صور الموت في قصائد «الموت كما لو كان خردة» للسورية وداد نبي

تعد موضوعة الموت لصيقة بالشعر، بحيث تعددت أشكالها وتصوراتها من زمن إلى زمن، ومن شاعرة إلى شاعر، إلا أن تجربة الموت في الحرب تنطوي على قدر كبير من الرعب والشراسة والهمجية، وفائض قيمة الأسى والوجع .
في هذا السياق، يمكن القول إن المدونة الشعرية العربية حفلت بالموت وتجلياته ومعانيه وفضاءاته، بسبب ماكابده الشاعر مع الموت بكل أشكاله، ولعل التجربة الشعرية الفلسطينية نموذج ساطع لهذا الحضور الكثيف لتيمة الموت إلى درجة التوحد معه.
والمقبل على الشعرية السورية لا يكاد يجد ديوانا شعريا يخلو من موضوعة الموت بفواجعه وروائحه ويكاد صوته يتعالى في أغلبية قصائده، لوعي الشعراء بصورة هذا الموت وصيغه وألوانه بسبب معايشتهم لتفاصيله المخيفة، وبسبب حساسيتهم العميقة .
ولا شك في أن ديوان «الموت كما لو كان خردة» للشاعرة الكردية السورية وداد نبي، الصادر أخيرا عن دار بيت المواطن في 114صفحة من القطع المتوسط، ضمن سلسلة – شهادات سورية – التي تصدرها الدار، وهي المجموعة الثانية للشاعرة بعد مجموعتها «ظهيرة حب، ظهيرة حرب» 2013، نموذج لهذا الموت .
يتكون ديوان « الموت كما لو كان خردة « قصيدة مختلفة الطول والبناء، وتحمل كل قصيدة عنوانا يغري بالقراءة من قبيل:»المجزرة تبتسم، حين نرجم قلوبنا بحجارة «كوباني «،خمس قصائد لحزن قديم، المكان مضاء بالذكرى… وغيرها من أسماء القصائد ، كما تلجأ إلى تقنية المقاطع المرقمة أو النص ذو المقاطع المفصولة ببياض.
ويمكن القول عموما إن تجربة وداد نبي تجربة شعرية أخرى، لفرط حضور الموت والحرب حتى في قصائد الحب والذي ظل مرافقا لقصائدها بسبب حساسية الموت السوري، بوصفها شاعرة سورية كردية من جهة، ثم تجربتها الهتشكوكية والمرعبة مع الموت .
ديوان «الموت كما لو كان خرابا»، يقترح على القارئ منذ عتبته الجوهرية الموت علامة أولى، لكنه موت استثنائي ومستفز ، ذلك أن المسند – الخراب لا يلائم المسند إليه – الموت، مادامت الموت غير قابل للتشيؤ كأن تتحول إلى أشياء قديمة فقدت صلاحيَتها ويمكن استعمالها من جديد .
وعليه، فالعنوان بهذه الصيغة يربك القارئ، ويواجهه مع أشراك جمالية، بقصد إزعاجه وإمتاعه، قلقه وفتح شهية فضوله، بحيث يضع ذهنه مباشرة أمام موت مفارق وليس كالموت، وكذلك العنوان من طبيعته التشويش على القارئ كما يراه امبرتو ايكو، كما تسند هذا العنوان كلمة ظهر الغلاف باستعادتها للموت ويومياته وأمكنته، نقرأ منها :»يصبح الموت خردةً، عندما تتحوّل صور الحياة من حولنا فتنمو أزهار الصبار في أحواض المدن المهجورة، وتسقط «طرود البؤس على رأس هذا العالم، وينمو العشب في قفل الباب».
كذلك عتبة الإهداء باعتبارها ممارسة اجتماعية وعلامة دالة، ساهمت بدورها في إفشاء بسر النص الذي سيسكن الموت القصائد وتسكنه. فالشاعرة تهدي ديوانها إلى «مالفا» وبهذه الصيغة : «إلى جيفارا مالفا نبي في خرابها الأخير» ، وجملة « خرابها الأخير «، تعمق من حضور الخراب الذي تتسبب فيه الحرب. ولعل من شأن هذا الحضور السلطوي للموت في عتبات الديوان، إغراء القارئ وإثارة فضوله ومن ثمة تحمسه والإيقاع به للدخول إلى عالم الديوان الذي يبدو من عتباته عالما ملبدا بالسحب السوداء. إنه موت بطراز آخر وبصور أخرى، وملتقى عميق للشاعرة بالموت كحالة شعرية كبرى.
إجمالا، للشاعرة وداد نبي في هذه العتبات، عدة مقاصد ، منها أنها وضعت على طاولة مداخل الديوان فضولا جماليا، وقلقا في ذهن القارئ من شأنه إثارة تساؤلات عدة حول هذا الموت التي تستقبله في العنوان والإهداء وطهر الغلاف، والتي لا يستطيع الإجابة عنها ما لم يقتحم أغوار الديوان.
بهذا المعنى ، ينتشر الموت في قصائد الديوان حتى تلك التي تتناول اللحظات السعيدة ، فهو محتشد ومكتظ بالتفاصيل، بل وتحفل برائحته وشكله ولونه كل القصائد، ولا نستغرب أن يحتل مثل هذه المكانة لأن الشاعرة وكما لمحنا إلى ذلك سلفا، من الشعراء الذين عاشوا مخاوف الحرب وجرحه العميق ، كما شكل لديها الموت محورا رئيسيا بدءا من ديوانها الأول «»ظهيرة حب .. ظهيرة حرب». الذي صدر تحت القصف و»الألم على المدن التي كانت تدمر أمامها، البراميل التي سرقت حياة السوريين « تقول الشاعرة في أحد حواراتها، وبذلك يغدو الموت قضية كبرى لا يمكن القفز عليها لأن الشاعرة عايشت أشواكها وتفاصيلها المفجعة على نحو لا يحتمل الشك .
تقترح الشاعرة منذ قصيدتها الأولى صورة الحزن، وهي تشتغل على تأسيس صورة إنسانية له:
« لم يكن للحزن بيت
فاستقبلناه بحفاوة في بيوتنا
كفرد من العائلة « ص 7
إن معنى الحزن هنا وبهذه الأنسنة، هو في الحقيقة تجسيد للموت الذي أصبح مألوفا وغدا شبيها بأي شخص ما، يتقمص دور واحد من العائلة، وبذلك تزاوج الشاعرة بين الحزن وبين الموت، في سعي حثيث للكشف عن دائرته وعلاقاته اليومية بالإنسان والمكان، وتتعزز هذه الصورة التي تعكس شكل هذا الذي أمسى مألوفا ومتداولا:
” أتصدق الحياة
أن الموت سهل هكذا
كتكرار لا حقة “je t aime»
في أغنية فرنسية « ص 32
أما في قصيدة “الأرقام كما لو كانت ثمانين عاما من الحب” فتسعى الذات الشاعرة إلى تصوير كثافة هذا الموت والمندلع بشراهة وبلا حدود:
” أيتها الرياضيات البليدة
كيف سأحب رقما
وكل رقم يضيف روحا قتيلة في بلادي”ص 58
في هذا المقطع تتجلى غزارة الموت وكثافته، وقد ملأت رائحته فضاء هذا المقطع وبلا حدود، وتعاضدت مع شبكة من الدوال العاملة على مضاعفة معنى الموت وشبحه :» الرياضيات، رقم، روح، قتيلة « كأنما زمن أسطوري يتأسس على أرقام فوق قياسية في عدد الموتى، هذه الكثافة تقود بالنتيجة إلى إحساس جارح ويومي بتراكم القتلى جراء فداحة الموت، بل جراء فداحة الحرب، حتى أنه لم يعد هناك أيا كان يهتم بشكل وصيغة موته وميتات الآخرين :
«فمن يعبأ لإكسسوارات الموت
مادام سيموت الحب
في قلبي ككلب عجوز ؟» ص 35
وتذهب في قصيدة « المجزرة تبتسم» إلى مقاربة فكرة اشتهاء الموت، حتى أقصى حدود الألم حيث كل شيء يوحي بفاجعة النهايات :
« كل قتيل له اسم يدون على شاهد قبره
بيروين ..محمد..هوشنك
كلستان ..عمر ..أفين ..نارين
مصطفى ..ريبر ..خليل ..أزدشير ..وإسماعيل
وقائمة الأسماء تطول وتطول» ص96
ولو شئنا حشد أسماء الأعلام الضاغطة على هذا المقطع الشعري، لتحصلنا على أسماء من جنسيات وثقافات مختلفة، أنتجت وحدة وتعاضدا في أحضان الموت، وكما لو أن الشاعرة تغمز «ماذا لو كانت المقبرة بهذا الالتحام وبهذا المشهد الجمعي، وبهكذا شواهد متراصة، ولا حدود لها.
ثمة مكونات تجتمع عندما يتعلق الأمر بموضوعة الموت، وهي : الأزهار،الماء، شجرة الزان، عشب نيسان ، كناري ..» ، عناصر تؤثث ما يشبه مقبرة تشكيلية، اجتهدت الشاعرة في جعلها صورا تعكس شبح الموت :
«أزهار الصبار
تنمو في أحواض المدن
التي هجرناها « ص 9
في خضم هذه الحرب العاهرة التي تنتج ألوانا وصيغا من الموت للإنسان والمكان، لا تملك الشاعرة سوى أن تسخر وبلون أسود من الجنود باعتبارهم أدوات آدمية ومسخرة لإنتاج الموت ليس إلا :
“الجنود
الذين يقصفون ليل نهار رافعين شارة
النصر
بعد كل مجزرة
هل شاهدوا يوما
الغروب القرمزي لتلك القرى ؟” ص 23
وفي محاولة لتذكير هؤلاء الجنود المسخرين بضمائرهم الميتة، لا تلبث الشاعرة أن تستبق الزمن وتبرع في وصف ندمهم عن كل مجازر الموت التي ساهموا فيها :
«الجنود
الذين يخوضون الحروب
بلا ذاكرة
هل سكبرون يوما
يصبحون عجائز وحيدين
تسقط منهم دمعة كبيرة
تدعى الندم» ص 24
أمام هذه الأشكال من الموت المادي الذي يستهدف محو الإنسان أو اقتلاعه من جذوره، لا تملك الشاعرة سوى النزوح واللجوء :
“تركت أرضي وبيتي
وحمولة القلب الثقيلة
في مكان بعيد تتقاذفه الحروب
وأمراء السلاح
والحاكمون بأمر الرب ” ص48
لكنه نزوح جارح وجريح :
هربت بقلب جريح ومهجور
من كل ماأحببته هناك « ص 65

وبالرغم من هاجس الموت المادي الذي يتراءى من خلال الدوال والإشارات المحتشدة في قصائد الديوان « المجزرة، شاهدة قبر، قتيل، الضحايا، الغياب،الحرب ، القصف»، فالشاعرة تتشبث بالحياة كأن تحصي النرجس البري النابت في أحضان الموت:
«خمسون زهرة نرجس برية
مررت بها لأحصيها
برقة الغبار المتناثر في الهواء» 50
وكأن تتشبث بذاكرة الأمكنة التي غادرتها باستعادة صور مفجعة مما يعمق الأسى:
« وراء النافذة القديمة
صورتك تراقب تساقط المطر
شجرة الزان المبللة تبكي
ولا أحد»
وقد تتشبث بماء بالشعر ملاذا وخلاصا من خرائب الموت:
« ربما يكون الشعر
تعويضا عادلا عن الخراب
الذي سيحل بالأرض
حين يموت الشعراء جميعا « ص73
وقد تجد الشاعرة نفسها في مأزق يتطلب تدخلا عاجلا لإنقاذ ما يمكنه إنقاذه، وينجح الحب ودعوة الحبيب في تبديد هذا التسلط للموت الذي تنتجه الحرب، إذ ” لا أحد ينجو من قذارة الحرب إلا بالحب.» تقول الشاعرة في أحد حواراتها .
« هيا تعال
المزيد من القبلات في انتظارك
قبل أن تذوي الحديقة « ص43
هذا المقطع كما هو واضح يشير الى الحاجة إلى الحب، إذ يتكفل الدالان “تعال، المزيد، القبلات ” بتشكيل حالة غرامية مجنونة وبكل ما هو متاح وممكن، قبل أن يقطع الموت هذا الاندغام، والذي تشير إليه السطر الأخير “قبل أن تذوي الحديقة ” .
هكذا تجد الشاعرة في الحب ما يعينها، ويبث في قصائدها روح الأمل، رغم أنف الألم والخوف والحرب والموت، وتتكرر الرغبة في تبديد الحرب المتسلطة، وما تخلفه من رعب :
” ابكي في الليل
واستيقظ بابتسامة حارة كشمس إفريقيا
غير مكترثة بالأشياء الرهيبة التي حدثت معي
فقط لأنك معي أيها الحب “ص28
وعلى الرغم من هذه اللحظات السعيدة التي تخلقها الشاعرة ضدا على تراجيديا الحرب والموت، فريثما تنسل وتحضر تراجيديا، لتحول هذه الطقوس السعيدة إلى حياة ناصعة بهاجس الموت وشبحه:

” في غرفتنا الداخلية الصغيرة،
تطعمها جلودنا، قهرنا، ندوبنا
كي لا تؤذينا أكثر
ورغم ذلك نستيقظ كل مرة
وقد نقص من قلوبنا ” قطعة” ص 68

هذا الموت القذر اجترح له أمكنة شعرية في أراضي الديوان، تتراوح بين أمكنة خبرت فيها الشاعرة تفاصيل الموت وأشجانه، وأعادت إخراجها في ورشة مخيلتها الخلاقة :” الرقة، كوباني، البلاد، مدن الحر، الغوطة الشرقية..”وأمكنة قصية يجبر على العيش فيها بعد الحرمان من العيش في المكان الأول “برلين”. ثم أمكنة مفتوحة ومغلقة “الطريق، المدارس، الأحياء السكنية، المشافي، البيت، المقبرة الجماعية ..”، وأخرى متحركة ” السيارة و”الطائرة “:
“الجنود الذين يضغطون
على أزرار الطائرة
لترمي البراميل على الأحياء السكنية
والحدائق والمشافي ؟” ص 23
وعموما يمكن القول إن كل هذه الأمكنة تشترك في فواجعها ومواجعها، وتخلع على جسدها تراجيديا النهايات، كما تنتج نوعا من الصور التي تتطابق وهذه التراجيديا.
كذا هو الموت الذي تصفه وداد نبي في “الموت كما لو كان خردة ” عالم مشوش حارق ومحروق، توفقت في صياغته جماليا بالانفتاح على مجموعة من التقنيات ، بهذا نجد قصائد الديوان حافلة بالانزياح الذي جاء في قواميس اللغة ومناجدها: نزح الشيء، ينزح نزوحا :أي بُعد الشيء عن موقعه، ونزحنا عن الدار بعدنا عنها، ونزحنا عن هذا الحي أي بعدنا عنه وتخلينا عنه.أما اصطلاحا فيعني الانتهاك المعقلن والممنهج لقواعد الاستعمال اللغوي المتواضع عليه داخل عشيرة لغوية ما .
ومن مظاهر هذا الانزياح انتهاك الشاعرة لقدسية اللغة، وانسجامها باعتماد دائرة التدمير واللعب في ممارستها النصية، عبر تكسير التركيب اللغوي بمعطيات لسانية أجنبية، بطريقة تندغم فيها دلالة اللسانين في النص الشعري الواحد، وهذا من شأنه الإجهاز على صفاء اللغة الرسمية التي تعلي من نقاء اللغة وطهارتها، ومن نماذج هذا اللون اللساني الذي ينتهك منطق الصفاء ـ نقرأ :
” يتبول كسكير على جراحنا القديمة
فلا نعود قادرين على الإصغاء لصوت ” لويس ارمسترونغ
وهو يغني
What a woderful worl
ومن قصاصة الورقة التي كتب عليها مرة:
ورميتها في فوهة المدفأة“Ez u tu”
همهماتك الغير المسموعة
كلها تعوي الآن “52
يتمثل هذا الانزياح اللساني في دس الشاعرة لمتتاليات أجنبية ” انجليزية ، تركية ” بالمحافظة على طبيعتها اللغوية ، من شأنه المساهمة في انفتاح قصائد وداد نبي، وتفاعلها لسانيا بغاية نكهة النص وشعرنته ، منتجة بذلك تعددا لسانيا وسننا جديدة للتلقي، عبر المنافرة لغوية، وفارضة شذوذا على المتلقي، لكنها تهيئ لولادة جمالية شعرية بتوريط القارئ ومساهمته في انتاج معنى للنص، الذي لا يعني سوى اجتثاث الإنسان من جذور أرضه، ثن تهجيره وتشتيته وتمزيق كيانه .
ووعيا من الشاعرة بممارستها الشعرية المختلفة عن ديوانها الأول، دفعتها إلى أنتاج نص مغاير أصبح عبارة عن مقاطع، حيث عمدت في مجموعة من قصائدها إلى تركيب قصائدها من مقاطع متنوعة، كالقصائد ذات المقاطع المرقمة كما في قصيدة “رسائل اثنا عشرة غزالا قنصهم الحزن ” ثم القصائد المفصولة ببياض كما هو الحال في قصيدة ” الجنود طرائد لا تنام”، ولعل هذا الخرق ليس جديدا في الشعرية العربية الحديثة ، وهذا لا يعني خلو قصائد “الموت كما لو أنه خردة” من أي ربط يصل بين مقاطعه، بل إن الشاعرة قد رامت انتهاك رتابة التجانس الذي يراعي قواعد الربط بين المقاطع والوحدات، واستبدالها بتواصل من طبيعة نفسية .
وعلى سبيل الختم، إن قصائد ديوان “الموت كما لو كان خردة “، إنجاز إبداعي متميز، وجزء من الإنجاز الشعري للشاعرة السورية الكردية المقيمة في ألمانيا وداد نبي ، يستحق القراءة والاهتمام النقدي لما فيه من تجديد وابتكار وكفاءة .
قصائد تشبه كونا شعريا حافلا بالشهادة والاستشهاد، حيث الكتابة مأتم جنائزي للعين والأذن والذاكرة والباطن، لأن الشاعرة عاشت الحرب واحتكت بالموت، وبذلك انضمت إلى نظيراتها من القصائد التي اتخذت منحى تراجيديا الموت، وهو منحى مستمد هذه الحرب التي أصبحت من فرط تداولها، واستعمالها وقدامتها كما لو أنها خردة من كثرة استعمالها المفرط .
وقد حرصت الشاعرة على إعطاء قصائدها أبعادا فنية ولغوية ومضمونية مبتكرة، فضلا عن كثافة هذه القصائد التي منحت شعر وداد روحا محلية ومنفتحة على آفاق إنسانية شاسعة، علها تدرك قذارة الحرب .


الكاتب : عبدا لله المتقي

  

بتاريخ : 20/09/2025