رغم مرور ما يقارب عامين على الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة الحوز والأطلس الكبير، ما تزال آلاف الأسر الجبلية المنكوبة تعاني في صمت، وسط خيام مهترئة وظروف غير إنسانية، في ظل غياب حلول ناجعة ومستعجلة.
هذا ما جاء في بلاغ مشترك صادر عن كل من «الائتلاف المدني من أجل الجبل» و»التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز»، عبرا فيه عن قلقهما العميق إزاء ما وصفاه باستمرار التهميش والتعتيم وغياب العدالة في تدبير هذا الملف الإنساني الوطني.
الموقعون على البلاغ كشفوا، استنادا إلى معطيات ميدانية دقيقة، أن الواقع على الأرض يناقض بشكل صارخ ما تروج له التصريحات الحكومية الرسمية من «انفراج» و»أوراش كبرى» و»تحقيق نسب تقدم مشجعة»، إذ لا تزال مئات الأسر تعيش في خيام تفتقر لأبسط شروط الكرامة، محرومة من الماء والكهرباء والتطبيب والتعليم، في حين تتعثر مشاريع إعادة الإعمار أو تغيب كليا في مناطق كثيرة.
وسجل البلاغ تضاربا مقلقا في المعطيات الرسمية المتعلقة بأعداد المستفيدين من الدعم، وعدد المنازل التي تمت إعادة بنائها، وهو ما يطرح، بحسب البلاغ، أسئلة جدية حول صدقية الأرقام التي تصدرها الوكالات والمؤسسات من داخل المكاتب، دون مواكبة دقيقة للواقع الحقيقي على الأرض.
ومن بين التجاوزات التي ندد بها الائتلاف والتنسيقية، وجود إقصاء غير مبرر لآلاف الأسر المتضررة، رغم فقدانها الكلي لمساكنها، واستفادة البعض من دعم مالي جزئي فقط (80.000 درهم)، لا يغطي سوى جزء يسير من الخسائر.
وكشف البلاغ عن وجود خروقات موثقة في عمليات الإحصاء وتوزيع المساعدات، ووجه أصابع الاتهام إلى بعض أعوان السلطة المحلية الذين يشتبه في تورطهم في التلاعب باللوائح، ما تسبب في حرمان مستحقين، ومنح الدعم لأشخاص غير مؤهلين.
وإزاء هذا الوضع، دعا البلاغ إلى فتح تحقيق رسمي ومستقل في هذه الخروقات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، معتبرا أن غياب العدالة في التعاطي مع هذا الملف يزيد من تفاقم الإحساس بالحيف والغبن داخل هذه المناطق الهشة، التي لم تتعاف بعد من آثار الكارثة.
وطالب الائتلاف والتنسيقية بالكشف الفوري عن قاعدة بيانات مفصلة وشفافة، تمكن من تتبع مآل الدعم العمومي، والوقوف على حقيقة ما أُنجز وما لم ينجز، ومن هم المستفيدون الحقيقيون من التعويضات.
وشدد ذات البلاغ على ضرورة تعميم الدعم ليشمل كافة الأسر المتضررة، دون انتقاء أو إقصاء، والحرص على احترام التعليمات الملكية في ما يخص الإنصاف، والوفاء بوعود الدولة في إعادة الإعمار بما يراعي الخصوصيات الاجتماعية والمعمارية للمجالات الجبلية.
ووجه البلاغ نداء صريحا إلى وسائل الإعلام الوطنية والدولية، لحثها على كسر جدار الصمت المضروب حول هذا الملف، ومواكبة معاناة الضحايا الذين سئموا الوعود الفضفاضة، وينتظرون فعلا سياسيا وإنسانيا يعيد لهم حقهم وكرامتهم. ورأى البلاغ أن الكارثة الطبيعية، رغم قساوتها، لا تبرر استمرار المعاناة، بل إن ما وصفه بـ»التدبير المرتبك وغير العادل» هو الذي عمق الجرح، وترك آلاف الأسر وحيدة في مواجهة البرد والفقر والنسيان فإذا كان الزلزال قدرا طبيعيا، يقول البلاغ، فإن الألم المستمر هو فاجعة من صنع البشر، سببها غياب الجدية والإنصاف، وتغليب منطق التعتيم والنفخ في الأرقام على منطق الشفافية والعدالة.
وأكد الائتلاف والتنسيقية التزامهما بمواصلة النضال من أجل إنصاف الضحايا، من خلال تكثيف التحركات واللقاءات مع الفرق البرلمانية والمؤسسات الوطنية، ومواصلة الترافع حتى يتم الاعتراف بالحق، ورد الاعتبار للساكنة الجبلية التي ما زالت تنتظر الإنصاف.
ضحايا زلزال الحوز يطالبون بإنصاف شامل وينددون بإقصاء المتضررين وبالاختلالات التي طالت الدعم

الكاتب : جلال كندالي
بتاريخ : 26/07/2025