوف.
لم يوظف المرأة المقهورة المذلولة ولكن وظف المرأة القوية التي تتحكم في زمام الامور.
وصف المرأة بأنها مشاركة للرجل في تحمل المسؤولية وواعية بها ومناضلة من أجل الحرية.
لم يطلق زهير اسليماني اسم البطلة، لانه يخاطب جميع النساء بدون استثناء.

باحثة بسلك الدكتوراه
جامعة محمد الخامس كلية الاداب و العلوم الانسانية الرباط

 

هوامش :

 

يبكي لغروبها الصباح»، زهير السليماني، الراصد الوطني للنشر والقراءة، سليكي اخوين، طنجة، ط1، اكتوبر، ص11.
نفسه، ص: 22.
نفسه: ص: 66
نفسه، ص10
نفسه63
نفسه، ص: 68
نفسه، ص: 11
نفسه، ص: 15.
نفسه، ص: 9
نفسه: 77.
نفسه، ص: 21
نفسه ص: |9
نفسه، ص: 67


الكاتب : خولة الزلزولي

  

بتاريخ : 08/02/2020