اعلن الرئيس البرازيلي الاسبق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا السبت انه واثق بفوزه بالانتخابات الرئاسية المقررة في اكتوبر المقبل من الدورة الاولى، معتبرا ان ما يتعرض له من اضطهاد من السلطات يزيد من شعبيته في استطلاعات الرأي.
وجاء كلام لولا عبر نظام فيديو مغلق اتاح له المشاركة من بلاده في نقاش حول الجوع في افريقيا، بينما كان يفترض ان يشارك فيه شخصيا في مقر الاتحاد الافريقي في اديس ابابا.
وينعقد هذا المؤتمر في العاصمة الاثيوبية بالتعاون بين الاتحاد الافريقي ومنظمة الاغذية والزراعة (فاو). ويجري على هامش اعمال قمة للاتحاد الافريقي تعقد الاحد والاثنين.وتابع لولا في حديثه “لا يريدونني ان اكون مرشحا، وبقدر ما يوجهون لي الاتهامات ويضطهدوني، تزداد شعبيتي في استطلاعات الراي”.
وتابع موجها كلامه الى المشاركين في هذا المؤتمر وبينهم الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش “يعرفون تماما انني في حال ترشحت فان فرص نجاحي في الدورة الاولى مؤكدة تماما”.
وكان القضاء البرازيلي قد وجه ضربة جديدة قاسية الى الرئيس الاسبق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، بمنعه من مغادرة البرازيل، قبل ساعات من سفره الى افريقيا، بعد تأكيد حكم بالسجن المشدد بحقه في الاستئناف.
وكان لولا، الأوفر حظا في الانتخابات الرئاسية المقبلة في البرازيل، يعتزم التوجه الى اديس ابابا للمشاركة في مؤتمر لمنظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (فاو)، لكن قاضيا فدراليا أمر بمنع الرئيس الاسبق من مغادرة الأراضي البرازيلية، على ما أعلنت وزارة العدل مساء الخميس.
وقالت الوزارة “نحن ن طب ق الامر القضائي بسحب جواز سفر الرئيس الاسبق”، لويس ايناسيو لولا دا سيلفا. واضافت “اننا على اتصال مع محاميه لهذا الغرض.
يأتي هذا التدبير غداة نكسة خطيرة واجهها لولا خلال محاكمة حملت البرازيل على حبس انفاسها لكنها قسمتها ايضا.
وسلم أحد محامي لولا مقر الشرطة الاتحادية في ساو باولو (جنوب شرق) الجمعة جواز سفر الرئيس الأسبق، كما لاحظ مراسل وكالة فرانس برس.
وقال المحامي كريستيانو زانين مارتينز لمجموعة من الصحافيين لدى خروجه من مقر الشرطة “لقد امتثلنا لقرار برازيليا الذي كان في رأينا غير مبرر، لأنه يقيد حق الرئيس الأسبق بالذهاب والإياب”.
وأكدت محكمة استئناف في بورتو اليغري (جنوب) الاربعاء ادانة لولا بالفساد السلبي وتبييض الاموال، لموافقته على الحصول على مبنى من ثلاثة طوابق قريب من البحر، من شركة مقاولات.
وزادت ايضا عقوبته بالسجن الى 12 عاما تاركة إياه مع ذلك طليقا في انتظار اعتراض محاميه.
وبذلك، تأثرت كثيرا حظوظ ترشح لولا دا سيلفا الى الانتخابات الرئاسية في اكتوبر.
واذا كان لولا لم يرد علنا مساء الخميس على هذه الضربة الجديدة القاسية، فقد سارع محاموه الى الاعلان عن “استيائهم”، واحتجوا على أهلية القاضي الاتحادي بمنعه من مغادرة البلاد.
وقالوا في بيان ان محكمة استئناف بورتو أليغري “أبلغت بالرحلة ولم تفرض اي قيود”.
واضاف محامو لولا ان تسليم جواز سفر الرئيس الأسبق “لا ينبغي أن يؤثر ذلك على التدابير التي من شأنها تصحيح القيود غير المبررة على حقه في الذهاب والعودة”.
وكان لولا، كما ذكر فريقه، سيعود الأحد الى البرازيل بعد رحلة سريعة.
وقال أحد محاميه، كريستيانو زانين مارتينس، لوكالة فرانس برس “ليس ثمة مانع قانوني يحول دون قيام الرئيس الأسبق برحلة الى الخارج. يحق للولا ان يذهب ويعود”.
لكن ثلاثة محامين قدموا طلب سحب جواز سفره، بصفة شخصية، متذرعين بالمخاوف من ان يطلب رمز اليسار البرازيلي اللجوء السياسي في الخارج.
وكان مقرر ان يشارك لولا في اديس ابابا في مؤتمر حول القضاء على الجوع، والسياسات العامة في قارة افريقيا التي غالبا ما زارها خلال ولايتيه (2003-2010)، على هامش القمة الثلاثين للاتحاد الافريقي.
وأكدت حضوره منظمة الاغذية والزراعة (الفاو) التي يرأسها البرازيلي خوسيه غرازيانو دا سيلفا، الوزير الاسبق في عهد لولا.
وقال لولا الخميس في ساو باولو “انها ليست رحلة سهلة، انها 14 ساعة ذهاب و14 ساعة عودة و14 ساعة هناك”، وكان يتحدث بمناسبة الاعلان عن “ترشيحه المسبق” الى الانتخابات الرئاسية، على رأس حزب العمال الذي يرأسه، والذي أيد ترشيحه على رغم ادانته في الاستئناف.
ويعتبر لولا الاوفر حظا في استطلاعات الرأي لانتخابات اكتوبر اذ أعلن ثلث البرازيليين انهم مستعدون للتصويت لرئيسهم السابق الذي ينادي ببراءته ويقول انه ضحية “حلف شيطاني” ينوي منعه من الحكم لولاية ثالثة.
لكن لولا يواجه تهديد ست دعاوى اخرى تتعلق بالفساد عموما.
وفي الواقع، فان قاضي برازيليا الذي أمر بسحب جواز سفره ليس مختصا في قضية المبنى المؤلف من ثلاثة طوابق والموجودة في صلب دعوى الاستئناف الاربعاء.
وذكرت وكالة “أجنسيا برازيل” الرسمية ان هذا القاضي كان يتصرف في اطار دعوى اخرى تتعلق باستخدام النفوذ وتبييض الاموال تؤخذ على لولا في شأن شراء الجيش البرازيلي طائرات من نوع غريبن المقاتلة من شركة سآب السويدية.
وتوجه الى لولا تهمة الاستفادة من رشى من هذا العقد وقيمته خمسة مليارات دولار ووقع خلال رئاسة ديلما روسيف (2011-2016)
وسيستجوبه قاض في 20 فبراير في اطار هذه القضية.
الاستئناف لم تلغ ترشيحه
و الحقت محكمة الاستئناف التي اكدت ادانة لولا دا سيلفا بتهمة الفساد، ضررا كبيرا بفرص الرئيس البرازيلي الأسبق للترشح الى الانتخابات الرئاسية في اكتوبر، بدون ان توجه ضربة قاضية الى امكانية ترشحه.
ادى حكم محكمة بورتو أليغري (جنوب) الى وضع غير مسبوق من الشكوك في البرازيل، حيث يمكن اعلان الاوفر حظا في استطلاعات الرأي غير مؤهل لانتخابه، لكن قبل فترة قصيرة جدا من الانتخابات.
وفي قرار كان متوقعا، اعتبر القضاة الثلاثة الاربعاء ان لولا دا سيلفا متهم بعدم التحرك لمواجهة الفساد وبتبييض اموال لانه حصل على منزل من ثلاثة طوابق تبلغ مساحته 300 متر مربع، ويؤكد انه لم يتسلم مفاتيحه.
وبلهجة استفزازية، قال لولا دا سيلفا بعد الحكم الذي يرفع مدة عقوبة السجن الصادرة عليه الى اكثر من 12 عاما “الآن اريد أن أكون مرشحا للرئاسة”.
لكن المحللين في مركز “كابيتال ايكونوميكس” يقولون ان “الحكم بالاجماع الذي اصدره القضاة قلص عدد امكانيات الطعن المتاحة للولا دا سيلفا”.
وسيشكل هذا القرار محور خلاف كبير بين مؤيدي لولا دا سيلفا ومعارضيه الذين تظاهروا في بورتو أليغري، وفي ساو باولو خصوصا الاربعاء.
فقد تحدث المؤيدون عن مؤامرة سياسية واتهموا القضاء بأنه تسرع كثيرا في الاجراءات ضد رمز اليسار بناء على أدلة هزيلة جدا متأتية من وشاية.
ويعتبر المعارضون ان لولا دا سيلفا وحزب العمال الذي يترأسه، على غرار كل الأحزاب السياسية في البرازيل منذ عقود، غارقان في الفساد وأنه يستحق السجن. ويواجه لولا دا سيلفا ست دعاوى أخرى يرتبط معظمها بقضايا فساد.
وقد قال لياندرو بولسين أحد القضاة الثلاثة في بورتو أليغري، لوكالة فرانس برس إن “الشقة المؤلفة من ثلاث طبقات ليست الأخطر”.
وتنجم عن خسارة لولا دعوى الاستئناف عواقب خطيرة على صعيد الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتشكل بداية لمعركة قانونية طويلة على الأرجح وقاسية قبل اقل من تسعة اشهر على الانتخابات في أكبر بلدان أميركا اللاتينية.
وقال فرناندو شولر من “معهد اينسبر” ان “هذا وضع غير مسبوق في البرازيل”. واضاف ان “لولا دا سيلفا هو الأوفر حظا في الانتخابات، وترشيحه يواجه شكوكا كبيرة. الوضع مأساوي للديموقراطية”.
وذكرت “كابيتال ايكونوميكس” ان قرار القضاة “يعقد مسيرة لولا دا سيلفا نحو الانتخابات الرئاسية، لكنه لا يوقفها”. واضافت ان “هناك احتمالا بنسبة حوالى 30% ان يتمكن من الترشح للمشاركة في هذا السباق”.
وهذا هو ايضا الاحتمال الذي يطرحه محللو مؤسسة “اوراسيا غروب” حول امكانية انتخاب لولا دا سيلفا. وكتبوا ان “رهانه الرئاسي لم يدفن (…) وان كانت النتيجة هي الأسوأ للولا دا سيلفا”. واضافوا “لهذا السبب، لا نرى ان فرصه في المنافسة تقل عن 30%”.
وسيتمكن محاموه من رفع المسألة الى هيئات عليا، حتى المحكمة العليا.
لكن كلما سارع القضاء الجنائي والانتخابي في البت في القضية، ازدادت مخاطر نزع اهلية لولا. ويتعين على المرشحين ان يعلنوا ترشيحاتهم قبل غشت، وليس من مصلحة لولا دا سيلفا ان يسرع القضاء في إنهاء هذا الملف.
ويفيد آخر استطلاعات الرأي ان اكثر من ثلث البرازيليين مستعدون للتصويت في اكتوبر لمصلحة لولا دا سيلفا الذي يتفوق بنسبة 17% على المرشح الذي يليه، النائب اليميني المتطرف خايير بولسونارو.
ولم يترشح الرئيس المحافظ ميشال تامر الذي هز ولايته تعاقب الفضائح، ولا يفرض اي مرشح نفسه على المسرح السياسي.
وهذا الوضع في بلد يشعر فيه السكان بخيبة امل، وحتى باشمئزاز من السياسة، قد يمهد الطريق واسعا لترشيح لولا دا سيلفا لولاية ثالثة.
وقال توماس فافورو من مركز “كونترول ريسكز” ان “لولا دا سيلفا سيبقى على الارجح في الحملة ايا تكن نتيجة المعركة القانونية”. واضاف “سيواصل رفع دعاوى الاستئناف حتى استنفاد كل الامكانات” المتاحة.
وقال ان من مصلحة حزب العمال “الاستمرار بالتشكيك في القرارات القضائية” لتقديمه “كضحية محاكمة دوافعها سياسية”.
وسيتظاهر مؤيدوه في الشوارع “وثمة خطر ملموس بحصول مواجهات عنيفة مع قوى الأمن”.
لكن حزب العمال خسر بريق سنوات لولا (2003-2010) وبات “نمرا من ورق” و”حزب اقلية في الكونغرس”، كما قال فرناندو شولر.
وخلص شولر الى القول ان “اقصى ما يمكن ان يفعله (الحزب) هو التمكن من اغلاق بعض الطرق”.
مزيدا من دعم أنصاره
على بعد يوم واحد فقط من انطلاق محاكمته استئنافيا، كثف أنصار الرئيس البرازيلي الأسبق، لويس اينياسيو لولا دا سيلفا (2003-2010)، الذي أدين العام الماضي بتسع سنوات ونصف سجنا بتهم الفساد وتبييض الأموال، أعمال دعمهم دفاعا عن براءة القيادي اليساري من التهم الموجهة إليه وعن حقه في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة التي يرجح فوزه بها.
وتظاهر أمس نحو 150 شخصا أمام مقر المجموعة الإعلامية “غلوبو” بريو دي جانيرو احتجاجا على موقفها الايجابي من إدانة دا سيلفا استئنافيا خلال محاكمته التي ستبدأ غدا الأربعاء في ظل حراسة أمنية مشددة ببورتو أليغري جنوب البلد الجنوب أمريكي.
ونظمت هذه المظاهرة تلبية لنداء حركة “أشخاص من دون أرض”، أحد أقوى داعمي الرئيس الأسبق، الذي يواجه تهما بالاستفادة من شقة فاخرة بحي غواروا الشاطئي الراقي (ولاية ساو باولو) منحتها له شركة البناء والأشغال العمومية “أو أ أس”، مقابل امتيازات منحها لها حينما كان يتولى شؤون البلاد.
وحج إلى مدينة بورتو أليغري، التي ستجري بها أطوار هذه المحاكمة التي ستحسم في المستقبل السياسي لدا سيلفا وفي إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في أكتوبر 2018، آلاف المناضلين المؤيدين للرئيس الأسبق.
واستقر نحو 3 آلاف شخص من أنصار لولا بمخيم يبعد بكيلومتر واحد عن قصر العدالة ببورتو أليغري للإطلاع عن كثب عن القرار القضائي المرتقب (سيتراوح بين إلغاء الحكم الابتدائي السابق أو الإبقاء عليه أو تشديده) الذي من المحتمل أن تتخذه المحكمة ضد القيادي اليساري.
وتظاهر هؤلاء الأنصار، الذين ينتمون الى حركة “أشخاص من دون أرض” والمركزية النقابية الموحدة للعمال وأحزاب اليسار، بشوارع ولاية ريو غراندي دو سول في اتجاه “أنفيثياترو بور دو سول”، وهو فضاء للعروض بالهواء الطلق رخص لهم بالإقامة فيه بمناسبة محاكمة دا سيلفا التي تستقطب اهتماما إعلاميا كبيرا ومن المقرر بث أطوارها عبر موقع يوتوب.
ولا يخفي أنصار دا سيلفا، الذين وصلوا الى المدينة عبر الحافلات والسيارات والقافلات قادمين من مدن مختلفة من البلاد، دعمهم اللامشروط للقيادي اليساري كما تبرز ذلك اللافتات التي يرفعونها والتي تعتبر مضامين بعضها أن “الدفاع عن لولا دفاع عن الديمقراطية”.
وقال الرئيس المحلي للمركزية النقابية الموحدة بولاية ريو غراندي دو سول، كلودير نيسبولو، إن المتظاهرين في الشوارع لإثبات أن “لا أحد يمكن أن يدان من دون أدلة”، معتبرا أن تنظيم انتخابات “لا يشارك فيها الرئيس السابق ستكون بمثابة احتيال”.
ومن جهته، اعتبر زعيم حركة “أشخاص من دون أرض”، بيدرو ستيديل، أن “البرجوازية تتحكم في الكونغرس والقضاء والتلفزيون، فيما ليس أمام الشعب البرازيلي غير الشارع للتعبير عن رأيه”.
ولم يؤكد دا سيلفا بعد حضوره للمحاكمة لأن القضاء لم يحدد ما إذا كان سيحقق معه، ولم يمنع ذلك تدفق أنصار الرئيس السابق على بورتو أليغري، وهو ما آثار مخاوف أمنية أبداها عمدتها، نيلسون مارشيزان.
وكان مارشيزان قد التمس في دجنبر الماضي دعم الجيش للحؤول دون “اجتياح” أنصار دا سيلفا للمدينة، وهو الطلب الذي قوبل برفض وزير الدفاع ، راوول جونغمان.
وسيكون قرار هذه المحكمة حاسما بالنسبة للرئيس السابق، لأن إدانته من قبلها تعني تبديد حظوظه في الترشح لولاية رئاسية جديدة لأن القانون البرازيلي يحظر على المدانين استئنافيا المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية.
كما ينص القانون البرازيلي على أن المدان استئنافيا لا يتمتع بحق إطلاق السراح المشروط، وهو ما يعني أن الرئيس السابق قد يتواجد خلف القضبان إلى غاية استكمال مختلف مراحل المحاكمة.